خسارة إسطنبول للمرة الثانية.. صفعة للحزب الحاكم وبداية النهاية لأردوغان

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

انتكاسة جديدة يتلقاها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد إعلان فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو على مرشح الحزب الحاكم بن علي يلديريم في انتخابات الإعادة بإسطنبول.

إمام أوغلو حصل على 54.03 بالمئة من أصوات الناخبين في إسطنبول، مقابل 45.09 بالمئة لمنافسه بن علي يلدريم، وذلك بعد فرز 99.37 بالمئة من أصوات الناخبين.

وتعد هذه النتيجة صفعة قوية لأردوغان الذي ضغط على اللجنة العليا للانتخابات من أجل إعادة الاقتراع في المدينة التي كانت خزانا انتخابيا للحزب الحاكم بعد خسارة مرشحه.

وأثار قرار إعادة الانتخابات انتقادات دولية واتهامات من المعارضة بتآكل سيادة القانون، وخرج سكان في عدد من المناطق إلى الشوارع وهم يقرعون الأواني احتجاجا على ذلك.

رهان خاسر لأردوغان

ويعد منح الأتراك ثقتهم وأصواتهم اليوم لمرشح المعارضة إمام أغلو عبر صناديق الاقتراع بمثابة رسالة ليس لتحديد من سيكون عمدة إسطنبول فقط بل على الأرجح لمن سيحكم تركيا مستقبلاً.

إعادة الانتخابات في العاصمة الاقتصادية والمالية التي طالما تغنّى أردوغان بقبضته المحكمة عليها أججت الشارع على حزبه العدالة والتنمية وتدل جميع المؤشرات على أن أردوغان قاد “رهانا خاسرا” على اسطنبول، حيث تفوق مرشح المعارضة التركية إمام أغلو للمرة الثانية على مرشح أردوغان وصديقه المقرب بن علي يلديريم.

انتكاسة حزب أردوغان في الانتخابات البلدية السابقة وانتخابات اليوم المعادة جاءت رد فعل على سياسات أردوغان المتفردة بالسلطة والتي هوت بالاقتصاد التركي إلى الركود.

ورغم محاولاته لوضع كامل ثقله في المعركة الجديدة وبذله الغالي والنفيس من أجل إلغاء النتائج الأولى يتوجه إمام أغلو مرة أخرى ليتسلم مفتاح إسطنبول، وربما منها إلى مفتاح تركيا مستقبلاً.

وأولى الطرفان أهمية كبيرة للانتخابات في عاصمة تركيا الاقتصادية التي يقطنها أكثر من 16 مليون شخص ولم يتردد أردوغان لقولها صراحة: “من يفوز في إسطنبول يفوز بتركيا”.

وهنا بدأ أردوغان هجوما على إمام أوغلو، وكيل الاتهامات منها الفساد وأخرى الإرهاب وتارة متهماً إياه بالتحالف مع الداعية التركي فتح الله غولن الذي يعيش في المنفى في الولايات المتحدة.

وبدا أردوغان متشبثاً للرمق الأخير لاحتفاظ حزبه بإسطنبول التي سبق أن تولى شخصياً رئاسة بلديتها لسنوات، وكانت المعبر له نحو تسلم السلطة السياسية في تركيا حالياً.

من المؤكد أن خسارة إسطنبول ستترك أثرا كبيرا على القاعدة المحافظة في تركيا ومن المحتمل أن تشهد الأيام المُقبلة المزيد من التطورات مثل تقدم الرئيس الأسبق لتركيا عبد الله غول وأحمد داود أوغلو بقوة إلى مجال العمل السياسي، مع احتمال حدوث انشقاقات كبيرة داخل المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية.

بدايــة جديدة لتركيـــا

مثّل فوز أكرم إمام أوغلو دليلا أكثر وضوحا على أن هزيمة الحزب الحاكم أمر في متناول اليد بالنسبة للمعارضة، وذلك بفضل أردوغان الذي حول المعركة المحلية في إسطنبول إلى استفتاء على حكمه.

وفي أول تصريح له اعتبر مرشح المعارضة التركية أكرم إمام أوغلو أن فوزه في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول يشكل “بداية جديدة بالنسبة إلى تركيا.

وعبر أوغلو عن شكره لكل من دعموه من سكان إسطنبول، معلنا بداية عهد جديد في إسطنبول وانتهاء عصر الانحياز والتفرقة، في إشارة للسيطرة السابقة لحزب أردوغان على مقدرات بلدية إسطنبول.

يذكر أن اللجنة العليا للانتخابات التركية، ألغت في 6 مايو الماضي، نتائج رئاسة بلدية إسطنبول في انتخابات جرت نهاية مارس وقررت إعادة إجرائها اليوم.

صفعة مذلة لأردوغان

الانتخابات الأولى وانتخابات الإعادة في إسطنبول كشفت تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به تركيا، خصوصا مع انهيار قيمة الليرة التركية وارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير.

يقول الباحث في المؤسسة الفرنسية للدراسات الأناضولية جان ماركو، إن تكبد أردوغان هزيمة ثانية في إسطنبول يشكل صفعة مذلة له أكثر من صفعة انتخابات الحادي والثلاثين من مارس.

وأشار بعض المراقبين للشأن التركي، إلى أن أردوغان زاد من حدة خطابه بعد مناظرة تلفزيونية جرت بين إمام أوغلو ومرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلديريم رئيس الوزراء السابق والحليف المقرب للرئيس أردوغان.

ورأى الصحفي والكاتب مراد يتكين إن فوز إمام أوغلو للمرة الثانية، ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى إجراء انتخابات عامة قبل عام 2023 كما هو مقرر، وتعديل وزاري وربما حتى تعديل في السياسة الخارجية.

رؤية تحليليــة للنتائج

يقول المحلل السياسي التركي جومالي أونال: إن الخاسر الأكبر من هذه الانتخابات هو الرئيس أردوغان الذي سعى لإلغاء ننتائج انتخابات 31 مارس، مشيرا إلى أن “أسطورة أردوغان وحزبه التي ظلت ربع قرن قد أشرفت على النهاية”.

ويعتبر أونال أن تركيا أصبحت الآن في مفترق طرق هام، فهي أمام عملية ديمقراطية جديدة تغير من وجهها، أو قد تتجه للفوضى بسبب ممارسات الحزب الحاكم”.

ويؤكد الخبير التركي أن إسطنبول تمثل لأردوغان أهمية قصوى، وقد خسرها للتو، قائلا: “هي كل شيء لأردوغان.. هي حكم تركيا”.

وبحسب الخبير في الشأن التركي محمد عبد القادر، فإن الانقلاب الذي شنه الرئيس التركي على نتائج 31 مارس زاد من ثقة المعارضة في قدرتها على هزيمة الحزب الحكم، خاصة لدى سعيه لأسباب غير دستورية لتبديل إرادة الناخبين تحت وطأة تداعيات الهزيمة المرة على الوضع السياسي في تركيا.

وقال عبدالقادر “لم تعد هزيمة حزب العدالة والتنمية الحاكم صدفة مثلما قيل في مارس، فقد حولت الإعادة الهزيمة إلى شيء مؤكد ودليل على أن العدالة والتنمية يسير في طريق النهاية، بعدما فقد شعبية طالما انتشلته من الأزمات الصعبة”.

واعتبر عبدالقادر أن رسالة إسطنبول الجديدة تشير إلى أن التحولات السياسية في تركيا “لن تكون هادئة ولن تكون صدفة بعد الآن”.

ربما يعجبك أيضا