آلية فض النزاع .. أداة الضغط الأوروبي لدفع إيران لإعادة التفاوض

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

في بيان مشترك، أعلنت الدول الأوروبية الثلاثة، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أنها قامت بتفعیل “آلية فض النزاع النووي”، المسماة “آلیة الزناد”، أمس الثلاثاء 14 يناير/ كانون الثاني، ضد إيران.

وفي البيان الذي صدر، قالت الدول الثلاثة: “بالنظر إلى تصرفات إيران، ليس لدينا خيار سوى تسجيل مخاوفنا بشأن فشل إيران في الوفاء بالتزاماتها، في إطار الاتفاق النووي.

وأضافت أنها ستحیل الأمر إلى اللجنة المشتركة للبت فیه، في إطار آلية فض النزاع المشار إليها في الفقرة 36 من الاتفاق النووي.

ووفقًا لتقرير صادر عن “رويترز”، فإن هذه هي أكبر خطوة أوروبية في الرد علی تقلیص إيران لالتزاماتها النووية. ومع ذلك، فقد ذكرت الدول الأوروبية الثلاثة أن هذا لا يعني الانضمام إلى “حملة الضغط الأمريكية القصوى”.

تجدر الإشارة إلى أن الأوروبيين يتخذون هذه الخطوة في الوقت الذي صرح فیه حلفاء واشنطن الأوروبيون، في وقت سابق، بأنهم يحاولون منع التدمير الكامل للاتفاق النووي.

وكان رئيس الوزراء البريطاني قد صرح بشأن الاتفاق النووي، إنه “في حال التخلص من الاتفاق النووي الذي وقَّعته الدول الغربية مع إيران، يتعين إيجاد بديل له، وأن يحل اتفاق ترامب محله”.

وفي 5 يناير (كانون الثاني)، أعلن النظام الإيراني، استمرارًا لخفض التزامات طهران المنصوص عليها في الاتفاق النووي، إلغاء آخر القيود العَمَلانية بالاتفاق والتي تتضمن سعة تخصيب اليورانيوم، ونسبة التخصيب، وحجم المواد المخصبة، والبحث، والتنمية.

آلية فض النزاع

ووفقًا للآلية الموضحة في الاتفاق النووي، سيخطر الاتحاد الأوروبي الأطراف الأخرى، بما في ذلك روسيا والصين، وكذلك إيران نفسها. وبعد ذلك، سيكون هناك ثلاثة أيام لتسوية النزاع، وسيتم تجديد هذا الموعد النهائي بتوافق الآراء.

وتشرف “آلية الزناد” على الفقرتين 36 و37 من الاتفاق النووي. وتم إيجادها في إطار الآليات الداخلية لحل أي نزاع بهذا الاتفاق.

في حال فشل التوافق في إطار آليات حل النزاعات الداخلية، يمكن أن توضع القضية النووية الإيرانية على طاولة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ويعيد المجلس جميع العقوبات السابقة التي تم رفعها بعد توقيع الاتفاق النووي.

وتراهن طهران على موقفها القانوني، معتبرة أن سياسة خفض الالتزام النووي التي اتبعتها تجاه الاتفاق النووي؛ كانت رد فعل على سياسة أوروبا والولايات المتحدة الذين لم يقوموا بتنفيذ خطوات الاتفاق النووي من جانبهم.

ترحيب أمريكي

وقد رحَّب رئيس مجموعة العمل الخاصة بإيران في وزارة الخارجية الأمريكية، براين هوك، في تصريحات جديدة، بموقف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من الاتفاق النووي، قائلًا: “لم يتبقَّ شيء کثير من الاتفاق النووي”.

ونقلت وكالة رويترز، أمس الثلاثاء 14 یناير (كانون الثاني)، عن هوك قوله: “نحن سعداء للغاية بأن رئيس الوزراء البريطاني يوافق على تقييمنا للاتفاق النووي مع إيران.. لم يتبق شيء کثير من الاتفاق النووي”.

وقد قال هوك: “نحن نرحب بقرار الأوروبيين تفعيل آلية الزناد”، مضيفًا:  “يجب على الأوروبيين التخلي عن الاتفاق النووي والانضمام إلى جهود الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران”.

وقد شدد مسؤولون أمريكيون كبار، من ضمنهم الرئيس دونالد ترامب، مراراً وتكراراً، على أنهم يريدون اتفاقًا جديدًا مع إيران يضمن عدم امتلاكها أسلحة نووية.

إنتاج قنبلة نووية

من ناحية أخرى، تزامنًا مع إعلان فرنسا وبريطانيا وألمانيا تفعيل آلية فض النزاعات المعروفة باسم “آلية الزناد”، ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أنه وفقًا لتقديرات مخابرات الجيش الإسرائيلي، فإن إيران يمكنها إنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية واحدة، بنهاية هذا العام (2020).

وعلى الرغم من تخلي إيران عن التزامها نسبة التخصيب، کتبت صحيفة “هآرتس”، يوم الثلاثاء 14  يناير (كانون الثاني)، أنه وفقًا لتقديرات مخابرات الجيش الإسرائيلي، فإن قدرة الصواريخ الإيرانية لا تكفي لحمل رأس نووي، وقد تستغرق هذه المرحلة ما لا يقل عن عامين.

الإجماع ضد إيران

يرى خبير الشؤون الدولية يوسف مولائي أن تفعيل آلية فض النزاع يعني عودة العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي، ومن المتوقع إعادة تفعيل قرارات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد إيران، وبالتالي ستتاح الفرصة للولايات المتحدة لعنونة إيران على أنها تهديد للسلام والأمن الدوليين.

وجهة نظر الخبير في الشؤون الدولية أن الإجماع العالمي ضد إيران أصبح قريبًا جدًا، وقد يتشكل بسرعة كبيرة، متسائلاً: كيف ستتمكن إيران من إنهاء المخاوف الأوروبية، في الوقت الذي تنعدم فيه المؤشرات الإيجابية حول وجود أي محاولات لذلك من قبل الخارجية الإيرانية والجميع يسير نحو تدمير الاتفاق النووي.

ويرى مولائي أن إيران مخطئة في حساباتها، وظنت أن الضغط على أوروبا سيدفع أمريكا للتراجع، وعليه فإنه يجب على إيران تقييم سياساتها من جديد وإعادة بناء الثقة مع العالم.

سيناريوهان

وترى صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية، أن ملف إيران لن يطرح في مجلس الأمن الدولي من جديد، وتعتقد الصحيفة أن هناك سيناريوهين على الطاولة الأوروبية.
أولاً: متابعة آلية فض النزاع بسرعة حتى إعادة عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران.

والطريقة الثانية هي التأني وضبط هذا الضغط على إيران بطريقة يمكن من خلالها توجيه إيران إلى الطريق المطلوب.

وترى الصحيفة أن سيناريو الضغط الأقصى غير مثمر بالنسبة لأوروبا؛ لأنهم يعلمون أن زيادة العقوبات على العقوبات الحالية لن يكون لها تأثير كبير، بل يمكنها حتى تنشيط مجموعات الدفاع عن إيران.

لكن الأوروبيين يميلون إلى السيناريو الثاني؛ لأنهم يعلمون أن حكومة روحاني تعتبر التفاوض أفضل حل في كل الظروف، وعليه فإنهم بحركة تفعيل آلية فض النزاع يرغبون في إعادة إيران إلى مسار المفاوضات.

ربما يعجبك أيضا