تركيا تربط حدودها البحرية مع ليبيا لتعزل شرق المتوسط عن أوروبا

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

عجزت تركيا عن إيجاد مرفأ لبضائعها وتجارتها تجاه أفريقيا عبر السواحل المصرية؛ بسبب الإطاحة بالإخوان المسلمين في مصر. وكذلك عجزت تركيا عن فرض سطوتها على المنطقة البحرية الاقتصادية المحيطة بها تجاه قبرص اليونان؛ فاتجهت نحو ليبيا لتجد لها مرفئًا نحو أفريقيا، ولتسيطر على ثروات الغاز في تلك المنطقة لتقطع الطريق على غاز شرق المتوسط نحو أوروبا والأطلنطي. وأيضًا لتخفف الضغط عليها في منطقة قبرص اليونان، وابتزاز مصر لتقاربها مع اليونان وقبرص.

ووقعت حكومة الوفاق الوطني الليبية والحكومة التركية، يوم 27 نوفمبر الماضي، في مدينة إسطنبول، بحضور الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، فايز السراج، على مذكرتي تفاهم تنص أولهما على تحديد مناطق النفوذ البحري بين الطرفين، فيما تقضي الثانية بتعزيز التعاون الأمني بينهما.

وأثار الاتفاق البحري بين تركيا وليبيا ردود أفعال عنيفة من قبل اليونان وقبرص ومصر، اللتان أصدرتا في حينه بيانا مشتركا اعتبرت فيه أن توقيع مذكرة التفاهم هذه إجراء لا يوجد له “أي أثر قانوني”.

تقنين الوضع

تقدمت تركيا بطلب إلى الأمم المتحدة لتسجيل مذكرة التفاهم مع ليبيا، المتعلقة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بحسب ما أفادت به وكالة الأناضول.

وذكرت وكالة “الأناضول” التركية أن هذه المذكرة “جعلت البلدين جارين في الحدود البحرية، مما يمنح الحكومة في طرابلس عمقا استراتيجيا وتفوقا على خصومها في الداخل”، في إشارة إلى قوات “الجيش الوطني الليبي” بقيادة المشير، خليفة حفتر.

منطقة بحرية اقتصادية بين تركيا وليبيا

حددت المادة الأولى من هذه الاتفاقية المثيرة للجدل الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة بين تركيا وليبيا بالبحر المتوسط وفق خريطة مرفقة بدءا من النقط “أ” وانتهاء بالنقطة “ب”.

اللافت أن وكالة أنباء “الأناضول”، ذكرت بكل وضوح أن أنقرة باتفاقيتها مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية المتمركزة في طرابلس، أحبطت “الخطة الرامية إلى حبس تركيا في نطاق ضيق لا تتعدى مساحته 41 ألف كم مربع في البحر الأبيض المتوسط”.

واتهم تقرير لـ”الأناضول” اليونان بأنها بعد سقوط نظام القذافي في ليبيا عام 2011 استغلت “الفراغ الحاصل، وقامت بالاستيلاء على منطقة بحرية مساحتها 39 ألف كم مربع. بهذه الطريقة تكون اليونان قد سيطرت على كافة قطاعات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط عبر جزيرة كريت”.

ورأت الوكالة التركية في هذا السياق، أن الاتفاق التركي الليبي قطع الطريق على اليونان وحرمها من الوضع الذي حاولت فرضه.

والواضح أن تركيا تحاول تشكيل حزام بحري بين تركيا وليبيا يقطع الطريق بين شرق المتوسط عن أوروبا والمحيط الأطلنطي.

ولذلك، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أن “لا أحد يمكنه القيام بهذه الأنواع من الأنشطة في جرفنا القاري من دون إذننا”.

وأكد تشاووش أوغلو أن بلاده ستمنع أعمال التنقيب في شرق المتوسط في حال أقدمت أي دولة أخرى على ذلك، كما أعرب عن استعداد بلاده للجلوس مع اليونان لحل الخلاف.

تقنين التواجد العسكري التركي

لا تنص الاتفاقية الموقعة بين تركيا وليبيا على إرسال قوات تركية إلى ليبيا؛ لكن أردوغان لوح بذلك. ما دفع مصر إلى إجراء تمرين عسكري في البحر المتوسط للتأكيد على الدفاع عن مصالحها في منطقة شرق المتوسط.

وبالتزامن هذه التطورات طالبت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج بأن يدعو تركيا لنشر قواتها في ليبيا. وهو نوع من محاولة شرعنة الطموح التركي في تركيا عبر قاعدة الإخوان حلفاء أنقرة.

أزمة ليبيا

بلا شك، تشتغل تركيا الأزمات الداخلية في ليبيا، وتعزز من أزمة الصراع بين الفصائل المتناحرة هناك عسكريا وسياسيا من أجل إيجاد موطئ قدم لها في ليبيا. ولذلك، بدأ التحرك للدفع لحل أزمة ليبيبا للسيطرة على الطموحات التركية في منطقة شرق المتوسط، والتي تهدد مصالح دول جوار ليبيا وكذلك مصالح أوروبا وروسيا.

حيث قال الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، إن مصر أول من تضررت من الموقف اللي حصل في ليبيا، وندعو للتحرك لسرعة إنهاء هذه الأزمة، التي تؤثر على أمننا واستقرارنا جميعا.

وأعلن وزير الخارجيبة الأميركي مايك بومبيو أن الولايات المتحدة تريد العمل مع روسيا لإنهاء الصراع في ليبيا.

وليبيا منقسمة منذ 2014 بين فصائل عسكرية وسياسية متنافسة في العاصمة طرابلس والشرق. وتخوض الحكومة المعترف بها دوليًا برئاسة فائز السراج صراعا مع الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر.

وتحاول القوات الليبية منذ أبريل/ نيسان الاستيلاء على طرابلس وإنهاء سيطرة الميليشيات المسلحة هنالك.

واتصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحفتر في الأسابيع الأولى من الهجوم، في تحرك اعتبره بعض الدبلوماسيين مؤشرا على أن واشنطن ربما تدعم الجيش الليبي تحرير طرابلس من الميليشيات وتخليصها من الفوضى لكن واشنطن دعت الشهر الماضي الجيش الوطني الليبي لإنهاء هجومه على طرابلس وحذرت من التدخل الروسي.

ويقول دبلوماسيون إن تركيا أرسلت طائرات مسيرة وشاحنات للقوات المتحالفة مع السراج في انتهاك واضح للقرارات الدولية بمنع تسليح أطراف النزاع في ليبيا.

ربما يعجبك أيضا