إثيوبيا تريد شراء الخط الساحلي من أرض الصومال.. هل تنجح الصفقة؟

شروق صبري
تأجير أراضي

تزيد صفقة استئجار إثيوبيا مساحة ساحلية في أرض الصومال حدة التوتر في البحر الأحمر، فما السبب؟


تبدو الصفقات العقارية السيادية وكأنها تاريخ قديم، لكنها موجودة، فحتى بداية عام 2024، يمكن أن تصبح أراضي الدولة سلعة يمكن بيعها أو تأجيرها بالسعر المناسب، قد تبدو هذه الممارسة مثل النهب، لكنها بديل أفضل من أخذها بالقوة العسكرية.

ومن هذا المنطلق، تسعى دولة غير ساحلية إلى استئجار مساحة من دولة على امتداد ساحل البحر؛ والدفع مقابل الإيجار أو الشراء قابل للتفاوض، لكن ليس نقدًا، وإنما عن طريق الاعتراف بأرض الصومال كدولة ذات سيادة.

استئجار مساحة ساحلية

في الأول من يناير 2024، وقعت إثيوبيا، أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان والتي لا تتمتع بإمكانية الوصول إلى البحر، اتفاقًا مبدئيًا لاستئجار مساحة ساحلية بطول 20 كيلومترًا (12 ميلًا) من أرض الصومال لمدة نصف قرن.

وقالت وكالة “بلومبرج” الأمريكية، اليوم الأربعاء 3 يناير 2024، إنه من المتوقع إجراء المزيد من المفاوضات، حول الأسعار وشروط الدفع، ويمكن أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي في أقرب وقت هذا العام.

مشاكل أمام البيعة

تكمن المشكلة الرئيسة في أن البائع هو دولة انفصالية تسمى أرض الصومال، والتي تفتقر إلى المكانة الدولية، ويقول مالك الأرض المعترف به من قبل الأمم المتحدة، الصومال، إن الصفقة غير قانونية، كما أن هناك مشكلة أخرى وهي مسألة المال، فإثيوبيا، المتورطة في حرب أهلية مستعرة، دولة فقيرة عجزت عن سداد ديونها السيادية الدولية في بداية العام؛ وبدلًا من تقديم النقود في هذه الصفقة، تقدم جزءًا من شركة الطيران المملوكة للدولة مقابل استئجار مساحة ساحلية من أرض الصومال.

كما تقدم إثيوبيا هدية دبلوماسية مجانية، فهي ستقبل بأرض الصومال كدولة مستقلة، مما يزيد من تأجيج التوترات في القرن الإفريقي.

ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة بالفعل العديد من الصراعات المسلحة، بالإضافة إلى تصاعد أعمال القرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن، بما في ذلك  الصراعات عبر اليمن. وحتى الآن، لم تعترف سوى تايوان بأرض الصومال كدولة، رغم إعلان المنطقة الإفريقية استقلالها في عام 1991.

خريطة إثيوبيا والصومال

خريطة إثيوبيا والصومال

تقسيم الدول

يمكن القول أنه لم تنجح تجربة أفريقيا الأخيرة في إنشاء دولة مستقلة (جنوب السودان في عام 2011) كما كان مخططا لها، خصوصا مع انزلاق البلاد مرة أخرى إلى الصراع المدني.

إن تقسيم الصومال إلى قسمين أو حتى 3، كما قد تحذو منطقة انفصالية أخرى في الصومال تسمى بونتلاند حذوها، قد يؤدي إلى خلق المزيد من الدول الفاشلة في المنطقة التي تسيطر على مصب البحر الأحمر، وعلى هذا النحو، فإن الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال يعد أكثر من مجرد غرابة تاريخية، بل قد يؤدي إلى تعميق الصعوبات في نقطة الاختناق الحاسمة للتجارة العالمية.

دول تشترى عقارات من ملوك آخرين

إن تاريخ العلاقات الدولية مليء بالدول التي تشتري أو تستأجر الأراضي من ملوك آخرين، في أحد الأمثلة المبكرة، اشترت اسكتلندا جزيرة “آيل أوف مان” والعديد من الأراضي الأخرى من النرويج في عام 1266، وفي القرون التالية، شاركت دول بما في ذلك فرنسا وروسيا والدنمارك والمملكة المتحدة والبرازيل في معاملات الأراضي.

وكان للولايات المتحدة نصيب من هذه الصفقات فقد حصلت الولايات المتحدة تنتمي إلى فئة بحد ذاتها. كما أقدمت الولايات المتحدة على شراء معظم أراضي لويزيانا لحوض المسيسيبي، كما باعت إسبانيا فلوريدا، وباعت روسيا ألاسكا أثناء قيامها بتجميع كتلتها الأرضية العابرة للقارات.

صفقات بيع حديثة

وأحدث مثالين على صفقات الأراضي السيادية كانا في عامي 1958 و1963، في الأول، اشترت باكستان مدينة جوادار الساحلية، التي كانت حتى ذلك الوقت جيبًا تسيطر عليه عمان مقابل 2 مليار دولار بقيمة اليوم، وفي الحالة الأخيرة أعادت ألمانيا شراء 3 بلدات صغيرة كانت قد خسرتها أمام هولندا في نهاية الحرب العالمية الثانية، مقابل ما يُعادل 715 مليون يورو (784 مليون دولار) بقيمة اليوم.

منذ ذلك الحين، جفت سوق الاستحواذ على الأراضي السيادية، لقد تغيرت الحدود الدولية، ويرجع ذلك أساسًا إلى الصراع، على سبيل المثال، فقدت إثيوبيا إمكانية الوصول إلى البحر في عام 1993، بعد حرب إريتريا من أجل الاستقلال.

وبطبيعة الحال، يتطلب الأمر اتفاقًا بين شخصين، وكثيرًا ما لا يجد المشتري المتمني أي بائع، فعلى سبيل المثال فإن احتمال تأجير  أوكرانيا أراضيها لروسيا، أو أن موسكو تعرض الدفع لكييف غير ممكن.

ربما يعجبك أيضا