بعد فوزها برئاسة وزراء بريطانيا.. تحديات داخلية صعبة لحكومة ليز تراس

آية سيد
ليز تراس

تواجه ليز تراس أزمات متعددة، من التضخم وأزمة تكلفة المعيشة إلى فواتير الطاقة وانقسام حزب المحافظين. كيف ستتعامل معها؟


أصبحت ليز تراس رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة، خلفًا لبوريس جونسون، بعد فوزها في سباق قيادة حزب المحافظين بـ 57% من الأصوات مقابل 43% لمنافسها، ريشي سوناك.

وتواجه تراس الكثير من التحديات في ظل الأزمات المتعددة التي تواجهها البلاد، وبحسب تحليل للصحفية البريطانية، بيث ريجبي، نشرته شبكة “سكاي نيوز“، اليوم الثلاثاء 6 سبتمبر، ستكون الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ملامح رئاسة تراس للوزراء.

أولويات ليز تراس

بحسب بنك “جولدمان ساكس” الاستثماري، وصل التضخم في بريطانيا إلى 10.1% في يوليو الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 40 عامًا. ومن المتوقع أن يواصل الارتفاع ليصل إلى 18% أو حتى 22%. وسترتفع فواتير الطاقة المنزلية 80% في أكتوبر المقبل ليبلغ متوسطها 3 آلاف و500 إسترليني في العام، في حين قد يُجبر عدد لا حصر له من الشركات على الإغلاق لأنها لا تستطيع إنارة أضوائها.

وهذا الارتفاع في الفواتير، مصحوبًا بالتضخم والنمو الفاتر في الأجور، يجعل الأسر البريطانية تواجه أكبر ضغط على مستويات المعيشة منذ قرن. وبحسب بحث نشرته “مؤسسة ريزوليوشن”، الأسبوع الماضي، سينخفض دخل الأسر 10%، بما يساوي 3 آلاف إسترليني، بمنتصف العام المقبل.

وفي هذا الشأن، قال أحد حلفاء تراس في الحكومة إنها تواجه “أصعب مهام منذ تلك التي واجهت تاتشر عام 1979”. وأضاف “ليز تعلم أن لديها الكثير لتفعله في وقت قصير. ستكون أولوياتها هي تكلفة المعيشة، وإمدادات الطاقة والاستثمار الذي يهدف إلى النمو”.

أزمة الطاقة

تعلم تراس وفريقها أن طريقة تعاملها مع أزمة الطاقة ستحدد مسار رئاستها للوزراء. ووعدت بخطة لمساعدة المواطنين في سداد فواتير الطاقة خلال أول أسبوع لحكومتها، قبل ميزانية مصغرة أخرى من مستشار خزانتها المتوقع، كواسي كوارتنج، التي قد تأتي في 21 سبتمبر الحالي.

ولكن خطة تراس، التي تعتمد على إلغاء الرسوم الخضراء، وخفض ضريبة القيمة المضافة على الفواتير، لن تكون كافية لمواجهة الارتفاع المتوقع، بحسب ريجبي التي تقول إن فريق تراس، بقيادة كوارتنج، يعمل مع بنك إنجلترا لتوفير سيولة أفضل في سوق الطاقة بالجملة. ويطلب من الموردين المرتبطين بعقود قديمة الانتقال إلى الترتيبات الجديدة لتخفيض سعر الطاقة.

وتتوقع المحللة البريطانية أن تؤدي هذه الخطوات إلى خفض 400 إلى 500 جنيه إسترليني من فواتير الطاقة، ولكنها تقول إنها لن تكون جاهزة قبل الشتاء المقبل.

التعامل مع الاقتصاد

لفتت ريجبي إلى أن طريقة تعامل تراس مع فواتير الطاقة ستنعكس على نهجها تجاه الاقتصاد. وبالنسبة إلى سوناك تعدّ خطط تراس “اقتصادًا خياليًّا”، ووصفها أكبر مؤيديه، دومينيك راب، بأنها “رسالة انتحار انتخابي” تخاطر بإفلاس بريطانيا. ولكن معكسر تراس يؤمن بأن الوقت حان للقضاء على “النهج التقليدي لوزارة الخزانة” واتباع نهج مختلف عبر خفض الضرائب لتعزيز النمو.

وعلى الجانب الآخر، يعتقد مؤيدو سوناك أن هذا النهج خاطئ، ويخاطر بتأجيج التضخم، وقد يرفع أسعار الفائدة ويزعزع استقرار الأسواق. ويقولون إن التعهدات الخاصة بالضرائب، والإنفاق الدفاعي وفواتير الطاقة قد تتجاوز 100 مليار إسترليني.

وفي هذا السياق، قال الباحث في معهد الدراسات المالية، بول جونسون: “من الصعب جدًا فهم التخفيضات الضريبية، خصوصًا أنها تأتي وسط أزمة تكلفة المعيشة”. وأضاف: “فكرة أننا قادرون على التعويض (في ما يخص فواتير الطاقة) وخفض الضرائب وجعل الجميع في حال أفضل غير قابلة للتحقيق”، لافتًا إلى أن الهوس بالتخفيضات الضريبية ليس له علاقة بالأمور المهمة في الوقت الحالي.

قيادة حزب منقسم

ينقسم حزب المحافظين بشدة بشأن كيفية قيادة الدولة في الأوقات الاقتصادية العصيبة، لذلك سيكون من الصعب معالجة التوترات بشأن النهج الاقتصادي والإنفاق. وفي هذا الصدد، قال سوناك إنه لن ينضم إلى حكومة تراس بسبب خلافاتهما بشأن الاقتصاد، في حين قال أحد أكبر مؤيديه، الوزير السابق، مايكل جوف، إنه لا يستطيع الوعد بدعم ميزانية تراس المصغرة، ولكنه سيراقب إجراءاتها لخفض الضرائب.

ومن ناحية أخرى، يعترف مؤيدو تراس أنها ستواجه معركة شاقة في مجلس العموم. فالكثير من أعضاء البرلمان لا يقبلون رئاستها. وإضافة إلى هذا، لم تختف حركة “أي شخص غير ليز” داخل الحزب، ويعتقد مؤيدوها أن مؤيدي سوناك سيبدأون نهج “الأرض المحروقة” عند عودة أعضاء البرلمان، بدلًا من الالتفاف حول زعيمتهم الجديدة.

وينتظر أعضاء البرلمان رؤية ما إذا كانت تراس ستتبع نهج جونسون وتقصي أي شخص لم يدعمها، أم ستتبنى رؤية أكثر شمولًا في محاولة للم شمل الحزب مرة أخرى.

المزيد من التحديات

تواجه ليز تراس المزيد من التحديات هذا الشتاء، والمتمثلة في إدارة الخدمات الصحية الوطنية، والمدارس وأجور القطاع العام. فبحسب ريجبي، ينتظر 1 من كل 8 بريطانيين تقريبًا الرعاية الصحية، في حين تستغرق سيارات الإسعاف ما يقرب من ساعة في المتوسط للوصول إلى ضحايا النوبات القلبية والسكتات الدماغية. ويصوت الممرضون والمعلمون على الإضراب، ويبدو أن الوضع يتجه إلى الأسوأ.

ويفرض التضخم المزيد من الضغوط على الميزانيات المرهقة بشدة. إضافة إلى ضغط رواتب القطاع العام، وإمكانية الإضراب في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، والمدارس والقطاع العام الأوسع، ما يحتاج إلى إنفاق إضافي.

ربما يعجبك أيضا