انتخابات الهند.. لماذا يملك حزب ناريندرا مودي فرصة قوية للفوز؟

تحليل: حزب بهاراتيا جاناتا قادر على نيل استحسان دوائر انتخابية متعددة برسائل موجهة

آية سيد
رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي

يعتمد حكم الهند على بناء الائتلافات والحفاظ عليها، سواء ائتلافات من الأحزاب أو ائتلافات من الناخبين. وحزب مودي يفعل الأمرين.


من المقرر أن تعقد الهند أكبر انتخابات على الإطلاق في 19 إبريل المقبل، وتستمر حتى بداية يونيو.

وسيصوّت 950 مليون ناخب تقريبًا لانتخاب أعضاء مجلس الشعب (لوك سابها) الـ543، ويتوقع معظم المحللين أن يقتنص حزب بهاراتيا جاناتا، بقيادة رئيس الوزراء الحالي، ناريندرا مودي، الفوز بـ5 سنوات أخرى في السلطة.

نمو بطيء                                         

في تحليل نشره موقع “ذا كونفرزيشن” الأسترالي، أول من أمس الأحد 17 مارس 2024، أشار أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جريفيث الأسترالية، إيان هول، إلى أن استطلاعات الرأي تُظهر أن مودي، بعد عقد في السلطة، لا يزال يحظى باحترام كبير لدى الكثير من الهنود.

وقد يبدو هذا الوضع غريبًا للبعض، لأن حكومة مودي لها سجل مختلط، خاصة في إدارة الاقتصاد، وأحبطت الكثير من الناخبين.

وصحيح أن الهند نمت أسرع من الكثير من المنافسين في السنوات الأخيرة، لكن حزب بهاراتيا جاناتا وصل إلى السلطة منذ عقد بوعد أن يرفع معدلات النمو لكنه لم يحقق ذلك الهدف. والأسوأ من ذلك، كافحت الهند لتوفير فرص عمل لملايين الشباب.

تحديات تواجه اقتصاد الهند

تحديات تواجه اقتصاد الهند

السياسة الاقتصادية

يعزو النقاد ذلك إلى بعض الأخطاء في السياسة الاقتصادية لحزب بهاراتيا جاناتا. وهذه الأخطاء تشمل الصدمة التي سببها السحب المفاجئ للعملات الورقية في 2016، بدعوى مكافحة الفساد، والتطبيق الفاشل للإصلاحات الضرورية في قطاع الزراعة، والحماية المستمرة للتكتلات الصناعية الهندية الكبرى من المنافسة المحلية والخارجية.

وهذه الأخطاء، مجتمعة، تركت الكثير من الأشخاص في أعمال غير مستقرة وأعاقت الاستثمار في التصنيع، الذي كان من الممكن أن يوفر المزيد من الوظائف لكثير من الأشخاص.

لماذا يدعم الشعب حكومة مودي؟

يكمن جزء من الإجابة على هذا السؤال في قدرة حزب بهاراتيا جاناتا على نيل استحسان دوائر انتخابية متعددة برسائل موجهة. وحسب التحليل، يعتمد حكم الهند على بناء الائتلافات والحفاظ عليها، سواء ائتلافات من الأحزاب أو ائتلافات من الناخبين.

وحزب مودي يفعل الأمرين. فهو يحظى بدعم العديد من الأحزاب الصغيرة في البرلمان، لكن الأهم من ذلك للفوز في الانتخابات هو مجموعات الناخبين المختلفة التي يمكنه حشدها.

تعزيز القومية الهندوسية

لفت التحليل إلى أنه في قلب هذه المجموعات المختلفة تقع مجموعة القوميين الهندوس، الذين تدفعهم أيديولوجية “هندوتفا”. ويزعم هؤلاء أن مجتمع وحكومة الهند ينبغي أن يعكسا ما يعتقدون أنه إرادة الأغلبية الهندوسية، التي تشكل حوال 80% من السكان.

ولعقود، أداروا حملات لإنهاء ما يعتبرونه إجراءات حماية خاصة غير معقولة ممنوحة للأقليات الدينية. وتدريجيًا، على مدار العقد الماضي، استجابت حكومة مودي للكثير من هذه المطالب، ما جعلها تضمن القاعدة القومية الهندوسية لحزب بهاراتيا جاناتا.

التودد للطبقات المختلفة

رغم أن القاعدة القومية الهندوسية قوية، فإنها ليست كبيرة بما يكفي لمنح حزب مودي كل المقاعد التي يحتاج إليها ليحكم. ولهذا السبب، حاول الحزب كسب الطبقة المتوسطة المتنامية. ووفق التحليل، هذه الطبقة غير مهتمة بالقضايا الثقافية وتهتم أكثر بالحكم الجيد، ومكانة الهند في العالم.

وفي الجولتين الانتخابيتين الأخيرتين، كسب حزب بهاراتيا جاناتا دعمهم عبر وعود بقمع الفساد، وتحسين بيئة الأعمال، وتشييد بنية تحتية أفضل، واستعادة الفخر الوطني. ويعد الحزب بالمضي قدمًا في هذا البرنامج حتى يستطيع التمسك بهذه الكتلة من الناخبين، ومن المرجح أنه سيفعل ذلك، في ظل غياب البدائل المقنعة.

الاهتمام بالمرأة والفقراء

في الوقت نفسه، سيواصل حزب بهاراتيا جاناتا السعي لكسب دعم الفقراء في الأرياف والمرأة، الذين قد يدعمون أحزاب جناح اليسار أو لا يشاركون في الانتخابات. ولنيل استحسان هذه المجموعات في السنوات الأخيرة، ضاعفت حكومة مودي التمويل لبرنامج ضمان الدخل في الأرياف، وأطلقت برامج أخرى، ومنها برنامج لتقديم وجبات لأطفال المدارس.

انتخابات الهند.. لماذا يملك حزب ناريندرا مودي فرصة قوية للفوز؟

ناشطات في حزب بهاراتيا جاناتا

وسهّلت الحكومة فتح حسابات بنكية لعشرات الملايين، من ضمنهم نساء. وهذا يسمح لهن بتجنب المسؤولين الفاسدين والأزواج العاجزين عندما يتعلق الأمر بتلقي إعانات الرعاية الاجتماعية. ووفرت الحكومة أيضًا المراحيض وأنابيب غاز الطهي لملايين المنازل الريفية، بدعوى أن هذا يجعل المرأة أكثر أمنًا.

وحسب التحليل، هذه الإجراءات أتت ثمارها حتى الآن. وهذه المرة، يتطلع الحزب إلى تعزيز الدعم بين النساء، ولذلك رعى مشروع قانون جديد يحدد الحصص للجنسين في البرلمان، الذي سيتطلب تخصيص ثلث مقاعد مجلس الشعب للنساء بداية من 2029، من ضمن إجراءات أخرى.

معارضة منقسمة

أشار التحليل إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا لم يحصل على أكثر من 40% من التصويت الشعبي في أي انتخابات وطنية. وهكذا، إذا واجه معارضة موحدة وفاعلة، قد يصارع للفوز بالسلطة. لكن من حسن حظه أن أحزاب المعارضة الهندية منقسمة وضعيفة.

وحتى الآن، لم يسمي تحالف المعارضة الضعيف مرشحًا موثوقًا لمنصب رئيس الوزراء. ويُعد زعيم حزب المؤتمر، راهول غاندي، خيارًا واضحًا، لكن يُنظر له على أنه هاوٍ وغير فاعل. وشعبية الساسة الإقليميين الآخرين لا تتعدى حدود ولاياتهم.

وفي الوقت نفسه، يحظى مودي بشعبية مرتفعة، لأن خلفيته المتواضعة وجاذبيته الشخصية تروق للشباب والطموحين، خاصة لدى الطبقات المستبعدة تاريخيًا من السلطة والثروة. ولذلك، فإن هزيمة هذه الشخصية المهيمنة صعبة، إن لم تكن مستحيلة.

ربما يعجبك أيضا