بعد العقوبات الأمريكية.. هل يرضخ أردوغان لمطالب واشنطن؟

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

تصاعدت الأزمة بين واشنطن وأنقرة على خلفية احتجاز السلطات التركية للقس الأمريكي، آندرو برونسون، والتي كان آخرها فرض عقوبات من قبل وزارة الخزانة الأمريكية على وزيري العدل والداخلية التركيين.

ويعتبر اعتقال القس “برونسون” أحد أبرز المواضيع العالقة، التي تدفع باتجاه توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدد، الخميس الماضي، بفرض “عقوبات كبرى” على تركيا إذا لم تطلق سراح عن القس الأمريكي آندرو برونسون.

وقررت السلطات التركية وضع “برونسون” تحت الإقامة الجبرية بعد سجنه لمدة 21 شهرا بتهمة دعم جماعة فتح الله جولن.

ترامب ينفذ تهديده

نشرت وزارة الخزانة الأمريكية الأربعاء 1 أغسطس، بيانا أعلنت فيه عن فرض عقوبات على وزير الداخلية التركي سليمان سويلو، ووزير العدل، عبد الحميد غل، لدورهما في اعتقال واحتجاز برونسون.

وقالت الخزانة الأمريكية في بيانها: “هذان المسؤولان يقودان منظمات تابعة للحكومة التركية وهي مسؤولة عن انتهاكات تركيا الصريحة لحقوق الإنسان”.

بدوره، أكد وزير العدل الأمريكي، ستيفن مانشن، أن احتجاز القس الأمريكي دون وجه حق أمر لا يمكن القبول به، ونوّه إلى ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن واشنطن تنتظر من أنقرة الإفراج عن برونسون.

وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، إن العقوبات المفروضة على وزيري العدل والداخلية التركيين، جاء بسبب قيامهما بلعب دور بارز في توقيف واعتقال القس برونسون. 

وتضمن العقوبات تجميد الأصول المالية والممتلكات للوزيرين وإدراجهما تحت الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب بشأن منتهكي حقوق الإنسان.

تركيا تحتجّ بشدة

وعلى الفور أعربت وزارة الخارجية التركية، عن احتجاجها الشديد بشأن العقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأمريكية ضد وزيرين أتراك، ودعت الولايات المتحدة إلى التخلي عن هذا “القرار الخاطئ”.

وقالت الخارجية التركية في بيان: “نحن نعارض بحزم قرار وزارة الخزانة الأمريكية بالنسبة لبلدنا وندعو القيادة الأمريكية إلى التخلي عن هذا القرار الخاطئ”.

كما أصدر البرلمان التركي بيانا يدين عقوبات واشنطن على وزيري العدل والداخلية، وشدد على أن هذا الموقف “غير مقبول من حيث الصداقة والشراكة القائمة بين البلدين، وعضويتهما المشتركة في حلف شمال الأطلسي”.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد صعّد من حدة تصريحاته ضد واشنطن، قائلأ إن تركيا لن تقدم تنازلات فيما يتعلق باستقلال القضاء وأن ملاحظات “العقلية الصهيونية الإنجيلية” في الولايات المتحدة غير مقبولة.

رد الوزيرين التركيين

العقوبات الأمريكية على وزيري العدل والداخلية التركيين دفعتهما إلى الرد، عبر حسابيهما الرسمي بتويتر، حيث رد وزير الداخلية التركي، سليمان سويلو، قائلا: “لدينا شيء يخصنا في أمريكا (فيتو) ولن نتركه هناك”.

ويشير مصطلح “فيتو”، الذي استخدمه سويلو إلى رجل الدين التركي فتح الله جولن، المتهم من قبل أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في 15 يوليو عام 2016، إذ لفت وزير الداخلية التركي إلى أن جولن، الذي يقطن في بنسلفانيا هو جزء من الممتلكات التركية.

وفي السياق ذاته قال وزير العدل التركي، عبد الحميد غل، في تغريدة له على “تويتر”، إنه “لا يملك قرشا واحدا في الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى خارج بلاده”، كما أكد أيضا أن قرار البيت الأبيض بإعلان العقوبات يعد “تدخلاً في القضاء التركي”.

أردوغان يهدد أمريكا

وتحت عنوان “لا غاز ولا قس ولا مقاتلات”، كتب سيرغي ستروكان محلل الشؤون الدولية في صحيفة “كوميرسانت”، مقالا حول إصرار أردوغان على عدم التنازل لأمريكا في أي من الملفات.

وجاء في المقال: وضع الرئيس التركي أردوغان الولايات المتحدة أمام تحد مفتوح، مهددا بأن واشنطن تخاطر، في حال فرضت عقوبات، بفقدان “شريك قوي ومخلص مثل تركيا”، ولمّح إلى أنه غير مستعد لتقديم تنازلات بشأن أي من القضايا المثيرة للجدل. وأعلن عزمه على رفع دعوى قضائية في محكمة التحكيم الدولية إذا لم تتسلم أنقرة مقاتلات إف 35، ورفض مطالب الإفراج عن القس الأمريكي المعتقل، أندرو برونسون، المتهم بالمساعدة والتحريض على محاولة الانقلاب في العام 2016.

يقول ستروكان في مقاله “ثمة نقطة أخرى غير سارة بالنسبة لواشنطن هي تصريح أردوغان، الذي نشرته وكالة الأناضول التركية في 29 يوليو، بأن تركيا على الرغم من علاقات التحالف مع الولايات المتحدة، لن تنضم إلى العقوبات الأمريكية ضد طهران ولن تتخلى عن مصادر الطاقة الإيرانية”. وقال: “قلت لأوباما وكررت لترامب أن تركيا تشتري الغاز من إيران. إذا توقفت عن شرائه، من الذي سيزود تركيا بالغاز؟”.

ويضيف “على خلفية فتور العلاقات مع الولايات المتحدة تراهن أنقرة على مراكز قوة بديلة وتحاول إحياء الحوار مع شركاء الولايات المتحدة البارزين في أوروبا الغربية. فقد أشارت صحيفة بيلد الألمانية، مستندة إلى مصادر في حكومتي البلدين، إلى الزيارة الرسمية المزمعة التي سيقوم بها رجب طيب أردوغان إلى ألمانيا في نهاية سبتمبر”.

ربما يعجبك أيضا