رجل الجن والعفاريت .. ظل أردوغان الذي تمرد عليه

مجدي سمير

رؤية – مجدي سمير

بين ليلة وضحاها تحول من ظل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولسان حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، والمدافع الأول والأخير عن شخص الرئيس إلى معارض رافض لقرارات أردوغان وحزبه، معلنًا التحدي ليتحول إلى حديث الساعة داخل المجتمع التركي خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك قبل رضوخه للضغوط وإعلانه خلال الساعات الأخيرة تقديم الاستقالة الجمعة المقبلة.

مليح جوكتشك” هو رئيس بلدية أنقرة منذ مارس/ آذار عام 1994، أي قبل نحو 7 سنوات من تاريخ تأسيس الحزب الحاكم. ويُعرف بكونه شخصية مثيرة للجدل بإصداره الكثير من التصريحات الغريبة وغير المنطقية، فضلًا عن الكثير من الادعاءات وتهم الفساد المالي والرشاوى التي تُثار بشأنه من حين لآخر وذلك في إطار عمليات الخصخصة وبيع الأراضي وإدارة المناقصات في العاصمة أنقرة، وبلغت قيمة الأراضي التي باعها خلال الستة أشهر الأخيرة فقط 1.4 مليار دولار.

اندلاع الأزمة
عقب الكشف عن نتائج استفتاء 16 أبريل/ نيسان الماضي، بشأن التصويت الشعبي لصالح التعديلات على تغيير الدستور والتحول إلى النظام الرئاسي. عقد أردوغان اجتماعًا لقيادات الحزب وأعضاء حكومته لبحث نتائج الاستفتاء وإعداد دراسة سريعة بشأن أسباب خسارة التأييد الشعبي في أكبر مدينتين بتركيا (أنقرة واسطنبول) اللتين صوتتا برفض الاستفتاء ما سبّب زلزالا شديدا داخل أرجاء الحزب وفكرة السيطرة على الكتل التصويتية في مدن دائمًا كانت السبب الرئيسي لفوز “العدالة والتنمية” في مختلف المعارك الانتخابية، وهو ما دفع أردوغان لإجراء تغييرات في صفوف قدامى الساسة وبعضهم من الشخصيات المعروفة.

وأطلق الرئيس التركي آنذاك تصريحات، أكد خلالها على ضرورة تجديد أجهزة الحكم المحلي وحزب الحرية والعدالة، متعللاً بوجود إجهاد داخل أجهزة الإدارة. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي طالب 30 من رؤساء البلديات تقديم استقالتهم، ورضخ الكثير منهم على الفور، بينما تأخر البعض قليلًا، إلا أن تبقى رئيس بلدية أنقرة معلنًا التحدي، وأعلن كل من رئيسي بلدية بورصا وباليكسير تضامنهم ورفضهما الاستقالة، وذلك قبل تقديمهما الاستقالة اليوم.

“أيقونة الانقلاب”

تحول جوكتشك من أيقونة انقلاب “15 يوليو/ تموز” الفاشل إلى الرجل الذي تحدى أردوغان، إذ نسب إليه الإعلام الموالي لأردوغان فضل فشل الانقلاب العسكري في أنقرة، وتصديه للقوى الانقلابية معلنًا استعداده التضحية في سبيل الدفاع عن شخص أردوغان.

ومع تصاعد الأزمة بين جوكتشك وأردوغان خلال الأسابيع الأخيرة وانتقالها إلى الساحة الإعلامية، ارتفعت حدة التصريحات ليقول أردوغان “لا أعتقد أن رفقائي سيلجؤون إلى طريق كهذا. لاأرغب في التفكير بهذا،لأن نتيجته ستكون وخيمة”، وذلك بالتزامن مع التداول إعلاميًا لأنباء امتلاك جوكتشك مستندات ووثائق سرية تدين أردوغان وشخصيات هامة، قد يلجأ إليها في حال محاكمته أو تعرضه للخطر.

مواقف وطرائف

على مدار مسيرته السياسية، أطلق جوكتشك الكثير من التصريحات الغريبة والمثيرة للجدل، خاصة خلال العام الأخير، إذ أطلق مجموعة من التصريحات عقب الانقلاب الفاشل دفعت المواطن التركي في ذهول من أمره.

زلزال اصطناعي

خلال برنامج إذاعي على قناة “بيازتيفي” الموالية لأردوغان، زعم جوكتشك في أغسطس/ آب من العام الماضي، أن أنصار حركة الخدمة بزعامة فتح الله جولن يخططون لإحداث زلزال اصطناعي، قائلًا: “لديّ معلومات بأن منتسبي حركة الخدمة يخططون لإحداث زلزال اصطناعي في 14 أغسطس القادم بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية”، مؤكدًا أن هذا الأمر ليس نظرية المؤامرة، ولكنه يمتلك معلومات وأدلة في هذا الصدد.

“جن جولن”

في تصريح له خلال لقاء تليفزيوني مع قناة “سي إن إن تورك” أكد جوكتشك أن الجن والعفاريت هم السر وراء سيطرة فتح الله جولن على عدد كبير من المواطنين في تركيا.

وأضاف “يبدو هذا أمرًا مضحكًا، لكنه يفعل هذا بطريقة غريبة. إنه يفعله باستخدام الجن. إنه يستعبد الناس ويسيطر عليهم باستخدام الجن.. وأنا شخصيا حاول فعل نفس الشيء معي عبر منحي بعض الهدايا التي يسكنها الجن”.

وتابع قائلا: “جولن استعبد الكثير من الناس في أوقات سابقة وتم إنقاذهم لاحقا. الناس يسحرون ويتم إنقاذهم. نستطيع أن نرى ذلك بوضوح حولنا. جولن يوزع بعض الهدايا المعدنية على الناس ليست ذهبية إلا أنها قيمة، بزعم أنها ستحافظ عليهم من كل شر، إلا أنه يستخدمها لاستعبادهم بالجن”.

“علكة” الجنازة

وفي ديسمبر/ كانون أول الماضي، أثار جوكتشك الجدل من جديد بواقعة مضغه للعلكة خلال الجنازة الرسمية التي أقيمت للسفير الروسي الذي اغتيل في اسطنبول على يد مسلح في واقعة كادت تتسبب في قطع العلاقات بين أنقرة وموسكو. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لرئيس بلدية أنقرة خلال الجنازة يمضغ العلكة مستهزأً بالحدث، ما أثار استياء مسؤولي روسيا وتركيا.

نظرية المؤامرة

نهاية عام 2015، وقبل نحو ستة أشهر من توقيع اتفاق التطبيع بين أنقرة وتل أبيب، زعم جوكتشك أنه مستهدف من الموساد الإسرائيلي، وتصفيته جسديًا هو أحد أهم الأهداف لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي.

قال جوكتشك: “ليعرف الشعب إنه إذا أصابني أي ضرر أو مصيبة فسيكون الموساد الإسرائيلي مسؤولاً عن ذلك ومهما كان فاعلها فسيكون الموساد أحد أطرافها.. وإذا استخدموا بعض الوسطاء والعملاء للنيل مني فاعلموا أن مليح جوكتشك قُـتل من قبل الموساد الإسرائيلي”.

ربما يعجبك أيضا