بعد 3 أشهر من الحراك.. العراق على صفيح ساخن ولا عزاء للأحرار

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

منذ الساعات الأولى لصباح اليوم السبت، تشهد محافظات العراق من شمالها إلى جنوبها، عمليات كر وفر بين القوات الأمنية والمتظاهرين، تخللها استخدام للرصاص الحي من قبل الفريق الأول، وفتح بالقوة للطرقات التي قام المتظاهرون بقطعها سلفا، وفض لخيام الاعتصام في العديد من الساحات، وسط أنباء عن سقوط جرحى في صفوف المحتجين.

البداية كانت من محافظة البصرة جنوبا، حيث اقتحمت أكثر من 60 عربة عسكرية تقلّ عناصر من قوات الأمن، فجرا، ساحة الاعتصام الرئيسية بالمحافظة، وقامت بحرق خيام المعتصمين، كما قامت بتنفيذ حملة اعتقالات طالت عددا كبيرا من المعتصمين، المشهد نفسه تكرر في الديوانية وذي قار وكربلاء وصولا إلى بغداد، التي لا تزال القوات الأمنية تحاول فيها التقدم باتجاه “ساحة التحرير” رمز الحراك الشعبي الممتد منذ أكتوبر الماضي، وسط مطالبات بإصلاحات سياسية واقتصادية، وتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن المصالح الحزبية والطائفية الضيقة.

العاصمة على صفيح ساخن

في بغداد، يبدو المشهد أكثر سخونة، حيث أقدمت القوات الأمنية وبالقوة صباحا، على فتح الطرقات والجسور – التي ظلت طوال الأشهر الماضية مقطوعة أمام حركة السير ضمن خطوات للضغط الشعبي على الحكومة من أجل تنفيذ مطالب الحراك – وأعلنت قيادة عمليات بغداد في بيان رسمي، عن إعادة فتح طريق محمد القاسم وجسر الأحرار وساحتي قرطبة والطيران أمام حركة العجلات بشكل كامل.

فيما نوه السكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة الفريق الركن محمد حميد البياتي، في بيان آخر، إلى أن الأجهزة الأمنية ستفتتح جسر السنك وسط بغداد عصر اليوم، في تأكيد على إصرار القيادة السياسية والأمنية للبلاد على وضع حد للتظاهرات الشعبية ولو بالقوة!

وأفادت أنباء ومقاطع فيديو متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ظهرا، بأن قوات مكافحة الشغب اقتحمت ساحة الخلاني وقامت برفع الحواجز الخرسانية من مداخلها ومخارجها، لتبدأ في التقدم باتجاه ساحة التحرير، مستخدمة الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

وبحسب حصيلة أولية، أسفرت الهجمة الأمنية في وسط بغداد منذ صباح اليوم وحتى اللحظة عن إصابة 7 من المتظاهرين بجروح متفرقة، وإصابة 20 آخرين بحالات اختناق جراء الغاز المسيل للدموع.

المتظاهرون يردون

وفي خطوة أولى للرد على هذا التصعيد الأمني، أعلنت اللجنة التنسيقية للتظاهرات، أن المحتجين باقون في الساحات حتى تحقيق المطالب التي نزلوا إلى الشوارع من أجلها في أكتوبر الماضي، وقالت في بيان: إن متظاهري العراق لم يخرجوا إلى الساحات بفتوى دينيّة أو تغريدة صدريّة – في إشارة إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر- وإنهم لن يغادروا حتى تحقق المطالب جميعها.

واتهم البيان الصدر بخيانة الأحرار، قائلا: يجب ألا يراهن الصدر وأنصاره على نفاد صبر المحتجين، لن نكون ورقةَ على طاولة المتاجرة السياسة كما فعل الصدر.

يذكر أن الصدر دعا أنصاره أمس الجمعة، إلى ترك ساحات الاعتصام والتظاهر، معربًا عن خيبة أمله تجاه المتظاهرين المناهضين للحكومة في ساحة التحرير.

ومع تردد الأنباء عن التصعيد الأمني، توافدت جموع من المتظاهرين الغاضبين إلى “التحرير” لدعم المعتصمين هناك في مواجهة الأمن، وتمكنت بالفعل من استعادة السيطرة على الساحة.

إلى ذلك، جددت منظمة العفو الدولية اليوم، مطالباتها للسلطات العراقية بوقف استخدام “القوة المميتة” ضد المحتجين، وسط تخوف من سقوط المزيد من القتلى في صفوف المدنيين، يذكر أنه منذ بداية الحراك الشعبي في أكتوبر 2019 سقط في أرجاء العراق نحو 600 قتيلاً، وأكثر من 26 ألف جريح.

ومنذ يومين أفادت المنظمة، بأن القوات الأمنية بدأت حملة قمع وحشية اعتبارا من 20 يناير الجاري، تخللها استخدام للذخيرة الحية ضد المتظاهرين العزل، وقالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في المنظمة: قوات الأمن العراقية قد استأنفت حملتها القمعية المميتة ضد المحتجين الذين يمارسون ببساطة حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، وهذا التصعيد الأخير إنما هو إشارة واضحة إلى أن السلطات ليس لديها أي نية على الإطلاق لوضع حد حقيقي لهذه الانتهاكات الجسيمة.

 التصعيد الأمني في بغداد وغيرها من المحافظات، تزامن مع انتهاء المهلة التي حددها المتظاهرون لتسمية رئيس الوزراء الجديد، في أحدث إشارة على إصرار النخبة السياسية بالعراق على مواصلة النهج القديم نفسه القائم على المحاصصة الطائفية لتركيب الحكومة الجديدة وفرضها على الشارع بالقوة..  وعوضا عن أن تكون مهمة قوات الأمن هي حماية المتظاهرين السلميين ستكون المهمة الأولى لها هي القمع بكافة السبل، وما اليوم إلا بداية.

ربما يعجبك أيضا