اليوم العالمي للإذاعة.. وتستمر ذكريات صوت الحب

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

تراهم منعزلين داخل شاشة صغيرة؛ فالعالم الافتراضي بالنسبة له هو الواقع، يجلس بجسده وسط عائلته، ولكن الروح والعقل معلقين بضغطه “زر”، على العكس تمامًا كان الراديو منذ ظهوره وسيلة للتجمع العائلي، فمن منا لم تحدثه جدته عن حفلات كوكب الشرق” أم كلثوم” في كل شهر، وكيف كانت العائلة تجتمع في منزل واحد من أجل هذا اللقاء، فقد كانت السهرات والآهات تنطلق من ساعات الليل، تحمل آهات العشاق التي كتبها الشعراء والحالمون.

وحتى إذا أردت أن تسترجع التاريخ ستجد أن خطب الرؤساء والقادة كانت من الإذاعة، فقد تغير العالم بعد كلمة “إليكم النبأ الهام“.

الإذاعة والرياضة 

هذا العام تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” اليوم العالمي للإذاعة تحت شعار “الإذاعة والرياضة”، من أجل تعزيز التنوع والسلام والتنمية من خلال بث الرياضة.

تقول “أودري أزولاي“، المديرة العامة لليونسكو، “الإذاعة وسيلة رائعة لبث الحماس خلال المنافسات الرياضية، وهي أيضًا وسيلة لنشر قيم مرتبطة بالروح الرياضية والعمل الجماعي والمساواة في مجال الرياضة، مضيفة أن الإذاعة يمكن أن تساعد على مكافحة الأفكار والصور النمطية القائمة على العنصرية أو كراهية الأجانب، التي نرى مظاهرها مع الأسف داخل الملاعب الرياضية وخارجها”.

وذكرت “أزولاي” أن النضال من أجل المساواة بين الجنسين يحتل مكان الصدارة في الجهود المبذولة في هذا المجال، إذ يبين تقرير المشروع العالمي لرصد وسائل الإعلام الذي تدعمه اليونسكو، أن 4% فقط من المواد الإعلامية الرياضية مخصص للرياضة النسائية، وأن 12% فقط من برامج الأخبار الرياضية تقدمها نساء، وتسعى اليونسكو إلى تحسين التغطية الإعلامية للألعاب الرياضية النسائية، ومكافحة التمييز بين الجنسين على موجات الأثير، والذود عن المساواة في الفرص في وسائل الإعلام الرياضية.

لا منافس له

يقول “خورخي ألباريز”، رئيس الأكاديمية الإسبانية للراديو، “الراديو له مميزات لا ينافسه فيها وسيط آخر فهو يتخطى الحدود ويصل بحرية بتكلفة زهيدة إلى شتى بقاع الأرض”.

ويشير “ألباريز” إلى أن العلماء في تاريخ ذلك الجهاز، كان منهم الألماني “هاينريش هيرتس، والإيطالي غوليلمو ماركوني، والبريطاني أوليفر لودج، والإسباني سيرفيرا بافيرا، ثم الهندي شاندرا بوز”، ممن ساهموا في اكتشاف الموجات الكهرومغناطيسية، واختراع أجهزة التلغراف اللاسلكي التي مهدت لظهور جهاز الراديو.

الراديو ومواقع التواصل

لا ينكر أحد فوائد مواقع التواصل الاجتماعي، فقد جعلت العالم بحق “قرية صغيرة”، ولكن في ذات الوقت أدت دورًا في غاية السوء ألا وهو نشر الفرقة بين الأفراد أكثر من الجمع بينهم، فهي منابر فردية أو لبعض المجموعات لبث مبادئ خاصة تعارض جماعة أخرى لتشتعل المواجهات والجدالات دون حجة أو سند عقلي ليكون المتابع هو الضحية الأساسية لمجرد أنه ضغط “follower“، ولكن على النقيض لا تزال محطات الإذاعة في مجملها تحرص على التدقيق في المعلومات التي تقدمها لجماهير المستمعين، وتتحرى الصحة والحقيقة، أما مواقع التواصل الاجتماع يغيب فيها دور المحرر، والمدقق.

قد تكون طبيعة الراديو ذاتها أحد العوامل التي هيأت له البقاء حتى الآن، وستكفل له طول العمر في المستقبل، فهو وسيط يمنحك حرية تخيل وتصوير ما تسمعه، إذ يمكنك رسم تصور للمذيع أو المذيعة في ذهنك في الصورة التي تحلو لك، ورسم صورة للأحداث التي تنقل إليك في رأسك بحرية يفتقدها مشاهدو التليفزيون.

وإن كان الراديو يكلم الملايين، في القرى والمدن والبلدات والأقطار، فإنه في الوقت ذاته يتكلم إليك أنت وحدك، فأصواته موجهة إليك، تتسلل إلى رأسك عبر أذنيك لتظل بداخلك فيكون تأثيرها أكبر.

إحصاءات

– في عام 2016 تجاوز عدد مستمعي الإذاعة عدد مشاهدي التلفزيون ومستخدمي الهواتف الذكية.

– يستمع إلى الإذاعة 94 في المئة من البالغين أسبوعيا.

– يوجد أكثر من 800 محطة إذاعية في البلدان النامية.

– نصف سكان العالم تقريبا لا يزالون غير قادرين على الاتصال بشبكة الإنترنت.

– يحصل في جنوب أفريقيا 9000 طفل على التعليم من خلال الراديو.

– 73 في المئة من المزارعين في أفريقيا جنوب الصحراء يمتلكون أجهزة راديو.

– يوجد الآن أكثر من 44000 محطة إذاعية في العالم.

– يصل الراديو إلى أكثر من 70 في المئة من سكان العالم عبر الهواتف المحمولة.

– الراديو وسيلة مهمة للنساء اللاتي لا يستطعن حضور فصول تعليمية خارج بيوتهن.

– يستمع الناس إلى محطات AM وFM عبر أجهزة الراديو أو الهواتف المحمولة أكثر من الاستماع إليها عبر الأقمار الصناعية.

استغلال التكنولوجيا

ينحسر دوره أو يختفي، فقد استطاع أن يفرض سطوته على الفضاء، فأصبح بإمكان جماهيره الاستماع إلى مئات المحطات الإذاعية دون حاجة إلى مذياع، عبر الإنترنت، ومن خلال تطبيقات على أجهزة الهواتف الذكية، والأجهزة الإلكترونية المحمولة.

بل لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد نجح في استغلال ثورة التكنولوجيا الرقمية، إذ جعلت تلك التكنولوجيا أدوات الإذاعة والتسجيل أصغر، وأخف وزنا، وأسرع أداء، وأرخص سعرا.

ربما يعجبك أيضا