تفاوض إيران مع الغرب وإيقاف خفض التزاماتها النووية مرهون بقرار أمريكي

يوسف بنده

رؤية

کان الرئيس الإيراني قد أشار، يوم الإثنين 26 أغسطس/ آب الماضي، إلى زيارة محمد جواد ظريف إلى قمة مجموعة السبع، والظروف الناتجة عن العقوبات الأمريكية ضد الجمهورية الإسلاميةِ، وقال آنذاك: “إذا كنتُ متأكدًا من أن حضور جلسة أو عقد اجتماع مع شخص ما سيساعد في تطوير بلدي وحل مشكلات المواطنين فلن أتردد”.

ولکنه بعد يوم واحد من ذلك التصريح قال: إن أي شخص “يريد التقاط صورة معه” يجب عليه أولًا “إلغاء جميع العقوبات القاسية”.

الأمر مرهون بالعقوبات

الواضح من جانب إيران، أن أمر التفاوض مع أمريكا أو التراجع عن الخطوة الثالثة لخفض الالتزامات النووية من جانب إيران، مرهون بتخفيف العقوبات الأمريكية. حيث قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أمس الثلاثاء، إنه إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات فتستطيع “حضور اجتماعات 5 1”.

وأعلن روحاني أنه على الرغم من تصريحاته السابقة حول شرطه لعقد اجتماع مع دونالد ترامب، فإن “إيران لا ولن تعتزم إجراء مفاوضات ثنائية مع أمريكا”.

وأضاف روحاني، “كانت هناك العديد من الاقتراحات ولكن ردنا كان بالرفض”.

کما أعلن روحاني: “إذا لم تصل المحادثات مع فرنسا إلى نتيجة، فمن المؤكد أن إيران ستتخذ الخطوة الثالثة بعد يومين”.

قرار التفاوض بيد المرشد الأعلى

وحول تصريحاته السابقة، أوضح روحاني: “لأننا لا نستطيع أن نشرح بشكل كامل في خطاباتنا، يظن البعض أن القصد من طرحنا للتفاوض هو محادثات ثنائية.. للأجانب تصوراتهم في ذلك.. من يقرر مبادئ سياساتنا هو المرشد.. جميعنا نسلك طريقًا واحدًا، ولا يوجد أي خلاف في القضايا الوطنية”.

إلى ذلك، أشار الرئيس الإيراني إلى إمكانية إجراء أي تفاوض مع واشنطن، لكنه في الوقت نفسه اشترط “رفع جميع العقوبات، وإذن المرشد خامنئي”، قائلا: “قلنا مرارًا وتكرارًا، وقد يساء فهم ما نقول: ليس لدينا أي نية للتفاوض مع الولايات المتحدة.. مسألة المفاوضات الثنائية بطريقة سرية ليست مطروحة.. إذا رفعت الولايات المتحدة جميع العقوبات، فيمكن لها حضور اجتماعات 5 1 كما كان في السابق، ولكن فقط إذا رفعت العقوبات.. عندما نقول التفاوض، نعني عندما يتم رفع العقوبات وتنفيذ الشروط المذكورة في الاتفاق النووي”.

ثم أضاف روحاني: “كلامنا واضح: في هذا البلد تم تحديد مبادئ سياساتنا من قبل المرشد الأعلى للثورة، هو من يرسم السياسات العامة للنظام، نحن جميعًا نتبع طريقًا موحدًا…”.

فشل سياسة أقصى ضغط

وقال الرئيس الإيراني، “كانت خطة العدو أن النظام لن يصمد أكثر من ستة أشهر، وأنه بنهاية عام 2018، سيكونُ كل شيء قد انتهى. وها نحن الآن بعد 16 شهرًا من العقوبات القصوى ضد الجمهورية الإسلامية”، مضيفًا: “في الحسابات الطبيعية كانوا على صواب”.

وادعى روحاني أن سياسة إدارة ترامب في الضغط الأقصى ضد إيران قد فشلت، ولهذا السبب تريد الحكومة الأميركية التفاوض مع طهران.

خطة فرنسا مرهونة بإعفاءات أمريكا

تنتظر فرنسا موافقة ترامب على خط ائتمان بـ15 مليار دولار لصالح إيران، في مقابل إيقاف طهران لقرار خفض إلتزامتها النووية؛ حيث قالت مصادر إيرانية وغربية، إن فرنسا تقترح تقديم خط ائتمان بقيمة 15 مليار دولار لصالح إيران، حتى نهاية العام الحالي، وذلك في حال عودة طهران إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وصرح وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان للصحافيين بأن المفاوضات جارية لإنشاء خط الائتمان الذي يضمن عائدات النفط الإيرانية؛ علمًا بأن تنفيذ خط الائتمان مرهون بموافقة الولايات المتحدة.

وأضاف لودريان أن الفكرة هي: “مبادلة خط ائتمان بضمان عائدات النفط، مقابل: العودة للاتفاق النووي الإيراني. وأمن الخليج، وبدء مفاوضات بشأن أمن المنطقة، والبرنامج النووي ما بعد 2025”.

وتابع أن “الخطة ستعتمد في نهاية الأمر على إصدار دونالد ترامب إعفاءات من العقوبات المتعلقة بصادرات النفط الإيرانية”.

وسعى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، هذا الصيف، إلى تمهيد الأرضية لجلوس الجانبين على طاولة التفاوض.

ويبدو أن الرئيس الأمريكي خلال اجتماع قمة الدول السبع، في الشهر الماضي، قد وافق على فكرة إنشاء خط الائتمان، غير أن مسؤولين أمريكيين رفضوا، فيما بعد، إمكانية رفع العقوبات كشرط لبدء المفاوضات الجديدة.

وقال مصدر مطلع على المفاوضات: “القضية الآن هي معرفة ما إذا كنا سنصل إلى مستوى الـ15 مليار دولار هذا، وثانيًا من سيموله، وثالثًا نحتاج على الأقل إلى الحصول على موافقة ضمنية من الولايات المتحدة، حيث ما زلنا لا نعلم موقف الولايات المتحدة”.

إلى ذلك، قال مصدر إيراني رفيع على صلة بهذا الموضوع: “ينبغي ضمان حصولنا على هذا المبلغ دون قيود، ويجب أن تكون إيران قادرة أيضًا على بيع نفطها والحصول على الأموال العائدة منه”.

وأوضح المسؤول الإيراني، أن “الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يسعى جاهدًا لحل الأزمة والمساعدة في إنقاذ الاتفاق.. وقد تغلبنا على بعض المشكلات، وضاقت الفجوات، لكن لا تزال هناك بعض المسائل العالقة”.

ومن جهته، أكد مسؤول إيراني ثان أنه “رغم حسن نوايا الاتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا، لكن يجب عليهم إقناع الولايات المتحدة بالتعاون معهم. وإن لم يحدث ذلك، فإن إيران جادة للغاية في تخفيض التزاماتها النووية؛ فلا منطق في احترام الاتفاق النووي إذا لم يعد علينا بأية فوائد”.

تجدر الإشارة إلى أن وزير المالية والاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، توجه إلى واشنطن لمناقشة هذه الآلية الائتمانية، كما تشير بعض المصادر ذات الصلة.

الخطوة الثالثة

كانت ايران قد أعلنت في الخطوة الأولى لوقف التزاماتها بأنها سوف لن تلتزم بالقيود في مجال حجم مخزون اليورانيوم المخصب والماء الثقيل، وفي الخطوة الثانية رفعت نسبة التخصيب فوق 3.67 بالمائة.

وفي إطار إيقاف تنفيذ الخطوة الثالثة الجمعة المقبلة، اشترطت إيران رفع العقوبات عن مبيعات نفطها، ويكون البيع بشكل نقدي.

كما اشترطت طهران أن عقد أي حوار مع أمريكا، يكون في اطار مجموعة 5 1 وبعد عودتها إلى الاتفاق النووي.

ورفضت طهران بشكل قاطع استلام 15 مليار دولار على انه قرض، وأكدت بأن هذا المبلغ يجب أن يكون فقط في مقابل شراء النفط من إيران بكمية ما قبل الحظر.

وشددت إيران على انها لن توقف الخطوة الثالثة لخفض الالتزامات ما لم تبيع نفطها بالكمية التي كانت تبيعها في فترة ما قبل الحظر ونقبض ثمنه نقدا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، “إن تنفيذ التزاماتنا رهن على ضمان بيع نفطنا من قبل الأوروبيين و إذا لم يتخذ الأوروبيون الإجراء ات اللازمة حتى الخميس، فإن إيران ستعلن الخطوة الثالثة في تخفيض التزاماتها للاتفاق النووي”.

وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى شروط إيران للوفاء بالتزاماتها قائلا، لقد أخبرنا الأوروبيين بوضوح تام ما نتوقعه منهم.

و كان ظريف قد قال في وقت سابق، إذا لم يتخذ الأوروبيون الإجراءات اللازمة حتى الخميس، ستبعث إيران رسالة إلى الدول الأوروبية حسب قرار أعلن 7 مايو، وتعلن فيها تنفيذ الخطوة الثالثة في تقليص التزاماتها المتعلقة بالاتفاق النووي”.

ربما يعجبك أيضا