أبي.. هل رحلت حقاً؟!

هدى اسماعيل

كتبت – هدى إسماعيل

فوجئت صباح اليوم بأنه عيد الأب، مر على رحيلك 6 أشهر و7 أيام لا أعلم كيف حدث ولكن المؤكد أن الأيام والشهور ستصبح سنين باهتة ولكن أرحلت حقا؟، حقيقة لا أستطيع حتى الآن تقبلها، أحدثك كل يوم قبل النوم وتسمعني أرى يديك تخفف عني وتمسح دموع قلبي وعيني، سامحني فلم أكن أعلم أنك مصدر قوتي بعد الله إلا بعد رحيلك.

يا أبي أو كما كنت أناديك بـ”أبويا” لم تكن ككل الآباء فقد كانت البنات هن الأقرب إلى قلبك من البنين، تتباهى بهن أمام الجميع.
“بنتي صحفية” كانت عبارة ملازمة لك عند لقائك بأي أحد، وكأنك تعلنها للعالم ها هي ثمرة عمري، وفلذة كبدي .

منذ طفولتي وأنا أراك متفانيًا في عملك لم تتأخر عن واجبك حتى إنك أورثتني قيمة الوقت أهمية الوقت وكيفية استغلاله، فقد كنت منضبطًا كالساعة في كل شيء، رحلت وتركت لي الكثير والكثير.

“إحنا اللي نستنى القطر مش هو اللي يستنانا” كانت تلك جملته الثابتة عند السفر، وكان لا يحب السرعة أو التأخير كان كل شيء بحساب، مواقف كثيرة لا يكفيها حروف أو كلمات أو حتى حلقات متتابعة لسرد سنوات عمري القادمة ولكن هناك مواقف لا أنساها، أتذكر وأنا في المرحلة الابتدائية مرت علينا ضائقة مالية وكان الأهم عند أبي وأمي إتمام مراحل تعليمنا أنا وإخوتي فكان الاجتماع على “طبلية” الأكل لكي يوضح حالتنا المالية وأن المنزل ومتطلباته ستتأثر ولكن التعليم لن يتأثر وكنت بالفعل أتذكر كلمته حتى الآن ترن في أذني “مش هناكل لحمة كتير.. معلهش” ولأن أبي وأمي زرعوا بداخلنا منذ الصغر كلمة المسؤولية كان الرد: “حاضر يا بابا”.

رائحة وحب السفر عالقة بين ذاكرتي عشقت السفر منذ الصغر كعشقك له وتجنبت البحر منذ رحيلك، أتعلم أن المنزل كما تركته لم يتغير به شيء سوى غيابك ويا ليتك تعلم ماذا فعل غيابك؟.

اطمئن، يا أبي إخوتي بخير كلنا ندعي ذلك، أما أمي رفيقتك في الطريق تناديك كل ليلة أملا في الإجابة، كنت مثالا للزوج الوفي وخير الآباء، كنت أتمنى أن ينعم أحفادك بك كما نعمنا نحن بأجدادنا ولكن كان للقدر كلمة أخرى، ولعل في اللقاء القادم معك الخير لنا جميعا.

ربما يعجبك أيضا