ارتفاع مستوى التضخم يهدد القوة الشرائية في إيران

يوسف بنده

رؤية

قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أمس الخميس 21 مارس، بمناسبة رأس السنة الإيرانية، إن الإيرانيين واجهوا صعوبات كثيرة في حياتهم المعيشية، في العام المنصرم. وإن هدف الحكومة في العام الجديد هو توفير السلع الأساسية بالمقدار المطلوب للشعب الإيراني. وإن العام الجديد سيكون عام احتواء التضخم، وضبط سعر الصرف، والمزيد من الصداقة مع الجيران.

وأعلن مركز إحصاء إیران، تزامنا مع خطاب روحاني، أمس الخميس، في تقرير له، حول مؤشر أسعار المستهلك، أن متوسط معدل التضخم للعام الإیراني المنصرم بلغ 26.9 في المائة، وهو ما يُعدّ أعلى معدل تضخم في السنوات الخمس الماضية.

وكان معدل التضخم منذ 2013 حتى عام 2018 أقل من 20 في المائة، فیما سجل خلال عامي 2016 و2017، أقل من 10%.

ووفقًا لهذا التقرير، فقد بلغ معدل التضخم في مارس الحالي 47.5 في المائة، مما يعني أن الأسرة الإيرانية ستنفق على شراء مجموعة من السلع والخدمات أكثر بنحو 47.5 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأعلن مركز إحصاء إیران عن ارتفاع معدل التضخم، خلال شهر فبرایر الماضي، إلى 42.3%.

وأظهرت نتائج التقرير أن معدل التضخم الشهري بلغ 3.9 % في مارس (آذار) الحالي، مما يشير إلى زيادة عامة في الأسعار خلال شهر فبراير الماضي، ومارس الحالي، بمعدل تضخم شهري هذا الشهر بلغ 2.2 %.

واللافت أن معدل التضخم لمجموعة الأغذية والمشروبات في نهاية العام الشمسي الذي انتهى الأربعاء، شهد ارتفاعًا بنسبة 73.2%، قیاسًا بالفترة نفسها من العام السابق عليه.

وقد سجلت مجموعة التبغ أعلى معدل تضخم بين السلع والبضائع، حيث ارتفع مؤشر أسعار التبغ في مارس الحالي بنسبة 125%، مقارنة بشهر مارس الماضي.

کما سجلت مجموعة الأثاث والأجهزة المنزلية أعلى معدل تضخم بعد التبغ، حیث ارتفعت بنسبة 78.3%.

يشار إلى أن أسعار البضائع والخدمات في إيران كانت قد بدأت تأخذ وتيرة متصاعدة في العام الماضي، وجاء ذلك نتيجة انهيار سوق الصرف الأجنبي، والارتفاع غير المسبوق في أسعار العملات الصعبة.

ومن المتوقع، أن تواجه الحكومة عجزًا في الميزانية ومشكلة في تأمينها في العام الجديد، وإذا كانت طريقة تأمين هذا العجز تكمن في الاقتراض من البنك المركزي واستخدام موارده، فمن المحتمل أن يرفع هذا من معدل التضخم أعلى مما هو عليه الآن.

زيادة الرواتب لا تفيد

حسب المجلس الأعلى للعمل، فإن الحد الأدنى لأجور العمال للعام المقبل سيرتفع إلى مليون و516 ألفًا و882 تومانًا (نحو 110 دولارات)، وبدل السكن إلى 100 ألف تومان، وقسيمة الطعام إلى 190 ألف تومان.

وبالنسبة للعمال المتزوجين، فقد كان بدل حق الابن الواحد مليونًا و516 ألف ريال، فيما كان المبلغ الذي يضاف سنويًا إلى الحد الأدنى من راتب العمال الذين يزيد عملهم عن عام واحد، هو 70 ألف تومان.

أما مستويات الأجور الأخرى، فمن المتوقع أيضًا أن تزيد بنسبة 13 في المائة، إضافة إلى نحو 260 ألف تومان شهريًا.

وقال عضو اللجنة القانونية والقضائية في البرلمان الإيراني، محمد علي بور مختار، السبت الماضي 16 مارس، إن الزيادة المقرر أن يكون قدرها 400 ألف تومان (نحو 36 دولارا) على رواتب العمال والموظفين في الحكومة، لن تداوي جرحًا، كما سمح البرلمان بزيادة قدرها 10 في المائة تقررها الدوائر الحكومية لجزء من الذين يتقاضون رواتب ضئيلة، کي تصبح رواتبهم أعلى قليلا.

ومع ذلك، فإن كثيرًا من المدافعين عن حقوق العمال يقولون: إن الزيادة في رواتب العمال يجب أن لا تكون أقل من رواتب موظفي الحکومة.

وقبل أيّام، قال رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني -في جلسة علنية، يوم الأحد الماضي- “إن الحكومة کانت تعتزم زيادة الرواتب بنسبة 20 في المائة”، لكن البرلمان اتخذ قرارًا بزيادة قدرها 400 ألف تومان، على جميع الرواتب.

لكن بالنظر إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، فإن الحكومة غير قادرة على زيادة رواتب موظفيها بما يساوي نسبة التضخم.

وقد حذر رئيس منظمة التخطيط والموازنة في البلاد، محمد باقر نوبخت، مؤخرًا في رسالة إلى رئيس البرلمان، من أن زيادة 400 ألف تومان على رواتب الموظفين والمتقاعدين على حد سواء، “غير قابلة للتنفيذ”.

وفي السنوات الأخيرة، لم يكن العمال فقط هم من احتجوا على تأخر رواتبهم، بل إن المدرسين والموظفين في بعض الدوائر احتجوا كذلك.

لكن في الوقت نفسه، فإن الظروف المعيشية للعمال معرضة للخطر، فعلى مدار العامين الماضيين، كان العمال يحتجون ويضربون بشكل متكرر في مناطق مختلفة من إيران، كما أن بعض ممثليهم- مثل إسماعيل بخشي، ممثل عمال قصب السکر في هفت تبه- في السجن الآن.

عقود مؤقتة

من ناحية أخرى، ونظرًا للنمو الاقتصادي السلبي، هذا العام (الشمسي)، وتوقعات استمرار هذا الاتجاه في العام المقبل، فإن دخول الاقتصاد في حالة ركود يمكن أن يقلل من نشاط الشركات، ويؤدي إلى زيادة في العقود المؤقتة بدلا من العقود الدائمة، أو تسريح لعدد أكبر من العمال. وهو ما يؤدي إلى ارتفاع في أعداد البطالة بين صفوف العمال، فيقع الاقتصاد وفق مراقبين بين انخفاض القوة الشرائية في جانب، وارتفاع نسب البطالة في جانب آخر.

وفي هذا السياق، فعلى الرغم من تأثر الأسواق بالمتغيرات المختلفة، فإن أكثر هذه المتغيرات تأثيرًا، هو هذا التوازن غير الفعال في سوق العمل. وهذا التوازن غير الفعال ناجم عن عدم کفاءة التوازن الإجمالي في العرض والطلب في الاقتصاد الإيراني، بسبب السياسات الاقتصادية غير الصحيحة.

وفي حين أن الاحتجاجات المعيشية في إيران تشبه النار تحت الرماد، فقد حذر آية الله خامنئي، مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من “خطة العدو لصيف 2019”.

إذ يكون الصيف فرصة للحركات العمالية والنقابية والتظاهرات، أمام صقيع الشتاء وثلوجه، وعدم القدرة على التواجد في الشوارع.

ربما يعجبك أيضا