بعد تفجر الوضع في غزة.. وكالات التصنيف تنظر لإسرائيل بعين التخفيض

ولاء السيد
بعد تفجر الوضع في غزة.. وكالات التصنيف تنظر لإسرائيل بعين التخفيض

يجبر التصعيد العسكري الحالي بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية وكالات التصنيف الائتماني على مراقبة الوضع من كثب، وتأثيره الاقتصادي.

ومن هذه الزاوية، بادرت وكالة موديز، أمس الخميس 12 أكتوبر 2023، بإرسال تحذير إلى إسرائيل، قبل أيام فقط من مراجعة مقررة للتصنيف، مفاده بأن الحرب الطويلة مع الفلسطينيين قد تؤدي إلى خفض تصنيفها الائتماني.

تصاعد العنف

يمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حاليًّا بأسوأ تصعيد منذ 50 عامًا، الأمر الذي أثار تساؤلات، ليس فقط عن التكلفة الإنسانية، بل كذلك بشأن الخسائر الاقتصادية لإسرائيل.

ووفق تقرير موديز، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي خطرًا كبيرًا مع ارتفاع تكلفة التأمين على ديونه ضد التخلف عن السداد إلى أعلى مستوى، منذ ما يقرب من عقد، خلال الأسبوع الحالي.

تكلفة تأمين السندات

مع اشتداد الصراع بين إسرائيل وحركة حماس، صعدت تكلفة تأمين السندات الإسرائيلية ضد التخلف عن السداد بمقدار 45 نقطة أساس، خلال الأسبوع الحالي، لتتجاوز 104 نقاط أساس، وهو أعلى مستوى في 10 سنوات.

ويشي الوضع الحالي بأن تصنيف اسرائيل الائتماني في طريقه نحو الخفض الأول من إحدى وكالات التصنيف العالمية الثلاث الرئيسة، ستاندرد آند بورز جلوبال، وموديز وفيتش، بعد أن سلط محللون الضوء على الارتفاع الذي حدث هذا الأسبوع في تكلفة تأمين الديون.

بنوك تخفض تصنيف إسرائيل

قبل ما يزيد على شهرين، وفي أعقاب مظاهرات داخل إسرائيل ضد قانون يحد من صلاحيات المحكمة العليا على الحكومة، بدأ المعنيون بالتصنيف الائتماني في خفض تصنيف إسرائيل، وسط وابل من التحذيرات بشأن تصاعد حالة عدم اليقين، التي قد تدفع المستثمرين للانسحاب من السوق.

وحينها خفّض بنك مورجان ستانلي التصنيف الائتماني السيادي لإسرائيل إلى سلبي، وقال محللوه الاقتصاديون إنهم “يشهدون تزايدًا في حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية في الأشهر المقبلة، ومخاطر التحول إلى السيناريو المعاكس”.

مصير محتوم

ذكر البنك، في تقريره عن أسباب الخفض، أنه يرى شكوكًا متزايدة في ما يتعلق بالتوقعات الاقتصادية لإسرائيل في الأشهر المقبلة، ناصحًا عملاءه ضمنيًّا بعدم الاستثمار في السندات والأوراق المالية الإسرائيلية.

ويشي هذا الأمر أن تصنيف اسرائيل الائتماني كان في طريقه نحو الانخفاض، حتى لو لم تشتعل الأحداث مؤخرًا في قطاع غزة، لكنها زادت من المخاطر المحيطة بالاقتصاد الإسرائيلي.

وبالمثل، أصدر سيتي بنك الأمريكي تقريرًا خاصًا بشأن الاقتصاد الإسرائيلي، ذكر فيه أنه بعد تشريع تقليص صلاحيات القضاء أصبح الوضع أكثر خطورة وتعقيدًا، وأشار إلى حذر لدى المستثمرين بشأن الاستثمار في إسرائيل حتى يستقر الوضع.

خطوات مسبقة

في إبريل الماضي، وبعد قرابة شهر على انطلاق الاحتجاجات الشعبية الإسرائيلية على خطة إصلاح القضاء، خفضت موديز نظرتها المستقبلية للاقتصاد الإسرائيلي من إيجابية إلى مستقرة، مؤكدة التصنيف الائتماني لها عند A1.

وفي تعليقه على هذا القرار، رأى وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن قرار وكالة موديز بشأن خفض نظرتها المستقبلية للتصنيف السيادي لإسرائيل “ليس حدثًا جللًا”، مشيرًا إلى أن خطة الحكومة لإجراء تعديلات قضائية ستساعد الاقتصاد.

خفض مرتقب

لم يكن اقتصاد إسرائيل المترنح، في خضم صراع وتوتر سياسي نتيجة إقرار قانون جديد في إسرائيل يحد من بعض سلطات المحكمة العليا مستعدا لحرب السابع من أكتوبر الجاري، فيما كان يترقب إصدار تصنيفه الائتماني من وكالات “موديز وستاندرد آند بورز” وسط آمال بإيجابيتها.

في يوليو الماضي، قالت وكالة “موديز” إن التوترات السياسية الناجمة عن إقرار قانون جديد يحد من بعض سلطات المحكمة العليا يشير إلى أن التوترات السياسية ستستمر وسيكون لها على الأرجح عواقب سلبية على الوضعين الاقتصادي والأمني في إسرائيل.

 تبعات الصراع في غزة

نشرت صحيفة هارتس الإسرائيلية، تقريرًا بشأن الأوضاع الاقتصادية المقبلة، الذي جاء تحت عنوان: “كارثة تلوح في الأفق على الجبهة الاقتصادية”، قائلة إن النزاع الدائر سيؤدي -كالعادة- إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد وستجف السياحة، ويصاب النشاط الاقتصادي في الجنوب بالشلل، وسيرتفع الإنفاق الدفاعي، وسيغيب العمال عن وظائفهم للخدمة الاحتياطية.

ومن شان الصراع في غزة أن يعمق جراح الاقتصاد لدى إسرائيل، المتوقع أن يتباطأ نشاطه في 2023، مع تراجع القوة الشرائية للأسر وكبح الشركات للاستثمار، وفق ما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي في ختام مشاورات المادة الرابعة مع إسرائيل في يونيو الماضي.

خسائر فادحة

قدر استراتيجي الأسواق في بنك هبوعليم، أكبر بنوك إسرئيل، مودي شافيرر، خسائر التصعيد في غزة على الميزانية الحالية بنحو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي أي 27 مليار شيكل على الأقل (ما يعادل 6.8 مليار دولار)، ما يعني أيضا زيادة العجز بما لا يقل عن 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، لتصبح الخسارة الأعلى منذ حرب أكتوبر عام 1973.

وتزيد هذه التقديرات على إجمالي خسائر الناتج المحلي الإجمالي من عملية “الجرف الصامد” كما أطلقت عليها إسرائيل في يوليو 2014، التي بلغت 3.5 مليار شيكل.

ديون إسرائيل

على الرغم من توقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بقدر أكبر ويظل أقل من 60%، فإن تبعات النزاع في الأراضي المحتلة سيكون لها تأثير مباشر في زيادة الدين العام، مع طرح إسرائيل حملة سندات الشتات، لجمع الأموال وسط حربها.

ووفق بيانات CEIC، فإن ديون الحكومة الإسرائيلية بلغت 294.7 مليار دولار في ديسمبر 2022، مقارنة بـ335.7 مليار دولار في العام 2021، حين كانت عند أعلى مستوى لها على الإطلاق.

وعلى مستوى القطاعات، فإنه مع تراجع سعر الشيكل مقابل الدولار، وتدخل بنك إسرائيل المركزي لدعمه بنحو 30 مليار دولار، سيؤدي ذلك إلى زيادة معدل التضخم، ومع استمرار الصراع واتساع نطاقه سيؤدي إلى شبه شلل النشاط والإنتاج وبالتالي انخفاض المعروض من السلع القادمة من الموانئ، وإلحاق الضرر بالصناعة المحلية.

حرب أكتوبر جديدة

وفق ما أوردته صحيفة هارتس الإسرائيلية، فإنه بالنظر إلى الاقتصاد الكلي، هددت هذه الحرب الأخيرة الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي بطريقة لم يشهدها منذ حرب أكتوبر عام 1973، مشيرة إلى أن دورة الأعمال في إسرائيل تتغير هذه الأيام من فترة الازدهار إلى فترة الركود.

وأوضحت الصحيفة أنه في حين نما الاقتصاد الإسرائيلي بأكثر من 15% في الفترة 2022-2021، بمتوسط معدل 7.5% سنويًّا، فإن معدل النمو يتراجع الآن إلى 3%، علاوة على أن التوقعات تشير إلى اتجاه تنازلي.

ومن المعتقد على نطاق واسع أن النمو الذي ستشده اسرائيل في عام 2023 هو في الأساس نهاية للنمو السريع للغاية، الذي شهدته في العامين الماضيين والتعافي من جائحة كوفيد-19.

ربما يعجبك أيضا