تركيا تسعى لكسب دعم إيران ضد الكردستاني في العراق

يوسف بنده

رؤية

قال وزير الدفاع التركي نورالدين جانيكلي: إن إيران أبدت دعمها لعملية تركية محتملة ضد المسلحين الأكراد على حدودها مع شمال العراق. ويعكس هذا التصريح التحالف التركي الإيراني تاريخيا في مواجهة الأكراد.

ويحاول وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو استدراج إيران لتشارك في الهجمات التي تشنها القوات التركية على شمال العراق، حيث معاقل حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، منذ 11 مارس الماضي.

وقد نقلت وكالة الأناضول التركية عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قوله: “إن عدم مهاجمة المنظمة الإرهابية بيجاك (ذراع بي كا كا في إيران) لإيران حاليا لا يعني أنها بمنأى عن هجماتها غدا أو بعد غد، وطهران تدرك ذلك”.

جاء ذلك في تصريحات لقناة “تي آر تي خبر” التركية الرسمية أمس الجمعة، أكد فيها جاويش أوغلو ضرورة تخلص تركيا من الإرهاب في جبال قنديل شمالي العراق، مشددًا على وجوب نجاح تركيا في عملياتها من أجل الظفر بالاستقرار.

وأضاف، “من المعروف أن الإرهابيين يتسللون إلى تركيا من الجانب العراقي، ولذلك علينا التخلص من المستنقع الذي في الجانب الآخر”.

وشدد جاويش أوغلو على أن العمليات التي تقودها القوات التركية في قنديل ناجحة للغاية، وأن المنظمة (بيجاك/ بي كا كا) تعتبر تهديدًا على إيران أيضًا.

ولفت إلى أن طهران تعلم بأن المنظمة الإرهابية ترغب في تقسيم إيران، وقال بهذا الصدد: “لذلك ينبغي أن تكون طهران في تعاون مستمر معنا”.

وكان أوغلو قد قال، قبل أيام، إن بلاده على اتصال مع إيران فيما يتعلق بعملية عسكرية محتملة ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني في منطقة قنديل الواقعة بشمال العراق والقريبة من الحدود الإيرانية.

كما كان وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي قد قال -في 12 يونيو الجاري- إن الجانبين الإيراني والعراقي قد أعربا عن دعمهما للعملية العسكرية التركية المحتملة على شمال العراق، في حين أن الحكومة العراقية سارعت إلى تفنيد ذلك، ولم تبدِ الحكومة الإيرانية أيّ ردّ فعل، لم تنفِ أو تؤكّد الأمر.

كما نقلت الأناضول عن نائب رئيس الوزراء التركي، رجب أقداغ، قوله: “إن منظمة “بي كا كا” الإرهابية تعرضت للهزيمة بالمعنى الحقيقي للمرة الأولى في تركيا منذ 35 عامًا”.

وأضاف الوزير التركي أن “إرهابيي “بي كا كا” تعرضوا لهزيمة كبيرة جدًا جراء العمليات التي تجريها بلاده، وأصبحوا يبحثون عن جحور يختبئون بداخلها”.

ومنذ 11 مارس الماضي، تواصل القوات المسلحة التركية بحزم عملياتها ضد المناطق التي تضم معسكرات “بي كا كا”، شمالي العراق.

وتسعى القوات التركية من خلال عملياتها العسكرية، إلى تدمير أسلحة ومواقع وملاجئ المنظمة الإرهابية، وتأمين الحدود التركية مع العراق، ومنع تسلل العناصر الإرهابية إلى الداخل التركي.

وتشن الطائرات التركية غارات شبه يومية على مناطق تواجد مسلحي حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، فضلا عن توغل الجيش التركي داخل الأراضي العراقية في الإقليم.

وتصنف تركيا منظمة “حزب العمال الكردستاني” على أنها منظمة إرهابية انفصالية.

تجاوب إيراني

وفي تصريحات تبدو تجاوبًا للمطالب التركية للتعاون بين أنقرة وطهران حول خطر حزب العمال الكوردستاني، قال وزير الدفاع الإيراني، العميد امير حاتمي ان هناك مشروعين جغرافيين هامين للغاية يقوم الأمريكان بتنفيذهما حاليًا في المنطقة مضيفا أن هذين المشروعين يهدفان إلي العبث بالحدود الجغرافية وتغييرها لذلك يجب أن لا تقتنع دول المنطقة بالوعود الأميركية العابرة سريعا.

وقال حاتمي -في كلمة ألقاها الخميس الماضي في موتمر الجغرافيا الإيراني الذي عقد في موسسة الشوون الجغرافية التابعة للقوات المسلحة الإيرانية بحضور النائب الأول لرئيس الجمهورية- أن الأمن والدفاع يرتبطان بالجغرافيا إرتباطًا قريبًا.

وأشار إلى مؤامرة الأعداء لتقسيم منطقة كردستان العراق وفشلهم في تمرير هذه الموامرة بفضل وعي الناس والدعم الشامل للعراق وإيران وتركيا.

وصرح أن بعض الدول المنطقة تفكر بأنها ستكون مصونة من عواقب العبث بالحدود بتصور أنهم قريبون للأميركان أكثر لكن الأعداء بحاجة إلى تصغير دول المنطقة من أجل مأسسة الاستثمار وهم يتابعون هذه المآرب في إطار هذه المشاريع.

دعاية إنتخابية

وتشهد تركيا، غدًا الأحد، انتخابات رئاسية وبرلمانية، يتنافس فيها كل من الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، و”محرم إينجه” (عن حزب الشعب الجمهوري)، وميرال أكشينار (عن الحزب الصالح)، وصلاح الدين دميرطاش (عن حزب الشعوب الديمقراطي)، و”تمل كرم الله أوغلو” (عن حزب السعادة)، و”دوغو برينجك” (عن حزب الوطن).

وفيما لم يتبق من الوقت إلا القليل قبل انطلاق الانتخابات التركية في 24 يونيو، كان قد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فجأة عن بدء عملية عسكرية في قنديل وسنجار ضد حزب العمال الكردستاني. وعلى الرغم من أن أردوغان يدرك جيدا أن إلحاق الهزيمة بحزب العمال الكردستاني أمر غير ممكن، إلا أنه قرر العمل على إضعافه على أي حال.

ويأمل حزب العدالة والتنمية أن تؤدي العمليات العسكرية إلى صرف انتباه الرأي العام القومي في تركيا عن المشاكل الاقتصادية المتنامية والفساد الداخلي المستشري عبر تصعيد لهجة الخطاب المناهض للغرب.

وفي غضون ذلك، اختار الحزب الدخول في تحالف وثيق مع القوات المسلحة بعد أن خاض صراعا داخليا مريرا على السلطة مع حلفائه السابقين في حركة كولن، وتصنف الحكومة الحركة الآن كجماعة إرهابية في أعقاب محاولة الانقلاب، وذلك على الرغم من أن كولن وأردوغان كانا لفترة طويلة في نفس الفريق ضد الجيش والبيروقراطية الكمالية.

والآن ومع اقتراب موعد الانتخابات، أصبحت قنديل على رأس جدول الأعمال في تركيا، حيث تقول أنقرة إنها تسعى إلى “قطع رأس الأفعى”، على حد تعبير مستشار أردوغان إيلنور شيفيك، على أمل أن تؤدي العمليات عبر الحدود إلى إضعاف حزب العمال الكردستاني.

لكن ما زال من المستحيل انتزاع السيطرة على قنديل في مثل هذه الفترة القصيرة قبل الانتخابات. فحتى الآن لم تصل القوات التركية إلى قنديل، ولا يمكن كذلك إجراء أي عملية برية في سنجار التي تخضع لسيطرة القوات العراقية. ومع هذا، قامت تركيا بضربات جوية ضد مواقع الحزب، بيد أن القوات البرية لم تصل بعد إلى المنطقة.

خلفية

وكان الحزب ذو الجذور الماركسية واللينينية قد تأسس عام 1978 ردا على ما يوصف بحرمان الأكراد من حقوقهم في الجمهورية التركية.

وسعى الحزب في بادئ الأمر إلى إنشاء دولة كردية مستقلة في جنوب شرق تركيا وأجزاء من الدول المجاورة لتضم الأكراد الذين أصبحوا بلا جنسية بعد الحرب العالمية الأولى. لكنه الآن يهدف إلى الحصول على حكم ذاتي للأكراد في العراق وسوريا وتركيا وإيران. وبدءا من عام 1984، خاض حزب العمال الكردستاني تمردا مسلحا ضد تركيا وشرع في شن هجمات على قوات الأمن التركية.

وكانت معسكرات حزب العمال الكردستاني تتمركز في البداية في لبنان، لكن الحزب انتقل بعد ذلك إلى جبال قنديل العراقية التي أصبحت المقر الرئيسي له. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، شنت تركيا عدة عمليات عسكرية كبيرة عبر الحدود لاجتثاث معسكرات حزب العمال الكردستاني من جذوره، لكن لم تكلل هذه الجهود بالنجاح حتى الآن.

وفي عام 2012، كانت هناك محاولة من حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية لتسوية خلافاتهما وحل المسألة الكردية، مما أسفر عن عقد محادثات رسمية بين حزب العمال الكردستاني والدولة. لكن عملية السلام الهشة انهارت في يوليو 2015، مما أدى إلى تجدد أعمال العنف التي كانت قد أودت بالفعل بحياة أكثر من 40 ألف شخص منذ بداية الصراع في الثمانينات.

ربما يعجبك أيضا