محلل أمريكي: لا مجال لعقد اتفاقات جيدة مع إيران

آية سيد
محلل أمريكي: لا مجال لعقد اتفاقات جيدة مع إيران

تتفاوض الإدارة الأمريكية مع إيران بطريقة غير مباشرة على مجموعة من التفاهمات لخفض تصعيد التوترات.


يعمل مسؤولون أمريكيون على وضع مجموعة من التفاهمات غير الرسمية مع إيران، بهدف خفض التصعيد، خاصة في ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.

وقال الزميل بمؤسسة كارنيجي للسلام، آرون ديفيد ميلر، إن استباق حدوث أزمة خطيرة تُعد خطوة ذكية ومسؤولة من إدارة الرئيس جو بايدن لا يوجد مجال لعقد اتفاقات جيدة مع طهران، في ظل مشكلات الحرب الروسية الأوكرانية والصين، والانتخابات الرئاسية.

عملية صعبة

في تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الاثنين 14 أغسطس 2023، قال ميلر إن عملية التفاوض مع إيران بشأن القضية النووية صعبة، ولا يمكن التوصل لاتفاقات ناجحة، بل تكتيكية فقط، لافتًا إلى أن قيود واشنطن وسلوكها تُعد جزءًا أساسيًّا من المشكلة التي تواجهها إدارة بايدن اليوم.

لكن، حسب ميلر، تتعامل واشنطن مع نظام قمعي استبدادي، يسجن مواطنيه ويعذبهم ويقتلهم، ويسعى لبسط النفوذ في عدة دول في المنطقة، ويدعم الهجمات ضد القوات الأمريكية، ويلعب دورًا كبيرًا في تأجيج الحرب الروسية الأوكرانية.

القضية النووية

في ما يتعلق بالقضية النووية، أشار ميلر إلى أن الولايات المتحدة لديها مشكلة استراتيجية مع إيران، لكنها تفتقر إلى الحل الاستراتيجي. موضحًا أن كل جهود واشنطن، من الاتفاق النووي في 2015 وصولًا إلى الجهد الأخير لخفض التصعيد عبر مجموعة من التفاهمات، تبادلية ومؤقتة ومجزأة.

وأضاف أن السياسة الداخلية الأمريكية والإيرانية تقيّد كل الجهود الدبلوماسية. فحسب ميلر، أصبحت إيران الآن دولة عتبة نووية، أي لديها القدرة على تطوير جميع العناصر اللازمة لصنع قنبلة. وهذا لا يعني أنها في طريقها للتسلح النووي أو أنها قررت فعل ذلك. لكن، وفق البعض، لديها المعرفة، والتكنولوجيا، والموارد اللازمة للتسلح في غضون عامين.

الخيارات المتاحة

رأى محلل شؤون الشرق الأوسط السابق بوزارة الخارجية الأمريكية أن الطريقة الوحيدة لضمان عدم حصول طهران على أسلحة نووية، هي تغيير النظام إلى آخر لا يرغب في الحصول على هذه الأسلحة، وأقل عداءً للغرب، وأكثر اندماجًا في المنطقة، لكنه اعترف بصعوبة ذلك، لأن الخليفة الأكثر ترجيحًا ستكون حكومة خاضعة لسيطرة الحرس الثوري الإيراني.

وبخلاف تغيير النظام، فإن كل الخيارات المتاحة، التي تشمل الدبلوماسية والضغط الاقتصادي والسياسي، تؤدي إلى حلول مؤقتة فقط، وفق ميلر، الذي لفت إلى أن استخدام القوة العسكرية قد يؤدي إلى تأجيل برنامج إيران النووي، في أفضل الأحوال، وقد يسرّع رغبة إيران في الحصول على القنبلة.

اقرأ أيضًا| تفاهم وضمانات.. واشنطن وطهران على مشارف وقف «إطلاق نار سياسي»

خفض التصعيد

قال المحلل الأمريكي إن إيران وإسرائيل منخرطتان منذ سنوات في لعبة خطيرة من الضربات والضربات المضادة، في الجبهات الجوية والبرية والبحرية والسيبرانية، التي تشمل سوريا ولبنان والعراق والخليج العربي، محذرًا من أن عتبة إسرائيل للعمل العسكري، خاصة عندما يتعلق الأمر ببرنامج إيران النووي، أقل بكثير من الولايات المتحدة.

وفي سياق هذه الخيارات السيئة، وعدم وجود فرصة للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي لعام 2015)، تتفاوض الإدارة الأمريكية مع إيران بطريقة غير مباشرة على مجموعة من التفاهمات لخفض تصعيد التوترات، وفق ميلر.

التفاهمات الإيرانية الأمريكية

حسب ما أوردت الصحافة، تشمل التفاهمات أن يضع الجانب الإيراني حدًا للتخصيب عند 60%، ويُنهي الهجمات بالوكالة على القوات الأمريكية في سوريا، وألا ينقل الصواريخ الباليستية إلى روسيا.

وبالنسبة للجانب الأمريكي، تشمل التفاهمات عدم تشديد العقوبات، وعدم مصادرة ناقلات النفط، وعدم السعي لإصدار قرارات عقابية ضد إيران في الأمم المتحدة أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تفاهمات غير رسمية

لفت المحلل الأمريكي إلى أن ما تنقله الصحافة ليس بالضرورة القصة الكاملة لما جرى الاتفاق عليه، وأن إدارة بايدن لن تتفاوض على اتفاق رسمي مكتوب مع إيران، خشية تفعيل “قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني” لعام 2015، الذي يُلزم الإدارة بتقديم أي اتفاقية نووية مع إيران إلى الكونجرس، في غضون 5 أيام.

لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية تسعى لمجموعة من التفاهمات المتفق عليها، لكن غير مكتوبة، ليجري تنفيذها بنحو أحادي، ربما بدرجة من التنسيق. وفي حين يبدو أن إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين جزء من هذا التنسيق، فإن ميلر جادل أنه يقع في فئة مختلفة.

اقرأ أيضًا| السجناء مقابل الأموال.. الاتفاق المؤقت بين واشنطن وطهران يخرج للعلن

ردود فعل عدائية

قال ميلر إن تلك الترتيبات تحتاج إلى إضفاء الطابع الرسمي عليها ومراقبتها جيدًا، لأن آخر شيء ترغب فيه إدارة بايدن في أعقاب الاتفاق المثير للجدل، الذي ينص على الإفراج عن مواطنين أمريكيين مقابل إلغاء تجميد 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني، هو أن تتخذ طهران إجراءات استفزازية، مثل تخصيب اليورانيوم إلى 90%.

وأوضح أن هذه التفاهمات غير الرسمية ستُقابَل بردود فعل تتراوح من التشكك إلى العداء الصريح، في الكونجرس وإسرائيل. ورأى ميلر أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاقات جيدة مع إيران، سواء مكتوبة أو لا، لافتًا إلى أن بنود التفاهمات المذكورة لن تقلل مخزون إيران من اليورانيوم أو تمنعها من العمل على الطاردات المركزية المتطورة.

ما فائدة التفاهمات؟

لكن فائدة التفاهمات تكمن في تقييم وحساب المخاطر. وأشار المحلل الأمريكي إلى أن واشنطن، التي تواجه الكثير من التحديات، قد ترغب في العمل استباقيًّا لتجنب الكثير من المشكلات، خاصة تلك التي قد تؤدي إلى صراع في الشرق الأوسط ينطوي على عمل عسكري أمريكي.

وختامًا، قال ميلر إن نهج بايدن تجاه إيران ليس جريئًا ولا مثاليًا، لكن من الصعب تخيل بديل أفضل في عالم التعامل مع إيران، الذي تتدرج فيه الخيارات من سيء إلى أسوأ.

ربما يعجبك أيضا