برويز مشرف.. من قائد جيش ورئيس قوي إلى سياسي منسي قتلته الأسقام

عمر رأفت
برويز مشرف

يعد مشرف من أبرز الشخصيات في الحياة السياسية الباكستانية، التي تثير الجدل، فهو أول حاكم عسكري يقدم للمحاكمة في باكستان بسبب مخالفته لدستور البلاد، وأصدرت المحكمة حكمًا بالإعدام ضده بتهمة الخيانة العظمى.


توفي الرئيس الباكستاني الأسبق، برويز مشرف، اليوم الأحد 5 فبراير 2023، عن عمر ناهز الـ79 عامًا، بمرض الداء النشواني النادر.

ويحدث هذا المرض نتيجة تراكم بروتين يُسمى الأميلويد في أعضاء الجسم. وذكر المكتب الإعلامي للجيش الباكستاني في بيان أن كبار القادة العسكريين يعربون عن تعازيهم الحارة في وفاة الجنرال برويز مشرف، حسب ما ذكرت صحيفة “داون” الباكستانية.

شخصية بارزة مثيرة للجدل

وفقًا لوصف الصحيفة الباكستانية، يعد مشرف من أبرز الشخصيات في الحياة السياسية الباكستانية، التي تثير للجدل، فهو أول حاكم عسكري يقدم للمحاكمة في باكستان بسبب مخالفته لدستور البلاد، وصدر ضده حكم بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى.

وولد برويز مشرف في دلهي قبل تقسيم الهند في 11 أغسطس 1943، وبعد التقسيم استقرت عائلته في مدينة كراتشي فالتحق بمدرسة سانت باتريك، ثم التحق بالأكاديمية العسكرية الباكستانية في كاكول بمدينة أبوت أباد، وتخرج فيها عام 1964، والتحق بعد ذلك بالجيش الباكستاني.

المناصب العسكرية

وفقًا لما ذكرته صحيفة داون، كان مشرف في الحرب الهندية الباكستانية عام 1965، وخدم في مجموعة الكوماندوز الباكستانية (SSG) من سنة 1966 إلى 1972.

وخلال حرب عام 1971 مع الهند، كان قائد كتيبة الكوماندوز. وبعد عام 1971 ، استمر في التدرج بالمناصب العسكرية على نحو سريع، وعيّنه رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، في أكتوبر 1998، قائدًا للجيش الباكستاني.

وصوله للرئاسة

وفقًا لصحيفة داون، بعدها بعام واحد وتحديدًا في 12 اكتوبر 1999، اقتحمت القوات المسلحة الباكستانية منزل شريف وحاصرته، ويرجع هذا إلى منع رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك مشرف من الهبوط في مطار كارتشي بعد العودة من سيرلانكا.

وعندما علم مشرف بهذا الأمر، أعلن حالة الطوارئ ووقف العمل بالدستور، ولم تقابل تلك القرارات باحتجاجات داخل باكستان ضد هذا الإجراء، لكنها تعرضت لانتقادات شديدة من المجتمع الدولي، وفي يونيو 2001، نصّب مشرف نفسه رئيسًا لباكستان.

حليف مهم للولايات المتحدة

قالت الصحيفة الباكستانية إن الأمر لم يقتصر على تولي مشرف فقط للرئاسة، بل إنه وضع نواز شريف رهن الإقامة الجبرية المشددة وأمر باتخاذ الإجراءات الجنائية الرسمية ضده.

ونجا مشرف من 3 محاولات لاغتياله دبّرها تنظيم القاعدة، ووجد نفسه على خط المواجهة في الصراع بين المتطرفين والغرب. وأصبح الرئيس الباكستاني الأسبق من الحلفاء المهمين للولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة الإرهاب، خاصة أن حادثة 11 سبتمبر الشهيرة وقعت عقب فترة قليلة من توليه الرئاسة.

إضفاء الشرعية على حركة 1999

أجرى مشرف في أكتوبر عام 2002 الانتخابات العامة، وتحالف خلالها مع الرابطة الإسلامية الباكستانية والحركة القومية المتحدة، وكذلك تحالف من 6 أحزاب دينية يُدعى “مجلس الأمل”.

ومع هذه الانتخابات، تمكن مشرف من جمع أغلبية الأصوات المطلوبة لتمرير التعديل الـ17، الذي ساعد في إضفاء الشرعية على حركة 1999، بالإضافة إلى العديد من الإجراءات الأخرى التي تبناها.

صدام مع القضاء

أشارت الصحيفة إلى حصول مشرف في عام 2004 على ثقة البرلمان الباكستاني بمجلسيه النواب والشيوخ، مع امتناع بعض أحزاب المعارضة عن التصويت في الاقتراع بنسبة 56%، وجرى إعادة انتخابه كرئيس للبلاد مرة أخرى.

وفي مارس 2007 أوقف مشرف رئيس المحكمة العليا آنذاك، افتخار محمد شودري، بعد أن رفض الأخير الاستقالة بزعم إساءة استخدام منصبه. وتسبب هذا الحادث في احتجاجات عنيفة من المحامين ونشطاء المجتمع المدني، وأثرت معالجة مشرف للأحداث سلبًا في موقفه، وفي مقابل ذلك رفضت المحكمة العليا قرار مشرف.

استقالة قبل المسائلة

ومع ذلك، جرى عزل رئيس المحكمة مرة أخرى عندما فرض مشرف حالة الطوارئ في البلاد في 3 نوفمبر 2007، وفي غضون 25 يومًا من حالة الطوارئ استقال مشرف من منصبه كقائد للجيش، وتولى الجنرال أشفق بيرفيز كياني المسؤولية.

وحسب ما ذكرت داون، تورط مشرف في القضايا ذات الصلة بمقتل رئيسة وزراء باكستان، بناظير بوتو، والحبس غير القانوني لـ62 قاضيًا بعد حالة الطوارئ في نوفمبر 2007، ولكن منحته المحكمة العليا في مارس 2013 كفالة واقية (وهي نوع من الكفالة التي تحمي شخصًا ما ولا يمكن حينها التحدث معه أو الاقتراب منه) في جميع القضايا الـ3.

حكم بالإعدام

أصدرت المحكمة حكمًا بالإعدام في 17 ديسمبر 2019 على مشرف في قضية الخيانة العظمى، بعد 6 سنوات من بدء المحاكمة، وهي القضية التي رفعتها حكومة حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية لتعليقه العمل بالدستور في 3 نوفمبر 2007، وفقًا لما أوردته الصحيفة الباكستانية.

وبعد شهر، أعلنت محكمة لاهور العليا عدم دستورية جميع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السابقة ضد مشرف، وأشارت إلى أن المحكمة الخاصة التي أدانت المُدعى عليه بتهمة الخيانة، هي محكمة غير دستورية.

ديكتاتور ولكن

رغم هذه الأحداث، أشاد المساعد السابق لمشرف، فؤاد شودري، بسياسات الرئيس الأسبق وتأثيراتها في باكستان. وقال شودري في تصريحات نقلتها رويترز: “كان ديكتاتورًا عسكريًّا، وقاد باكستان في وقت صعب للغاية، ويعتقد الباكستانيون أن فترة حكمه كانت من أفضل الفترات في تاريخ باكستان”.

في ما قال الرئيس التنفيذي لمركز تبادلاد للأبحاث، ومقره إسلام أباد، لرويترز أيضًا، إن مشرف كان مسؤولًا عن تدمير باكستان، خلال فترة حكمه.

باكستان تنعي مشرف

قدم رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، التعازي في وفاة برويز مشرف، في تغريدة على موقع التغريدات الشهير تويتر، وقال شريف في تغريدته: “أقدم التعازي لعائلة الجنرال الراحل، برويز مشرف، نتمنى أن ترقد روحه في سلام”.

في ما قدمت سفيرة باكستان السابقة بالولايات المتحدة، مليحة لودي، التعازي في وفاة مشرف في تغريدة على موقع التواصل تويتر، وقالت لودي في تغريدتها: “توفى برويز مشرف، إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله”.

وأعرب مجلس الشيوخ الباكستاني عن حزنه لوفاة مشرف، وكتب على تويتر “أعرب رئيس مجلس الشيوخ، محمد صادق سنجراني، عن حزنه العميق وحزنه الشديد لوفاة الرئيس السابق، الجنرال برويز مشرف”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ربما يعجبك أيضا