المخيم سيئ السمعة.. الموت واليأس يطلان من وراء أسوار “موريا” اليوناني

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

“اكتظاظ سكاني وطقس بارد وانتشار للأمراض ونقص في الطعام والمياه وغياب الأمن” جعل ذلك من مخيم موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية، مأساة إنسانية مستمرة.

اشتدت الأوضاع المزرية في المخيم هذا الأسبوع، تحت وطأة اكتظاظه بآلاف المهاجرين، ونشبت معارك على الخبز في طوابير الطعام وازدادت شرارة احتجاجات عنيفة بعد مقتل امرأة أفغانية في حريق أتى على حاوية شحن.

وتتحدث صحيفة “الجارديان”، في تقريرها عن أوضاع المهاجرين في المخيم موريا، وخاصة حول أوضاع الأطفال، والآثار النفسية التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال نتيجة للصدمة، حيث فر هؤلاء الأطفال من بلدانهم بسبب الصراع العنيف، أملا في حياة أفضل، لكن استقر بهم الحال داخل معسكر اللاجئين سيئ السمعة في اليونان حيث “الفوضى والظروف غير الإنسانية”.

ويشير الكاتب إلى حالة الطفلة عائشة ذات الـ9 سنوات، والتي تعاني من “متلازمة الاستقالة” وهي حالة انسحاب شديد – أي حالة من الجمود والصمت بدون سبب بيولوجي ظاهر – يمكن أن تستمر لعدة أشهر أو حتى سنوات وتحدث في سياق صدمة نفسية حادة.
 
وشوهدت مئات الحالات لدى الأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء السويديين، بينما أبلغ عن حالات أخرى في مركز احتجاز المهاجرين في أستراليا في ناورو، ويقول الكاتب: “هؤلاء الأطفال ببساطة يغلقون عيونهم ويتوقفون عن الكلام والأكل والشرب، وتتوقف عضلاتهم، ويتم تغذيتهم من خلال أنبوب”.

يقول والد عائشة، لم تظهر الحالة عليها إلا بعد رؤية شقيقها البالغ من العمر تسع سنوات يموت على بعد أمتار قليلة في انفجار قنبلة بأفغانستان، ويضيف “قبل أن تغادر الأسرة أفغانستان، كانت شقية وكانت لطيفة، الآن تضع يديها على وجهها كل صباح، وربما تغرق في التفكير في ما حدث بالماضي”.

تقول كاترين غلاتز بروباك، مديرة نشاط الصحة العقلية في منظمة أطباء بلا حدود في ليسبوس، إن الأطفال الذين تعرضوا لصدمة يميلون إلى التصرف بطريقتين، البعض مثل عائشة يتجه إلى العزلة الشديدة، هؤلاء الأطفال يأتون إلى هنا ويتوقعون الأمن والسلام ولا يجدونه، فهم يرون العالم كمكان سيئ، وينسحبون منه، وآخرين يؤذون أنفسهم، يعضون ويخدشون أنفسهم ويضربون رؤوسهم بالحائط حتى ينزفون”.

ويتفاقم الوضع بسبب الظروف القاسية في المخيم، حيث يواجه الأطفال نقصًا في الغذاء والمأوى والتعليم، ويعيش أكثر من 1000 طفل لاجئ ومهاجر في اليونان غير مصحوبين الآن، وهو أعلى رقم منذ أوائل عام 2016، بحسب الصحيفة.

ويعيش أكثر من 13.500 شخص من سوريا والعراق وأفغانستان في خيام موريا وحاويات الشحن في منطقة تم تصميمها بالكاد لثلاثة آلاف شخص، ويصطف الناس لساعات لجمع المواد الغذائية الأساسية كل يوم.

وتشير الصحيفة إلى أن الحاويات المعدنية التي تنتشر داخل هذا المخيم ويستخدمها المهاجرون للإقامة فيها حتى تفحص السلطات طلباتهم المقدمة للحصول على حق اللجوء لم تعد تحتمل أي قدر من المهاجرين، إذ تضم كل حاوية نحو 12 شخصا.

ويواصل الكاتب وصفه للأوضاع المعيشية البائسة هناك موضحا أن بعض المهاجرين الأفغان أقاموا ما يُشبه فرنا صغيرا من الأحجار وأوراق الأشجار ليعدوا الخبز ويبيعوه لبقية المهاجرين، مشيرا إلى أن الأمر جاء بمحض الصدفة لمواجهة الطوابير الطويلة التي يجب أن يقف فيها المهاجرون انتظارا للحصول على الطعام لدرجة ان بعض النساء كن يرتدين حفاضات الأطفال لقضاء الحاجة لكيلا يتركن الطابور ويبقين دون طعام.

وحذرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في ليسبوس خطورة وضع اللاجئين في مخيم موريا، وقالت المتحدثة باسم المفوضية أستريد كاستلين: “أي شيء يمكن أن يحدث، سواء معركة أو حريقا أو أمراضا معدية، فالوضع خطير حقا”، وأشارت إلى أن ثمة حاجة لنقل مزيد من المهاجرين بعيدا عن الجزر، مشددة على  ضرورة اقتسام دول الاتحاد الأوروبي عبء اللجوء.

“هذا المكان يمكن أن يضاعف الصدمة النفسية، وإلى أن تجد عائشة وعائلتها مكانًا للاستقرار، فمن المحتمل أن تظل منسحبة من العالم، وطالما بقيت الظروف كما هي في موريا، أعتقد أنه من المحتم أن يواجه الأطفال الآخرون نفس المصير”، بحسب الصحيفة.

ربما يعجبك أيضا