أمام أعين أوروبا.. عودة تنظيم داعش داخل مخيم الهول!

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

وسط مطالبات بإعادة عوائل أعضاء تنظيم داعش من حملة الجنسية الأوروبية إلى أوطانهم، حذرت  بعض الحكومات الأوروبية خاصة ألمانيا، من أن مخيم الهول في شمال سوريا تحول إلى “مرتع لإرهاب داعش”، مضيفة أن نساء التنظيم يحضرن الأطفال ليصبحوا”الجيل القادم” لداعش.

بات معروفا أن دول أوروبا وخاصة الاتحاد الأوروبي لا تشترك بسياسات موحدة لذا تفاوتت الإجراءت التي تتخذها الحكومات الأوروبية ضد عناصر داعش العائدين من القتال، فلا توجد معايير موحدة.

صرحت ” ناتاشا بيرتو” ممثلة المفوضية الأوروبية وفقا لـ”سبوتنيك” في 22 فبراير 2019  بأن أجهزة حماية القانون التابعة لدول الاتحاد تعتبر ملزمة بشكل مباشر بإقرار إمكانية عودة مواطنيها الذين شاركوا في العمليات العسكرية في سوريا بصفتهم عناصر مسلحة في صفوف تنظيم ” داعش”.

وأضافت: فيما يتعلق بإمكانية عودة المقاتلين الأجانب وأفراد عائلاتهم ممن يحملون جنسية الاتحاد الأوروبي فإن هذا القرار يعتبر أولا وقبل كل شيء من الاختصاص الوطني لكل دولة بمفردها من الدول الأعضاء.

بلجيكا

تعمل السلطات البلجيكة بنشاط وجهود واضحة من أجل إعادة الأطفال الصغار من أبناء الدواعش، الموجودين حالياً في مخيمات على الأراضي السورية.

ورفضت الحكومة تحديد موعد أو جدول زمني لتحقيق هذا الأمر، ووصفت الملف بأنه دقيق للغاية، ويؤكد الموقف الرسمي البلجيكي أن السلطات تريد تسهيل عودة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات شرط إثبات أن أحد الأبوين بلجيكي.

قالت بلجيكيتان انضمتا لتنظيم  داعش في سوريا إنهما بدأتا تفقدان الأمل في عودتهما إلى بلجيكا/ بعد أن نقضت محكمة بلجيكية حكما كان يقضي بإعادتهما للبلاد مع أطفالهما الستة.

وقالت تاتيانا فيلانت وبشرى أبو علال – وكل منهما في السادسة والعشرين من عمرها- إنهما على استعداد لإرسال أطفالهما إلى بلجيكا من أجل معيشة أفضل والبقاء في سوريا إذا وصلت الأمور إلى هذا الحد رغم ما في ذلك من معاناة لهما.

ألمانيا

تسلمت ألمانيا في أوغست 2019 من الإدارة الذاتية الكردية أربعة اطفال أيتام، وكذلك وصلت أمرأة مع أطفالها الثلاثة يوم 05 أبريل 2019 مطار شتوتغارت، وتشترط ألمانيا عودة جهاديي داعش الألمان وفق شروط مشددة جدا أبرزها تحديد هوية الأشخاص.

بريطانيا

منحت محكمة الاستئناف في بريطانيا يوم 15 يوليو 2020، حق العودة لشميمة بيغوم إلى المملكة المتحدة، للطعن في قرار الحكومة الخاص بسحب جنسيتها البريطانية على خلفية انضمامها لتنظيم  داعش في سوريا في العام 2015. 

يذكر أن شميمة غادرت بريطانيا وهي تبلغ من العمر 15 عامًا في العام 2015 للسفر إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم  وتم العثور عليها في مخيم للاجئين في العام 2019 وطلبت العودة إلى المملكة المتحدة.

وأفاد أليكس يونغر رئيس الاستخبارات الخارجية البريطانية، بأن بريطانيا لا يمكنها منع مواطنيها المنتمين لـ”داعش” من العودة إلى بلادهم.

وأضاف: مثل هؤلاء لا يمكن منعهم إذا ما قرروا العودة للمملكة المتحدة، رغم احتمال تمثيلهم خطرا بالغا، ولكن ربما تكون هناك حاجة لقدر كبير من المعلومات للتأكد من كونهم لا يمثلون تهديدا.

ورغم ذلك أعلن الوزراء البريطانيين رفضهم السماح بعودة 9 من المتطرفين البريطانيين التابعين للتنظيم الإرهابي إلى المملكة المتحدة.

فرنسا

تسعى عائلات المواطنين الفرنسيين الذين انضموا إلى تنظيم “داعش” دفع الحكومة الفرنسية إلى إعادتهم، لكن أصبحوا أكثر يأساً منذ “اختفاء” عشرات من أقاربهم في مخيم الهول في شمال سوريا وبحسب معلومات العائلات، فقد تم اقتيادهم من خيمهم ليتم تسجيلهم.

الحكومة الفرنسية  تقول إنها تلتزم بالقانون الدولي وقد استعادت فرنسا حتى الآن نحو 30 طفلاً من تلك المخيمات خلال عام 2020، إلا أنها لم تستعد النساء والرجال، لكن تركيا قامت بترحيل نحو 200 مواطن فرنسي بموجب اتفاقية ثنائية.

وتتمركز عائلات  تنظيم داعش في سوريا في مخيمين رئيسين : مخيم الهول في ناحية الهول شرق مدينة الحسكة، ومخيم روج في قرية ديريك شمال مدينة الحسكة.

مخيم “الهول”

ـ قسم “الأنصاريات” : وهو قسم خاص بمعتقلات عائلات داعش، نساء وأطفال، من الجنسية السورية والعراقية  ويقدر العدد الكلي الحالي لهذا القسم بـ 560 ألف أمرأة وطفل وفقا لمصادر موثوقة إلى مجلة المجلة من داخل سوريا موزعة كما يلي:

29000  طفل وامرأة  من العراق.

27000   طفل وامرأة  من سوريا.

– قسم المهاجرات: يتألف هذا القسم من فرعين:

فرع المهاجرات مع أطفالهن من الدول التالية: المغرب، ومصر، وتونس، والجزائر، والصومال، ولبنان، والسودان، وليبيا، وفلسطين واليمن. 

ويبلغ العدد الكلي الحالي لهذا الفرع حوالي 1650 امرأة و طفل.

– فرع المهاجرات، ويتضمن الجنسيات التالية:  روسيا، وأوزباكستان، وكازاخستان، وأستراليا، وأمريكا،  وبريطانيا، والسويد، وتركيا، وفرنسا، وبلجيكا، وألمانيا، والدانمارك، وسويسرا وماليزيا.

يبلغ العدد الكلي الحالي لهذا الملحق حوالي  7500 طفل وامرأة.

وتقوم إدارة” قسد”  حاليآ بنقل عدد من العائلات مع أطفالهن من مخيم الهول إلى مخيم  روج، وذلك بهدف تخفيف الضغط السكاني بمخيم الهول.

مخيم روج

يعتبر مخيم روج، مخيما صغيرا مقارنة بمخيم  “الهول”، أي أن طاقته الاستيعابية صغيرة مقارنة بالطاقة الاستيعابية لـ”الهول”.

يتألف المخيم من قسمين رئيسين:  قسم “الأنصاريات”: يتضمن عدد من عائلات داعش من الجنسيات العراقية والسورية، ويعتبر عدد العائلات السورية والعراقية في هذا المخيم قليل جدآ مقارنة بعدد العائلات السورية والعراقية في مخيم الهول.

عدد العائلات السورية والعراقية في المخيم كالآتي: العراق حوالي 80 عائلة : 50 أمرأة  و 190 طفل، وسوريا حوالي 20 عائلة مؤلفة من  14 امرأة  و 46 طفل.

بالأضافة إلى وجود العائلات من سوريا والعراق في هذا المخيم يوجد أيضآ عدد من عائلات داعش نساء من دول عربية أخرى وخاصة من: تونس والمغرب  و الجزائر و مصر و الصومال ويبلغ عددهن مع أطفالهن حوالي 600 251  أمرأة و 350  طفل. 

يذكر ان تلك العائلات  من الدول العربية نقلوا مؤخرامن مخيم الهول إلى مخيم روج.

قسم الأجانب “المهاجرات”: ويتألف من عدد من العائلات من الدول الأجنبية وخاصة من: فرنسا، وألمانيا، والنرويج ، وهولندا ، وروسيا ، وتركيا، وبريطانيا  و سويسرا.

ويبلغ العدد الكلي الحالي لهذه العائلات الأجنبية حوالي 1000  امرأة و طفل.

الوضع الأمني داخل مخيمي الهول و روج:

 يعتبر مخيم الهول من أكثر المخيمات التي تشهد تطورات أمنية من قبل نساء وأطفال داعش وخاصة في القسم الثاني الذي يضم عائلات داعش من الجنسيات الأجنبية من النواحي التالية:

قامت نساء داعش بتشكيل مجموعات سرية لمتابعة وضع المعتقلات من ناحية مدى ألتزامهم بفكر داعش وعقيدته، ومحاسبة كل من تخالف هذه الأفكار إلى درجة تصفية المخالفات.

وقامت نساء داعش بتشكيل الشرطة الإسلامية “الحسبة” داخل المخيم يتكون عناصرها من النساء الأجنبيات وذلك لمراقبة ومحاسبة النسوة اللواتي يحاولن التخلي عن فكر داعش وعقيدته من حيث  التصرفات  والسلوك  ونزع النقاب واللباس الشرعي.

وقامت نساء داعش بتشكيل محاكم شرعية داخل المخيم لمحاكمة أي أمرأة تخالف أفكار ونهج داعش.

هذا فضلا عن محاولة نساء داعش الأجنبيات التواصل مع أزواجهن وتحريض المعتقلين الدواعش بالقيام بمحاولات تخليصهن من الاعتقال بالقيام بعمليات أرهابية ضد حراس المخيم.

 حوالات مالية من الخارج

تحصل عائلات داعش على حوالات مالية خارجية عبر مكاتب حوالت تعتمدها قوات سوريا الديمقراطية:

ـ حوالات مالية من ذويهم في بلدانهم وهي حوالات شهرية.

ـ حوالات مالية عبارة عن تبرعات من جمعيات خيرية لها علاقة بداعش.

الحوالات المالية يتم استخدامها وإدارتها من قبل شرطة “الحسبة” وفق الألية التالية:
تصرف الحوالات المالية على الحياة اليومية لعائلات داعش  وقسم من الحوالات المالية يتم إدخاره واستخدامه لاحقآ في تهريب النساء والأطفال من المخيم “بدفع أموال للمهربين”.

هذه الحوالات المالية تأتي إلى المخيم عن طريق بعض مكاتب التحويل التي لها علاقة بداعش مثل مكتب الشام ، ومكتب  الريم  و مكتب الرشيد. 

تحاول نساء داعش حاليآ في قسم المهاجرات بالحصول على أسلحة فردية من خلال شراء هذه الأسلحة من أجل القيام بعمليات قتل الحراس والهروب من المخيم.

 وتقوم نساء داعش في المخيم وخاصة بقسم المهاجرات بأعطاء تدريبات سرية لأطفال داعش مادون 15 سنة لتدريبهم على عمليات القتل والعنف وإعادة تأهيل وتشكيل “أشبال الخلافة” داخل المخيم. 

هناك حاليآ التحضيرات لتشكيل فريق إعلامي سري داخل المخيم مؤلف من بعض النساء والفتيات اللواتي يقومن باستخدام الهاتف النقال وتسجيل مقاطع فيديو من داخل المخيم  عن الأوضاع الخدمية السيئة داخل المخيم ومعاناة النسوة صحيآ وخدميآ وأمنيآ  وتسريب هذه الفيديوهات إلى صفحات على شبكة التواصل الأجتماعي الموالية لداعش وذلك بهدف تحريض عناصر داعش والموالين له في الخارج لمهاجمة المخيم.

ويتم تسريب الفيديوهات بشكل خاص إلى صفحة مآسي مخيم الهول  ووكالة أنباء مخيم الهول.

أما مخيم روج فهو يخضع إلى إدارة أمنية أفضل من مخيم الهول وذلك لصغر حجم المخيم، بالأضافة إلى أن أغلب النسوة في هذا المخيم وخاصة الجنسيات العراقية والسورية وبعض من الجنسيات الأجنبية تريد العودة إلى بلدانها والتخلي عن فكر داعش وعقيدته، حيث لوحظ تخلي قسم منهن عن ارتداء النقاب والملابس الشرعية الخاصة بداعش.

الوضع الخدمي داخل المخيمين

تركز “قسد” بالدرجة الأولى على ضبط الوضع الأمني والحراسة المشددة على هذين المخيمين، مقابل إهمال إدراة  “قسد” للجوانب الخدمية المختلفة.

وتعاني المخيمات كثيرآ من نقص الخدمات خاصة عندما يتعلق الأمر بخدمات ورعاية الأطفال، ومن ذلك:

ـ عدم توفر الخدمات الصحية بشكل كافِ.

ـ عدم توفر المياه الصالحة للشرب بشكل كافِ.

ـ عدم توفر الخدمات التعليمية للأطفال.

ـ عدم توفر الخدمات الغذائية الجيدة السليمة.

ـانتشار الأمراض والأوبئة المزمنة.

تقييم مخاطر التطرف والإرهاب في مخيم الهول ومخيم الروج شرق سوريا

اتخذت دول أوروبا مواقف سياسية متقاربة ضد مشروع استعادة مقاتليها من سوريا والعراق، تحديدا في مخيم “الهول” وشرق سوريا، بعض دول أوروبا ما زالت “تتحجج” تحت عدم توفر البيانات والمعلومات حول مواطنيها في مخيمات سوريا بسبب عدم وجود خدمات قنصلية في سوريا، بسبب عدم وجود تمثيل دبلوماسي هنا.

الاستخبارات الأوروبية، تعتبر عودة مقاتلي داعش بينهم النساء والاطفال يمثل خطرا على أمن دول أوروبا، إلى حد الكثير من أجهزة الاستخبارات الأوروبية، تصفهم بـ”القنابل المؤقته”.

وتعتقد الحكومات الأوروبية، أن اطفال ونساء داعش هم أكثر خطورة من الرجال كون المرأة هي المسؤولة عن النشأ الجديد، ولها دور في نشر التطرف مجتمعيا، من خلال علاقاتها الخاصة أو عبر الانترنت.

الأطفال دون سن العاشرة، أيضا تعتبرهم الحكومات الأوروبية، خطرا مستقبليا ضمن مبدأ “اجترار التطرف” أي عندما يبلغ الطفل ويكتشف أنه فقد والديه أو أحدهما، ممكن أن يثأر لهم بتنفيذ عمليات إرهابية.

القوانين الأوروبية تلزم الحكومات باستعادة مقاتلي داعش، وهذا مادفع العديد من ذوي عناصر داعش وأنصارهم، لتقديم دعاوى ضد حكوماتها، وكسبت القضايا، باسترجاع بعض نساء وأطفال تنظيم داعش.

إن بقاء عناصر داعش في مخيم الهول ومخيمات شرق سوريا وكذلك في العراق، دون استعادتهم هذا يعني، أن بعض التنظيمات المتطرفة، او حكومات أخرى متورطة في الإرهاب والتطرف ممكن أن تستفد منهم من جديد ضمن سياسية، تدوير التطرف والإرهاب.

إن ابقاء عائلات تنظيم داعش هناك تحت ظروف حياتية صعبة، تزيدهم تشددا وتطرفا، ليصبحوا ظاهرة تطرف وإرهاب من جديد، ربما تهدد أمن المنطقة، وكذلك أمن أوروبا.

وقد حثت “ميشيل باشيليه” المفوضة الأممية السامية لحقوق الإنسان، دول العالم على إعادة مقاتلي “داعش” واسرهم، وقالت: يتعين إعادتهم، إلا إذا كان ستتم محاكمتهم عن جرائم وفقا للمعايير الدولية.

وحذرت من سحب جنسيات من ذهبوا للقتال ضمن صفوف “داعش” في سوريا أو العراق.

مازال الاتحاد الاوروبي بحاجة إلى توسيع التعاون مع دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في مجال محاربة الإرهاب والتطرف، رغم ما اتخذه الاتحاد من خطوات إيجابية في محاربة التطرف والإرهاب.

وشدد قرار مجلس الأمن في 19 يوليو 2019 على تنسيق الجهود للتعامل مع الإرهاب الدولي وحث القراررقم (2482)،على تعزيزالتعاون والجهود من أجل تدعيم استجابة لمكافحة الإرهاب الدولي.

ما تحتاجه دول أوروبا، هو أن تحسم أمرها باستعادة مقاتليها الأجانب، من جانب أخر يجدر بدول المنطقة، أن يكون هناك تحالف عربي أوروبي، في موضوع إيجاد حل امخيمات عناصر داعش في دول المنطقة.

ما تحتاجه دول أوروبا و دول المنطقة، هو التعاون في محاربة التطرف والإرهاب، من خلال إعادة البنى التحتية ومشاريع تنمية، إلى جانب مساهماتها داخل التحالف الدولي.

ربما يعجبك أيضا