حريق مقر حركة النهضة التونسية.. هل بفعل فاعل ومن المستفيد؟

كريم بن صالح

رؤية_كريم بن صالح

تفاجأ التونسيون، اليوم (الخميس)، باندلاع حريق في المقر المركزي لحركة النهضة الإسلامية أثناء وجود العشرات من قياداتها البارزين وموظفيها.

وأظهرت مشاهد قيادات بارزة من الحركة على غرار نائب رئيسها علي العريض ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني وقد قاما بإلقاء نفسيهما من فوق البناية أملا في النجاة.

ووفق بيان أصدرته الحركة فإن الحريق “لم تتضح أسبابه بعد، نجم عنه بحسب بعض الشهود العيان وفاة أحد مناضلي الحركة بالإضافة إلى أضرار متفاوتة لدى عدد من المناضلين المتواجدين بمكاتبهم نتيجة النيران والدخان المتصاعد في الطوابق العليا”.

وقررت النيابة العامة في تونس فتح تحقيق في الحادث حيث قامت الأجهزة الأمنية المختصة برفع بعض العينات من المكان كما قررت أخذ شهادات بعض القيادات والموظفين الذين شهدوا بداية اندلاع الحريق.

ولا تزال التكهنات حول أسباب اندلاع الحريق هل هو بفعل فاعل أم نتيجة حادث عرضي إذ تحدثت بعض المصادر الأمنية والإعلامية بأن أحد الأعضاء السابقين في الحركة قام بإضرام النار في جسده بعد أن رفضه رئيس الحركة راشد الغنوشي استقباله.

لكن القيادي في الحركة نور الدين البحيري سارع بالقول بأن الحريق يمكن أن تكون وراءه أطراف تعادي الحركة فيما فهم بأنه استغلال سياسي من قبل المحيطين بالغنوشي للحادثة في إطار لعب دور الضحية وهو أمر تعرف الحركة الإسلامية طريقه استثماره جيدا.

ورغم أن هشام العريض نجل نائب رئيس الحركة أكد في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك أن والده بخير وإن إصابته غير خطيرة لكن قيادات حاولت تضخيم الأمر بالقول إن الحريق استهدف علي العريض وقيادات بارزة في النهضة بغاية التخلص منهم.

ووصل الأمر إلى ربط الحادثة بالإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد يوم 25 يوليو الماضي لكسب التعاطف لكن الحركة يبدو أنها فشلت في ذلك فشلا ذريعا مع تداول خبر قيام أحد عناصرها السابقين بإضرام النار في جسده بعد رفض استقباله من القيادة.

النهضة تكتوي بنار أشعلتها

وبالعودة إلى ما تردد من قيام أحد عناصر الحركة بإضرام النار في جسده كشفت مصادر بأن من قام بهذا العمل كان من المتورطين في حادثة “باب سويقة” وهي حادثة شهدتها البلاد سنة 1991 حينما قام عناصر من جماعة الاتجاه الإسلامي وهو اسم النهضة سابقا بحرق مقر الحزب الدستوري وهو حزب الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ما أدى إلى وفاة حارسه.

وقد ألقت قوات الأمن حينها القبض على المتورطين في الهجوم ومن بينهم من قام بإحراق نفسه في مقر الحركة وذلك بعد سنوات قضاها في السجن خلال فترة حكم بن علي.

وبالتالي يرى مراقبون أن النهضة ربما اكتوت بنار الصراع الذي شنته فترة التسعينات ضد النظام السابق وأن الحريق ارتد عليها في مشهد وصفه الكثيرون بالسريالي.

وملف الممتعين بالعفو التشريعي العام ملف اثار الكثير من الجدل في تونس حيث كان من بين الأسباب التي أدت إلى سقوط حكم النهضة بعد أن أثار الهاروني جدلا بالحديث عن تعويضات بالمليارات سينالها سجناء سابقون في الحركة في خضم أزمة اقتصادية وصحية مرت ولا تزال تمر بها البلاد.

وبالتالي يبدو أن حالة الانقسام سواء في القيادات أو بين القواعد والقيادة باتت مستفحلة داخل الحركة التي تعيش أسوأ فتراتها ويتحدث الكثيرون انها باتت اقرب إلى الزوال.

الاستثمار السياسي ولعب دور الضحية

وشنت وسائل إعلام مقربة من النهضة حملات إعلامية واسعة ضد الرافضين لمنظومة الحكم السابقة والمؤيدين للرئيس بالتزامن مع الحريق ما يثير الكثير من التساؤلات حول المستفيد من مثل هذه الأحداث خاصة وأن النهضة بقيت في عزلة بعد 25 جويلية وبالتالي فهي أكثر طرف سيكون رابحا من هذا الأمر .

ويرى مراقبون أن الحريق ربما سيكون بمثابة حبل نجاه للحركة بترويج رسائل في الداخل والخارج بأنها مستهدفة وذلك حتى يكشف التحقيق حقيقة المشهد كاملا ويحدد المتورطين في الحادث ويحدد المسؤوليات.

بل ووصل الأمر ببعض المراقبين الى عدم استبعاد أن تكون أجهزة داخل النهضة تورطت في الحادثة في محاولة يائسة سواء لكسب التعاطف أو لإعادة توحيد الحركة حول مفهوم ” المظلومية”.

ويطالب التونسيون بأن تعمل الأجهزة الأمنية المختلفة بشكل جدي وسريع لكشف الحقيقة كاملة لتفويت الفرصة على الإسلاميين في استثمار مثل هذه الحوادث لكسب التأييد والتعاطف سواء في الداخل أو الخارج.

ربما يعجبك أيضا