«الاستبدال الكبير».. النظرية الهامشية تتحول إلى تيار رئيس داخل اليمين المتطرف

آية سيد

ألقى حادث بافالو في نيويورك الضوء على نظرية "الاستبدال الكبير" التي يروّج لها اليمين المتطرف داخل الحزب الجمهوري.


شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في 14 مايو 2022، حادث إطلاق نار في مدينة بافالو في ولاية نيويورك استهدف 13 شخصًا بينهم 11 شخصًا من أصحاب البشرة السوداء.

وقبل الحادث، نشر المشتبه به بإطلاق النار، بايتون جيندرون، 18 عامًا، خطابًا من 180 صفحة يشرح دوافعه، مبينًا أن أكثر شخص ألهمه كان مرتكب هجوم كرايستشيرش في نيوزيلندا في 2019، الذي حمل بيانه عنوان “الاستبدال الكبير”. بحسب تقرير لإذاعة صوت أمريكا، في 18 مايو 2022.

الدافع وراء حادث بافالو

وفقًا للتقرير، كتب جيندرون 18 عامًا في خطابه، أنه أراد نشر الوعي لدى أصحاب البشرة البيضاء حول المشكلات الحقيقية التي يواجهها الغرب، المتمثلة في الهجرة الجماعية وعدم إنجاب الكثير من الأطفال، مضيفًا: “تُعد أزمة الهجرة الجماعية والخصوبة دون مستوى الاستبدال اعتداءً على الشعب الأوروبي وإذا لم تجري مكافحتها، ستؤدي إلى الاستبدال العرقي والثقافي الكامل للشعب الأوروبي”.

يشير خطاب جيندرون إلى نظرية مؤامرة يمينية متطرفة معروفة باسم “الاستبدال الكبير”، تقول إن النخب الغربية، وبالتحديد اليهود، يجلبون مهاجرين ليحلوا محل البيض. وبحسب التقرير تعود جذورها إلى القومية العرقية الفرنسية في القرن الـ20.

نظرية الاستبدال الكبير

الكاتب الفرنسي رينو كامو، الذي أصدر كتابًا باسم “الاستبدال الكبير” في 2011. هو من صاغ مصطلح “الاستبدال الكبير”. ووصفه بأنه “حقيقة واضحة” وليس نظرية. وقال إنه عبارة عن “تغيير الأشخاص بتغيير الثقافة والحضارة”.

وقالت المؤسِسة المشاركة ورئيسة المشروع العالمي لمكافحة الكراهية والتطرف، ويندي فيا: “نظرية الاستبدال هي نظرية مؤامرة تقول إن أصحاب البشرة البيضاء يستبدلون عمدًا بالمهاجرين، والمسلمين، واللاجئين حول العالم، ما يؤثر في دول غرب أوروبا والولايات المتحدة خصوصًا”. مبينةً أن هذه الأفكار لاقت رواجًا فورًا وانسجمت مع أفكار أنصار سيادة البيض في أمريكا والأماكن الأخرى.

ما علاقة النظرية بالعنف؟

يوضح خبراء التطرف أن نظرية الاستبدال ساعدت في تحفيز سلسلة من الهجمات المميتة لأنصار سيادة البيض على اليهود، والمسلمين، والهسبان، وأصحاب البشرة السوداء في السنوات الأخيرة. وشملت الهجمات قتل 13 شخصًا في كنيس يهودي في بيتسبرج في 2018، و51 مسلمًا في هجوم على مسجدين في نيوزيلندا في 2019، و23 شخصًا معظمهم من الهسبان في متجر في تكساس في 2019.

ورأى المتحدث باسم مركز قانون الحاجة الجنوبي، وهي منظمة حقوقية غير ربحية، مايكل إديسون هايدن، أن نظرية الاستبدال “لها تأثير كبير في هذه الأنواع من الهجمات”، وأنها تقدم مبررًا للعنف، متابعًا: “قبل أن تكتسب الفكرة رواجًا في السنوات الأخيرة، لم تكن حوادث إطلاق النار الجماعي في البلاد ذات دوافع أيديولوجية”.

تنصل من المسؤولية

بحسب التقرير، سعى كامو لإبعاد نفسه عن حادث بافالو وغيرها من الحوادث التي تبدو مُستلهمة من النظرية. ويوم الأحد الماضي، قال حساب على تويتر مرتبط بكامو، إن مرتكب حادث بافالو ومنفذ الهجوم على المسجدين في نيوزيلندا لم يشيروا إلى كامو أو كتابه، رافضًا التلميح إلى أن كتابه يحمل دعوة للكراهية أو للعنف.

تيار رئيس داخل اليمين المتطرف

لفت التقرير إلى أن نظرية الاستبدال الكبير لم تعد هامشية وإنما تتحول إلى تيار رئيس داخل اليمين المتطرف الأمريكي، لأن الكثير من مقدمي البرامج ورجال السياسة المحافظين البارزين يروجون لفكرة الاستبدال. ولعل أحد الشخصيات البارزة المُتهمة بالترويج للنظرية هو مذيع قناة فوكس نيوز، تاكر كارلسون.

E36B4F61 451A 4B0D A4D4 5120F22F1A6C w1597 n r0 st s

وذكر الزميل في منظمة “ميديا ماترز”، مات جيرتز، أن كارلسون بدأ في مناقشة الفكرة بانتظام منذ 2019، وأن مذيعي فوكس نيوز الآخرين أصبحوا يفعلون الشيء نفسه، ثم الساسة الجمهوريين. وفي فقرة من برنامجه العام الماضي، بين كارلسون أن سياسة بايدن “للهجرة الجماعية” مُصممة لـ”تغيير المزيج العرقي للبلاد”، وأنها تُسمى الاستبدال الكبير، أي استبدال الأمريكيين الأصليين بأشخاص أكثر طاعة من بلاد بعيدة.

اتهامات لليسار

في تعليق على حادث بافالو، قال كارلسون إن مرتكب الحادث كان مضطربًا عقليًا وإن “نظرية الاستبدال الكبير تأتي من اليسار” الذي يضغط لإحداث تحول ديموجرافي من أجل المنفعة السياسية. وأشار التقرير أيضًا إلى أن مذيعين آخرين في فوكس نيوز، مثل شون هانيتي ولورا إنجراهام، زعموا أن الديمقراطيين يسعون لجلب المهاجرين لاستبدال الأمريكيين من أجل المكاسب السياسية.

من جانبه، أدان الرئيس الأمريكي، جو بايدن “من يروّجون لكذبة” الاستبدال. ورفض البيت الأبيض من قبل التلميحات بأنه يشجع سياسة “الحدود المفتوحة”.

تشجيع الحزب الجمهوري لنظرية الاستبدال

بحسب تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، في 19 مايو 2022، ناصر بعض الجمهوريين نظرية الاستبدال، منهم مشرعين في مجلس النواب مثل مات جيتز وبراين بابين. كما ظهرت الفكرة في حملات المرشحين لمجلس الشيوخ جيه دي فانس وبلايك ماسترز، وفي منشورات على فيسبوك لرئيسة مؤتمر الحزب الجمهوري في مجلس النواب، إليز ستيفانيك.

وبحسب استطلاع لمركز أبحاث الرأي بجامعة شيكاغو وأسوشيتد برس، فإن 1 من كل 3 أمريكيين يؤمن بنظرية الاستبدال، ونصفهم تقريبًا من الجمهوريين. لكن حتى الآن، رفض أعضاء الكونجرس الجمهوريين نبذ نظرية الاستبدال صراحةً، وفضلوا شجب العنصرية عمومًا.

ربما يعجبك أيضا