الصين في أمريكا اللاتينية.. هل تهدد دول القارة أم السيطرة البحرية الأمريكية؟

علاء بريك

نظرًا لأهمية السيطرة البحرية، واشنطن تحاول المحافظة على تفوقها البحري إلى الأبد واستباق التهديدات قبل وقوعها.


أعربت قائدة الجيش الأمريكي في منطقة أمريكا اللاتينية، الجنرال لورا ريتشاردسون، عن مخاوفها بشأن ازدياد الحضور الصيني في منطقة عملياتها.

وأصدرت رئاسة العمليات البحرية الأمريكية، يوم الثلاثاء 26 يوليو 2022، تحديثًا على خطة عمل قواتها تمحورت حول ردع التهديدات الصينية في البحر، وتطوير القدرات الأمريكية لتحقيق التفوق في البحار، يحسب تقرير لموقع “ميليتري تايمز“.

مخاوف من الجوار

أشار تقرير “ميليتري تايمز” إلى تصريح الجنرال لورا ريتشاردسون خلال مشاركتها في منتدى “آسبن” الأمني لعام 2022، بشأن مخاوفها من النفوذ الصيني المتزايد في مناطق “جيراننا” في الأمريكيتين، وشددت على أهمية عدم إغفال النشاط الصيني في المنطقة تحت غطاء التنمية.

وقالت ريتشاردسون: “الصين تلعب الشطرنج، إنها تجهز المسرح، وعندما ننظر إلى خريطة المنطقة نرى أنه من أصل 31 دولة، فإن 21 منها وقعت على مبادرة الحزام والطريق، ما يعني أن الصين تغطي المنطقة بأكملها تقريبًا”. وتشتمل المبادرة الاستثمار في الموانئ، والبنية التحتية، وهو ما تحتاج إليه دول القارة أمس الحاجة.

رأي الجيران

في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز“، 20 يوليو الحالي، شرح وزير الخارجية البرازيلي، كارلوس ألبرتو فرانكو، نظرة بلاده إلى الصين، الشريك التجاري الأكبر مع البرازيل، قائلًا: “لا نرى الصين تهديدًا لنا، بل نراها قوة كبرى تربطنا معها مصالح متبادلة تفيد كل منا”.

وأضاف الوزير البرازيلي “مَن أول من ساعد البرازيل في اللقاحات؟ لقد كانت الصين في أحلك ساعة من ساعات انتشار الوباء، وصلتنا اللقاحات من الصين، أما المخاوف الأمنية فإنها توجد بين القوى الكبرى، وليس لدينا أي منها في البرازيل”.

إجماع المؤسسة الأمنية الأمريكية

في استقصاء لموقف قادة المؤسسات الأمنية في أمريكا، أورد تقرير لشبكة “فوكس نيوز“، 19 يوليو الحالي، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي وصف، على لسان مديره كريستوفر راي، الصين بأنها “التهديد الأكبر” على الاقتصاد وأمن الولايات المتحدة.

وحذر مركز الوطني للأمن ومكافحة التجسس من أن النخبة السياسية في الولايات المتحدة معرضة لخطر تأثير الحزب الشيوعي الصيني فيها، لجعلها تدعم أجندات فيها مصلحة بكين، وفي إبريل، أصدر مدير “سي آي إيه”، وليام برنز، تحذيرًا من أن الصين باتت التهديد الأخطر للولايات المتحدة.

الموانئ: أوراق قوة

منذ منتصف 2010، كان نحو ثلثي مشاريع الموانئ الخارجية الصينية في منطقة المحيط الهندي، بحسب موقع “بزنس إنسايدر“، ما يعكس اهتمامها بهذه المنطقة، وما توفره لموردي الطاقة وأسواق التصدير من ربط بين المصادر والوجهات. وتوسعت لاحقًا اهتمامات الصين لتشمل إنشاء أول قاعدة عسكرية في الخارج، والوحيدة إلى الآن، في جيبوتي المطلة على مضيق باب المندب الحيوي.

وتتابع “بزنس إنسايدر” أنه في حين أن الصين ليس لها وجود عسكري في أمريكا اللاتينية، فإن تعليقات القادة العسكريين الأمريكيين تعكس مخاوف من إمكانية استخدام مشاريع الصين في قناة بنما لمراقبة النشاط في القناة وأماكن أخرى حول المنطقة وفوقها، وجمع المعلومات التي قد يكون لها تداعيات أمنية.

ملاحة 2022

البحرية الأمريكية وتطوير خططها

أصدرت رئاسة العمليات البحرية خطتها الملاحية لعام 2022، ذكرت فيها أن الخطة ترسم مسارًا مستدامًا لقوات لبحرية، في حين نواصل تنفيذ التوجيه الاستراتيجي لقائد البحرية، والاستراتيجية البحرية للخدمات الثلاثية، لتعزيز التفوق الأمريكي في البحر، وشددت الخطة على أن السيطرة على البحر تمثل شريان الحياة للاقتصاد والشعب الأمريكيين، وأي تهديد ردعه.

وبصدد الصين، أوردت الخطة “تعمل جمهورية الصين الشعبية على بناء قدرات عسكرية في جميع المجالات لتحدي الولايات المتحدة. سلوكها العدواني يهدد المصالح الأمريكية، ويقوض التحالفات والشراكات، ويقوض النظام القائم على القواعد. لذا، يعد الحفاظ على أفضل قوة بحرية في العالم استثمارًا في أمن وازدهار الولايات المتحدة، فضلًا عن استقرار عالمنا”.

ما لم تقله ريتشاردسون صراحةً

بحسب تصريحات ريتشاردسون الأخيرة في المنتدى، فإن الولايات المتحدة تتعامل مع جيرانها بطريقة فوقية، ومن منطلق مصلحتها وحدها، لهذا تقول ريتشاردسون “نحن نحترم جيراننا، وعلينا إظهار ذلك، فمنافسونا يظهرون ذلك من خلال الإبقاء على التواصل المستمر طوال الوقت، ونحن بحاجة إلى فعل الشيء نفسه”.

ولكن على الرغم من الاحترام، يظل الشيء الأهم في نظر ريتشاردسون “تقوية منطقتنا، وأن ندرك مدى ثراء جيراننا بالموارد ومدى قرب منافسينا وخصومنا في المنطقة”، وهذا يكشف إلى حدٍ ما اختلاف المقاربة الأمريكية عن نظيرتها الصينية، ويوضح بجلاء موقف دولة مثل البرازيل لا ترى في الصين تهديدًا بل شريكًا حقيقيًا.

ربما يعجبك أيضا