الاحتجاجات الأطول في إيران مستمرة.. هل يخسر النظام أم يسحق المعارضة؟

بسام عباس

لم يتعلم النظام الإيراني الدرس من الاحتجاجات السابقة فكلما شدد من القوانين زاد لجوء المجتمع إلى الاحتجاجات.


لا تزال الاحتجاجات الشعبية في إيران مشتعلة منذ منتصف سبتمبر 2022، في أطول توبيخ علني لنظام الملالي منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

واندلعت الاحتجاجات المستمرة في جميع أنحاء البلاد، عقب وفاة الشابة مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى شرطة الآداب الإيرانية، فهل سينجح المتظاهرون في التخلص من النظام الإيراني؟ أم ستسحق طهران أي معارضة تظهر في البلاد؟

مئات القتلى وآلاف المعتقلين

قال موقع “أوراسيا ريفيو“، أمس الاثنين 2 يناير 2023، إن المئات من الإيرانيين، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، لقوا حتفهم خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات.

وأشار الموقع إلى اعتقال الآلاف على هامش المظاهرات التي يعتبرها مسؤولون إيرانيون “أعمال شغب” يقف خلفها “أعداء” الجمهورية الإسلامية.

مظاهرات إيرانية 3

فجوة لا يمكن سدها

نقل الموقع عن محللين سياسيين أنه رغم انخفاض زخم الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة، لا يبدو أن الغضب من عقود من قمع الدولة وسوء الإدارة الاقتصادية سيتبدد، متوقعين استمرار حركة الاحتجاج مع اتساع الفجوة بين رجال الدين الحاكمين والشباب الإيراني.

وقال الخبير في الشؤون الإيرانية بالجامعة الأمريكية في بيروت، علي فتح الله نجاد، إن إيران تبدو غارقة في “عملية ثورية” بدأت باحتجاجات 2017 بسبب المظالم الاقتصادية التي سرعان ما تحولت إلى سياسيَّة، منوهًا بأن “الحلقة الثورية الحالية تشير إلى وجود فجوة لا يمكن سدها بين الدولة والمجتمع”.

مظاهرات إيرانية 4

سحق الاحتجاجات

أوضح الموقع أن الإيرانيين طالبوا، خلال الاحتجاجات الحالية، بإنهاء النظام الديني الحاكم، واستهدف غضبهم الرموز الأكثر وضوحًا لنظام الملالي، بما في ذلك الحجاب الإلزامي للنساء والمرشد، علي خامنئي.

وفي المقابل، قتلت قوات الأمن الإيرانية ما لا يقل عن 476 متظاهرًا، بينهم أكثر من 60 طفلًا، منذ اندلاع المسيرات، وفقًا لجماعات حقوقية، واعتقلت أكثر من 15 ألف شخص، وأعدمت شابين علنًا لمشاركتهما في الاحتجاجات، وفق “أوراسيا ريفيو”.

مظاهرات إيرانية 5

لم نعد خائفين

ومع تزايد استخدام السلطات للقوة المميتة لسحق الاحتجاجات، استمر الإيرانيون في التعبير عن معارضتهم في التجمعات المتفرقة في الشوارع والنصب التذكارية لضحايا حملة القمع. ورفع آخرون شعارات ولافتات احتجاج في الشوارع، وردد البعض شعارات مناهضة للنظام من أسطح منازلهم ونوافذهم ليلًا.

ونقل الموقع عن متظاهرة من طهران لم يذكر اسمها أنه “لن يبقى شيء على حاله… لقد وجدنا صوتنا”، مضيفةً: “حتى لو لم تحقق هذه الثورة هدفها في المستقبل القريب، لم نعد خائفين، نعرف كيف نقاتل ونقاوم”.

تهديد كبير

نقل الموقع عن أحد الصحفيين في طهران أن الاحتجاجات تمثل تهديدًا كبيرًا للمؤسسة، رغم أنه يجادل بأن النظام ليس في خطر وشيك من الانهيار، لأنه لم تظهر حتى الآن تصدعات واضحة داخل النخبة الحاكمة والقوات المسلحة، ولأن الاحتجاجات لم تعرقل حركة الاقتصاد تمامًا بعد.

وأضاف الصحفي الذي لم يكشف الموقع عن اسمه، أن “قيادات النظام الإيراني سيتمسكون بالسلطة”، وتوقع “المزيد من التوترات والاستياء المتزايد، خاصة بسبب الوضع مع الإنترنت والعملة الوطنية”، في إشارة إلى زيادة الرقابة على الإنترنت وانخفاض قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي.

3fe35eea e5d8 4d2a 88a6 5e444e39c27a

الريال الإيراني يواصل التراجع في ظل الاحتجاجات

الكتلة الحرجة

نقل “أوراسيا ريفيو” عن زميل مؤسسة “كارنيجي” للسلام الدولي، كريم سجادبور، قوله إن التاريخ أظهر أنه “لكي تكون الانتفاضات الشعبية قابلة للحياة، يجب أن تجتذب كتلة حرجة، ومن أجل جذب كتلة حرجة يجب النظر إليها على أنها قابلة للحياة”.

وأضاف سجادبور: “من الواضح أن العديد من الإيرانيين، بسبب معارضتهم المستمرة، يعتقدون أن هذه الانتفاضة الشعبية يمكن أن تنجح في الإطاحة بالنظام”، وتابع: “من المهم أيضًا أن يعتقد مسؤولو النظام أنهم في فريق خاسر، ولكن لم نصل إلى أي من هذه النقاط الحرجة بعد”.

النظام لم يتعلم الدرس

يقول عالم الاجتماع البارز المقيم في طهران، حميد رضا جلايبور، إن الفجوة بين المؤسسة وبقية السكان “كبيرة”، لكنه أشار إلى أن غالبية الإيرانيين لا تزال غير راغبة في المشاركة في احتجاجات للإطاحة بالنظام، مرجعًا موجة الاحتجاجات الحالية إلى فشل النظام في الاستماع لمطالب الناس على مر السنين.

وقال جلايبور، في تصريحات نشرتها وسائل إعلام إيرانية في أكتوبر الماضي، إن “15% من المجتمع من أنصار المؤسسة و15% متظاهرون جادون، و70% صامتون”، موضحًا أن “النظام لم يتعلم من الاحتجاجات السابقة، فطوال السنوات الـ25 الماضية، كلما شدد القوانين زاد لجوء المجتمع إلى الاحتجاجات”.

ربما يعجبك أيضا