الضغوطات على الفيسبوك عملاق الإنترنت.. هل تاتي بنتائج؟

جاسم محمد

كتب ـ جاسم محمد

عرضت شركة فيسبوك يوم 19 سبتمبر الجاري 2019، نظرة جديدة على جهودها الرامية إلى إزالة المحتوى الإرهابي، وذلك ردًا على الضغط السياسي الذي تواجهه الشبكة في أوروبا فيما يخص استعمال الجماعات المسلحة لشبكتها الاجتماعية للدعاية والتجنيد.

وصرحت الشبكة بأنها تحقق تقدمًا في القضاء على النشاط الإرهابي باستعمال خوارزميات متطورة لاستخراج الكلمات والصور ومقاطع الفيديو المتعلقة بالإرهاب وإزالة الدعاية والرسائل التي يعمل على نشرها المتطرفين.

وقالت مونيكا بيكرت مديرة إدارة السياسة العالمية في فيس بوك، وبريان فيشمان مدير سياسة مكافحة الإرهاب في فيس بوك: “لقد زاد استخدام المنصة للذكاء الصناعي مثل مطابقة الصور وفهم اللغة لتحديد المحتوى وإزالته بسرعة”.

الذكاء الاصطناعي 

هو تقنية حديثة تعرف بأنها برمجيات متطورة يتم إدخالها على البرامج الإلكترونية لمنحها خصائص ذكاء تشبه تلك التي يتمتع بها البشر، ولكن الباحث في جامعة جورج تاون، بن بوكانان” يعتقد أن السياق الإرهابي صعب للغاية على الخوارزميات الخاصة بأنظمة الذكاء الاصطناعي ما سيعرقل قدرتها على الفصل بين ما هو إرهابي أو غير إرهابي أو حتى ما هو مزحة.

تشمل هذه المجالات مطابقة الصور، إذ جاء في التدوينة: “عندما يحاول أحدهم رفع صورة أو فيديو لإرهابي، فإنَّ نظامنا يبحث عما إذا كانت الصورة تطابق فيديو أو صورة إرهابية معروف”. عندما يكشف النظام عن صورة إرهابية معروفة، فإنها تُمنع من الرفع على فيسبوك. ويزعم الموقع أيضًا أنه يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل النصوص المنشورة وتحديد ما إذا ما كانت تحوي رسائل دعم لداعش والقاعدة وأي جماعة أخرى مرتبطة بهما. ويستخدم التعلم الآلي للكشف عن منشورات مشابهة لتلك التي حدد فيسبوك بالفعل أنها تصب في مصلحة أنشطة هذه الجماعات المتطرفة.

وتكشف التقارير، خطر تزايد جرائم الإنترنت التي تغذّيها التكنولوجيا كظهور مقاطع فيديو مزيفة، الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي (AI) والروبوتات في مكافحة الإرهاب  ومحاربة التطرف.

يواجه الاتحاد الأوروبي معضلة التصدي لخطر المحتوى المتطرف على الإنترنت، وتستخدم  التنظيمات المتطرفة منصات عدة كـ”فيسبوك وتويتر وتليغرام” وسيلة لنشر استراتيجيتها الفكرية المتطرفة، كذلك نشر عملياتها الإرهابية، بالإضافة لجذب المزيد من المتطرفين حول العالم إلى صفوفها، لذلك اتخذت المفوضية الأوروبية  تدابير وإجراءات لمواجهة الدعاية المتطرفة على الإنترنت.

ميثاق سلوك للاتحاد الأوروبي

أعلنت شركات فيسبوك وتويتر ويوتيوب التابع لجوجل ومايكروسوفت  خلال شهر أبريل 2017 موافقتها على ميثاق سلوك للاتحاد الأوروبي لمعالجة خطاب الكراهية على الإنترنت خلال 24 ساعة، ولكنها واجهت انتقادات من المفوضية لعدم تحليها بالسرعة الكافية، وتقول الشركات إنها في موقف صعب؛ لأنها غير مسؤولة عن المحتوى الذي يُبث على مواقعها وغير ملزمة بمراقبة ما يجري بشكل نشط. ولكن عليها حذف المحتوى غير القانوني لدى إخطارها. ذلك في أعقاب اقتراح المفوضية الأوروبية  تحت عنوان “قواعد سلوك” على محرك البحث “جوجل” وموقع “فيسبوك”، لمكافحة التضليل الإعلامي والتطرف عبر الإنترنت.

الاتحاد الأوروبي اعتمد قانونا لحماية الخصوصية (GDPR) خلال شهر مايو 2018، والذي ينص على أن للأشخاص “الحق في رفض الدعاية المفصلة لمخاطبة احتياجات الشخص”، وعلى إمكانية الاعتراض على “القرارات القانونية والمهمة التي تتخذها الخوارزميات والمطالبة بتدخل بشري”، وذلك عبر المطالبة بشرح كيفية توليد الخوارزميات لنتائج معينة.

الخلاصة

تتزايد الضغوطات على عملاق الإنترنت، محرك فيسبوك، خاصة في أعقاب حادثة ” كرايست تشيرش” الإرهابية التي نفذها يميني متطرف خلال شهر مارس من العام الجاري 2019. وتتركز الضغوطات في حذف المحتوى المتطرف، وذهبت المفوضية الأوروبية والولايات المتحدة إلى أبعد من ذلك بتشريع حذف المحتوى المتطرف في أقل من ساعة واحدة. وطالبت الحكومات أن تُصعّد فيسبوك عدد الموظفين عندها من أجل تعزيز الرقابة البشرية.

وفي هذا السياق عمل محرك فيسبوك خلال عام 2018، على إيجاد وحدة مكافحة إرهاب والتطرف في داخله، تسعى إلى إيجاد تنسيق وتعاون مع الحكومات والمؤسسات المعنية في محاربة التطرف والإرهاب.

أن تستطيع الجماعات المتطرفة يمينية شعبوية أو إسلاموية، تحميل خطابها المتطرف على الإنترنت ويبقى ساعة، هو أيضا مأخذ تقني في سياسات محاربة التطرف والإرهاب.

ما يعمل عليه فيسبوك هو استخدام الذكاء الصناعي في التلقيمات والخوارزميات، لرصد المحتوى المتطرف وكذلك ما يتعلق بالصور والفيديوهات، لكن الذكاء الاصطناعي ما زال لا يحل المشكلة، لأن هناك تشابها وتطابقا بين تصوير عملية إرهابية مثل عملية “كرايست تشيرش” والألعاب القتالية التي انتشرت على الإنترنت وبعضها تحول إلى دعاية للجماعات المتطرفة مثل لعبة “صليل الصوارم” وغيرها التي تدعو إلى القتل والعنف، وهي موجة خطيرة، بدون شك، تعمل على تزايد العنف والتطرف والدعوة إلى تنفيذ جرائم قتل بشكل مباشر، تستوجب مراجعتها.

يبدو أن مهمة فيسبوك صعبة في مواجهة الضغوطات من قبل الحكومات وخاصة المفوضية الأوروبية وكذلك الولايات المتحدة.

التوصيات

إيجاد ضغوطات أكثر على محرك فيسبوك، والتزامه بحفظ بيانات الأشخاص وعدم انتهاك الخصوصية، وفرض رقابة أوسع على عمليات البث المباشر، واعتماد العنصر البشري أكثر في موضوعات تحليل مواد التطرف: صورة أو فيديو أو محتوى.

ربما يعجبك أيضا