تنظيم داعش والهجرة.. ورقة رابحة في يد أردوغان

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

الرئيس أردوغان ما زال يهدد دول ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي بفتح الحدود أمام موجات الهجرة غير الشرعية و”الجهاديين” ليتدفقوا على أوروبا، سياسة لي الاذرع من قبل أردوغان ضد ألمانيا ودول أوروبا، أصبحت معروفة لتزيد من حدة التوتر ما بين أنقرة وبرلين وعواصم أوروبية أخرى، الغزو التركي لشمال سوريا خلال شهر أكتوبر الحالي 2019، زاد من حدة الخلافات ليدق جرس الإنذار في برلين حول عودة المقاتلين الأجانب.

ونشرت صحيفة “تاغس شبيغل” البرلينية  تقريرا، امس 24 أغسطس 2019، ذكرت فيه أن السلطات الأمنية الألمانية ليست على علم حاليا بمحل إقامة نحو 120 مقاتلا وداعما ألمانيا تابعين لتنظيم داعش وأن السلطات الألمانية لا تعرف على وجه الدقة “نوعية الاتفاقات التي تجمع تركيا مع الجماعات الإسلاموية المتطرفة، أبرزها تنظيم داعش.” 
وأضافت الصحيفة نقلا عن خبير امني، أن تركيا تتعاون مع جماعات “مقربة من داعش، وحذرت من أن بعض هؤلاء قد يحاول الوصول إلى ألمانيا بشكل متخف مع لاجئين آخرين.

انتقدت صحيفة نيويورك بوست الأمريكية يوم 03 أكتوبر 2019 صمت الإعلام الأمريكي، الأوروبي عن علاقة الرئيس أردوغان مع تنظيم داعش، عدد من التقارير الدولية والإعلامية واعترافات قادة داعش المعتقلين أثبتت تورط تركيا في دعم الإرهاب، وبخاصة تنظيم داعش، فضلًا عن تحويل أراضي تركيا وحدودها لممر آمن “للجهاديين” للمرو إلى سوريا وأروبا أيضًا.

هروب مقاتلي داعش من سجون قسد

كشف تقارير البنتاغون وأجهزة استخبارات أوروبية، عن وجود ما يقارب 12.000 مقاتل “داعشي” في السجون الكردية. وفي مخيمات اللاجئين يتم إلى حد الآن مراقبة عشرات الآلاف من أنصار التنظيم أغلبهم من النساء والأطفال. وأوروبا فشلت في مهمتها الرامية إلى إعادة مواطنيها من شمال سوريا وتقديمهم أمام العدالة بما في ذلك ألمانيا. إن هروب عناصر تنظيم “داعش” بات يلوح في الأفق خطر عودته إلى المشهد  هي نتيجة متوقعة إلى غزو الجيش التركي لشمال شرق سوريا. وهناك إجماع لدى خبراء مكافحة الإرهاب ومسؤولين حكوميين بأن الغزو التركي لشمال سوريا أفسد الحرب على الإرهاب، وعلى تنظيم داعش.

القوات الكردية شمال سوريا أكدت فرار عائلات عناصر تنظيم داعش من مخيمات للنازحين في شمال سوريا يقع بالقرب من الأماكن التي تدور فيها المعارك بين القوات الكردية والقوات التركية. وقالت الإدارة إن 785 شخصا من عائلات داعش فروا من المخيمات أبرزها مخين عين عيسى.

وأكد الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، هشام الهاشمي، أن الخطر الأكبر سيتحقق عندما تفتح أبواب “السجون التي يمكث فيها المقاتلون الميدانيون والقياديون لداعش”، وهو أمر وارد. ويمتلك داعش الآن فرصة حقيقية لاستعادة نشاطه في المنطقة، وذلك باسترجاع المناطق الهشة في شمال سوريا، والتي سيتيحها له الهجوم التركي.

ألمانيا ما زالت منقسمة حول استعادة مقاتليها من صفوف داعش

كشفت الحكومة الألمانية عن أوامر اعتقال صادرة بحق مجموعة من مقاتلي داعش الألمان المحتجزين في سوريا حالياً والذين يقدر عددهم بحوالي 66 معتقلا. وأوضحت وزارة الداخلية الألمانية  أن أوامر الاعتقال صادرة بحق 21 مقاتلا من أنصار “داعش” الموجودين حاليا في قبضة “قوات سوريا الديمقراطية”. وتابعت الوزارة أن أجهزة الأمن أدرجت 19 من هؤلاء تحت تصنيف ” إسلاموي خطير”. ورغم ذلك ما زالت المانيا تشهد جدلا حول كيفية التعامل مع عودة ” الجهاديين” من حاملي الجنسية الألمانية الذين اعتقلوا أثناء المعارك مع “داعش”. والانقسام سيد الموقف حتى بين الوزير الاتحادي ووزراء داخلية الولايات.

وكان وزير الداخلية ، هورست زيهوفر، قد وضع شروطا لعودة المعتقلين “الداعشيين” وعائلاتهم إلى ألمانيا منها: عدم وجود شكوك بشأن هوياتهم الشخصية إلى جانب عدم وجود مخاطر خارجة عن السيطرة في حال عودتهم إلى ألمانيا.  ويطالب وزير الداخلية  زيهوفر بدراسة كل حالة على حدة في المنطقة التي يتواجد فيها المعتقل الألماني قبل صعوده للطائرة . وتبقى مشكلة عودة الأطفال والقاصرين تحديا كبيرا للحكومة الالمانية بسبب الانقسام الذي تشهده الحكومة وحتلى داخل البرلمان حول استعادة المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم داعش من حملة الجنسية الألمانية.

لم تخف ألمانيا ودول أوروبا قلقها من عودة “الجهاديين” من سوريا والعراق، كون عودتهم من وجهة نظرها تمثل خطرا على أمنها القومي. المخاوف الأوروبية ، ربما تكون مبررة، في أعقاب تجربة ألمانيا وأوروبا مع موجات الهجرة غير الشرعية عام 2015. وربما الغزو التركي إلى شمال سوريا عمل “حلحلحة” في مواقف ألمانيا ودول اوروبا من قضية استعادة المقاتلين الأجانب، لكن التقديرات تقول إن الوقت ليس بصالح دول أوروبا ومن ضمنها ألمانيا، كون أن عددًا كبيرًا من عناصر داعش الأوروبيين فروا من سجون قسد وكذلك عائلاتهم من المخيمات.

الهجوم التركي يعيد تنظيم داعش من جديد

القراءة المستقبلية لمصير تنظيم داعش في سوريا والعراق، تقول إن الهجوم التركي يعيد تنظيم داعش من جديد إلى الواجهة، وإن أعدادًا من المقاتلين الألمان والأوربيين ممكن أن يعودوا بشكل غير قانوني إلى داخل ألمانيا وأوروبا وممكن أن يكونوا فعلا تهديدا إلى أمنها القومي.

وفي أي حال، فإن عناصر تنظيم داعش الفارين من سجون قسد، من المتوقع أن يتم استثمارهم من قبل تركيا، للقتال بصفوف الجماعات المسلحة التي تدعمها أنقرة، ضد القوات الكردية، وممكن تسريبهم إلى أوروبا من أجل تنفيذ تهديدات أردوغان القائمة على إيجاد ضغوطات على دول أوروبا ومنها ألمانيا، لتمرير سياساته في المنطقة وفي أوروبا، وهذا ما يحصل الآن. تنظيم داعش والهجرة غير الشرعية ورقة رابحة فعلا إلى أردوغان.

التوصيات

تحديث ألمانيا معلوماتها من جديد حول عناصر داعش في سوريا والعراق وبشكل مبكر، وضروري حسم الجدل حول استعادة مقاتليها، من سوريا والعرق، من أجل إخضاعهم إلى الأحكام القضائية وبرامج نزع الأيدلوجية المتطرفة. ما تحتاجه ألمانيا أيضا أن تتخذ موقف أكثر تشددا ضد سياسات أردوغان الانتهازية من خلال فرض عقوبات اقتصادية أو تقليص حجم العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع تركيا.

ربما يعجبك أيضا