التكلفة الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

تواجه بريطانيا، خامس أكبر قوة اقتصادية في العالم “مصيرًا مجهولاً”، بعد أن رفض البرلمان البريطاني خطة الخروج من أوروبا “بريكست”، ويتوقع أن يتسبب الخروج دون اتفاق في وقوع كارثة للشركات في المملكة المتحدة، التي ستواجه مناخا تجاريا جديدا وبيئة قانونية يشوبهما عدم اليقين، وهو ما حذرت منه مجموعات الأعمال التجارية الكبرى، وأكدت أن العديد من الشركات غير مستعدة للتعامل مع فوضى مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

من صناعة السيارات إلى الزراعة إلى الخدمات المالية، يبدو أن قطاعات عديدة في المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ستتأثر بشكل سلبي، في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.

وذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، تحليلا حكوميا يكشف أن أحوال بريطانيا ستكون أكثر سوءًا في ظل جميع السيناريوهات المحتملة لخروجها من الاتحاد، وتتنبأ الدراسات الحكومية بأنه في حالة “عدم الاتفاق”، سينكمش اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 7.7٪ بعد 15 عاماً من خروجها بشكل غير منظم، مقارنة بالسيناريو الذي طرحته الدراسة الحكومية، وهو أنه في حالة إبرام اتفاقية شاملة للتجارة الحرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي ستنخفض معدلات النمو البريطاني بنسبة 5% خلال الفترة نفسها، وسيكون الضرر أكبر إذا تراجعت الهجرة من الاتحاد الأوروبي.

تتوقع شركة “كابيتال إيكونوميكس” البريطانية للأبحاث أن يؤدي الخروج غير المنظم إلى خفض معدلات النمو الاقتصادي في بريطانيا 0.2% فى 2019، وتراجع الجنيه الإسترليني إلى 1.12 دولار مقابل الدولار، مقارنة بـ 1.26 دولار حاليا. ووفقاً لاكسفورد إيكونوميكس، سينكمش الاقتصاد البريطاني 2.1٪ بنهاية 2020 في حالة الاتفاق على صفقة.

وفي ظل تلك التدابير التي تتخذها المفوضية الأوروبية، ماذا عن الأضرار التي سيتعرض لها الاقتصاد البريطاني في حال عدم التوصل لاتفاق؟

أولًا: النمو الاقتصادي سيسجل 10% تقريبًا أوضحت توقعات الحكومة البريطانية أن النمو على مدى السنوات الـ 15 القادمة بدون اتفاق ستكون فيها نسبة النمو الاقتصادي أقل من 9.3%.

ثانيًا: سوف يواجه المصدرون البريطانيون تعريفات سنوية أعلى من 6 مليار جنيه إسترليني. أظهرت تحليلات الجارديان أنه في إطار قواعد منظمة التجارة العالمية، سوف تتأثر الصادرات البريطانية للاتحاد الأوروبي بتعريفات جمركية تبلغ 6 مليار جنيه استرليني، والتي تشكل حوالي الثلثين من صافي المساهمات في بريطانيا. كما سوف تتأثر الواردات مما سيؤدي إلى زيادة تكاليف المعيشة في المملكة المتحدة.

ومن المتوقع أن يتعرض الاقتصاد البريطاني لصدمات حادة حال انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق يحكم العلاقات بين الجانبين، لكن الآثار السلبية لهذا السيناريو لن تتوقف عند حدو الاقتصاد والمال والشؤون التجارية، إذ تمتد إلى المساس بالكثير من القطاعات ذات التأثير المباشر على الحياة اليومية للبريطانيين والأوروبيين.

ونشرت الحكومة البريطانية 80 مذكرة فنية في الأشهر القليلة الماضية تغطي أول 16 مذكرة منها جميع ما يمكن أن يترتب على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق من آثار على كافة القطاعات بدء من التنقلات والموانئ وحتى الأعمال الحكومية والأوراق الرسمية والإجراءات والقواعد المنظمة لكافة القطاعات.

وتتضمن المذكرة الأولى الوضع بالنسبة للحدود البريطانية مع أيرلندا الشمالية الذي يمثل النقطة الخلافية الأكبر والأكثر جدلا على الإطلاق في اتفاق البريكست وكيفية التعامل معها حال الانتهاء من إجراءات البريكست في 29 مارس 2019 دون التوصل إلى اتفاق يحكم العلاقات المستقبلية بين الجانبين.

وتشير المذكرة الثانية والثالثة إلى حقوق البريطانيين في باقي دول الاتحاد الأوروبي وحقوق الأوروبيين في بريطانيا، خاصة حقوق الإقامة والعمل وحرية الانتقال.

خلاصة القول، يبدو أن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يعدان أنفسهم لسيناريو الخروج بلا اتفاق، وسيكون لهذا السيناريو أضرار جسيمة على الطرفين. وعليه، يحاول كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستعداد للأسوأ لتقليل أحجام الخسائر المتوقعة.

ربما يعجبك أيضا