بعد عام قاسِ.. تفاؤل حذر يخيم على سماء الاقتصاد العالمي في 2023

ولاء عدلان

تهيمن حالة من عدم اليقين على توقعات الاقتصاد العالمي في 2023، وسط إصرار الاحتياط الفيدرالي على عدم خفض أسعار الفائدة قبل أن يرى مؤشرات واضحة على مسار هبوطي مستدام للتضخم.


ودعت الأسواق العالمية عامًا مضطربًا، متأثرًا بمعدلات قياسية للتضخم عالميًّا، وموجة من التشديد النقدي، بقيادة البنك المركزي الأمريكي.

ومع بداية 2023، انقسم الاقتصاديون حول العالم إلى فريقين، فريق شديد التشاؤم، يرى أن الاقتصاد العالمي يسير لا محالة تجاه ركود قاسٍ، وفريق آخر يتوقع تعافي الأوضاع الاقتصادية بدعم أساسي من تراجع تدريجي للتضخم.

هل يكون 2023 نهاية للأزمات؟

يأمل العالم، من شرقه إلى غربه، في أن يمثل العام الجديد 2023، نهاية لأزمات عدة، أنهكت شعوبه، أبرزها حرب أوكرانيا وارتفاع معدلات التضخم عالميًّا وكوفيد19، ولكن يبدو أن هذا لن يحدث قريبًا، فحملت عناوين الصحف أنباء عن زيادة عدد الإصابات بكورونا في الصين، واستمرار القصف الروسي للأراضي الأوكرانية، وفق “رويترز” و”بلومبرج”.

وحذرت بنوك وشركات استشارات مالية من حالة عدم يقين تهيمن على توقعات العام الجديد، مع إصرار الاحتياط الفيدرالي، “البنك المركزي الأمريكي”، على عدم خفض الفائدة، رغم وصولها إلى أعلى مستوياتها في 15 عامًا “4.25% و4.5%”، قبل أن يرى مؤشرات واضحة على مسار هبوطي مستدام للتضخم تجاه مستهدفه عند 2%.

تفاؤل حذر

أظهر استطلاع، أجرته شركة إبسوس لأبحاث السوق خلال الشهر الماضي، شمل أكثر من 24 ألف مواطن من 36 دولة حول العالم، أن 65% من البالغين في جميع أنحاء العالم “متفائلون” بأن 2023 سيكون أفضل من 2022، في حين قالت “كومنولث فاينانشال”، في تقريرها السنوي، إن محلليها متفائلون بحذر بشأن تحرك الاقتصاد العالمي في اتجاه إيجابي خلال 2023.

وأضافت: “نعتقد أن التضخم في طريقه إلى الانخفاض عالميًّا خلال 2023، مع تباطؤ الاقتصادات بسبب الزيادات الحادة في أسعار الفائدة، وتحديدًا في الولايات المتحدة، التي قد تتمكن في النهاية من النجاة من فخ الركود، مع استمرار الإشارات الإيجابية في محركات التضخم الرئيسة وسوق العمل القوية.

 

مرونة الاقتصاد العالمي أعلى من المتوقع

توقعت مذكرة لـ”يو بي آس أسيست مانجمنت” أن يصبح الاقتصاد العالمي مرنًا أكثر من المتوقع، مشيرة إلى أن الأوضاع الاقتصادية في بلدان أوروبا والصين، ستبدأ في التحسن مع نهاية الربع الأول من 2023 وهدوء موجة الرياح المعاكسة نسبيًّا، وتحديدًا معدلات التضخم المرتفعة وأسعار الطاقة.

وأضافت: “من المحتمل ألا ينكمش الاقتصاد الأمريكي، أكبر اقتصاد في العالم، بالحدة المتوقعة، مشيرة إلى أنها تتوقع التعافي بوتيرة أقوى في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بدعم أساسي من إعادة فتح الاقتصاد مع التخلي عن سياسة صفر كوفيد، وكذلك من تدخل الدولة لدعم قطاع العقارات.

وفي منطقة اليورو، توقعت “يو بي آس” أن تميل الأوضاع الاقتصادية إلى الاستقرار، وتصبح أقل سوءًا بدعم من تحسن معنويات المستهلكين والنشاط الصناعي، ونجاح بلدان التكتل في تأمين إمدادات كافية من الغاز.

الاقتصاد الأمريكي قد يمثل مفاجأة

توقعت “ولز فارجو” للخدمات المالية، مطلع ديسمبر الماضي 2022، أن يبدي الاقتصادي الأمريكي مرونة أكبر من اقتصادات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في مواجهة سيناريو الركود المتوقع، وأن يشهد انتعاشًا مع حلول منتصف 2023، وفق “بلومبرج”.

وتوقع “جولدمان ساكس” أيضًا أن تتمكن الولايات المتحدة هذا العام، من تجنب خطر الركود على العكس من أوروبا، مع تراجع تدريجي للتضخم، ليصل إلى 3% بنهاية العام، ومواصلة الاحتياط الفيدرالي لرفع الفائدة إلى مستويات 5% و5.25%.

واستبعد محللو جولدمان ساكس أي خفض لأسعار الفائدة الأمريكية خلال 2023، نظرًا إلى مرونة الاقتصاد الأمريكي وتوقعات بتراجع ضغوط الأسعار، واستمرار نمو الدخل الحقيقي والإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل نحو 70% من النشاط الاقتصادي الأمريكي.

موجة التشديد النقدي قد تنتهي مبكرًا

توقع بنك “جي بي مورجان“، في مذكرة نهاية الأسبوع الماضي، أن تضطر البنوك المركزية، وفي مقدمتها الاحتياط الفيدرالي، إلى وقف زيادات الفائدة مؤقتًا بحلول نهاية الربع الأول من 2023، مع ظهور إشارات لخفضها في وقت ما في 2024، ما سوف يؤدي إلى انتعاش الاقتصاد العالمي بنهاية العام الحالي.

وأضاف: “لا تزال توقعاتنا للنمو العالمي متدنية، ولكننا لا نرى أن الاقتصاد العالمي ينزلق تجاه ركود وشيك، ومع هذا فإن من المتوقع أن نرى ركودًا في أمريكا قبل نهاية 2024″، ويتوقع جي بي مورجان أن يسجل الاقتصاد الأمريكي هذا العام نموًّا 1%، وفي منطقة اليورو تتراجع هذه النسبة إلى 0.2%، في حين ترتفع في الصين إلى 4%.

319857303 559415489418177 2547974146357933551 nوفي المقابل توقع “سيتي بنك” أن يواصل الاحتياط الفيدرالي رفع الفائدة خلال 2023 إلى أكثر من 5.25%، وفي النهاية يخفضها بعد الهبوط السلس للاقتصاد، وأضاف، في تقريره السنوي: “بمجرد أن يتحرك الفيدرالي تجاه خفض الفائدة ستكون هذه بداية لانتعاش اقتصادي مستدام في أمريكا وخارجها، بحلول مطلع 2024”.

ربما يعجبك أيضا