روسيا وأوروبا.. شبح أزمة دبلوماسية يلوح في الأفق ويهدد بالتصعيد

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

لطالما كانت لغة المصالح فوق لغة التهديد والوعيد في العلاقات الروسية الأوروبية رغم تباين المواقف على الساحة الدولية. طرد 3 موظفين في البعثات الدبلوماسية الألمانية والسويدية والبولندية بسبب مشاركتهم في المظاهرات غير المرخصة دعما للمعارض المعتقل، أليكسي نافالني، أحدث حلقات التوتر بين الجانبين.

محاكمة نافالني ستكون حلقة جديدة في ملف العلاقات الأوروبية الروسية، إذ أعربت موسكو أملها ألا يرتكب الاتحاد الأوروبي حماقة بربط علاقاتها بروسيا بمصير «نزيل سجن». وقبيل زيارة مسؤول العلاقات الخارجية الأوروبي، جوزيب بوريل، لموسكو، أكدت موسكو أنه في حال كان بوريل يحمل رسالة صارمة، فإن وزير الخارجية الروسي سيرد بالصرامة نفسها.

بوريل كان قد أعلن عن رغبته في زيارة نافالني، قبل أن تبدي موسكو استغرابها من هذه الرغبة، خاصة أنه ليس أحد أفراد عائلته، فعلى أي أساس يريد زيارته؟!

نافالني

طرد الدبلوماسيين

الخارجية الروسية، قالت في بيان، إنها استدعت سفير المملكة السويدية والقائم بأعمال جمهورية بولندا ومبعوث سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية، حيث أبلغتهم باحتجاجها «على المشاركة المسجلة لموظفين في القنصليتين العامتين السويدية والبولندية في سان بطرسبرج والسفارة الألمانية في موسكو في المظاهرات غير الشرعية يوم 23 يناير 2021».

موسكو وصفت هذه التصرفات بغير المقبولة وأنها لا تتطابق مع صفاتهم الدبلوماسية، لافتة إلى أنه تم إعلان الدبلوماسيين المشاركين في المظاهرات غير الشرعية شخصيات غير مرغوب فيها بالتوافق مع اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والتي تم توقيعها في 18 أبريل 1961، وأنه تم توجيههم بمغادرة أراضي روسيا الاتحادية في أقرب وقت.

خطوة غير مبررة

برلين اعتبرت على لسان مستشارتها أنجيلا ميركل أن طرد موسكو دبلوماسيين أوروبيين على خلفية قضية المعارض الروسي أليكسي نافالني خطوة «غير مبررة». ورأت ميركل أن هذه الخطوة تظهر «جانبا إضافيا مما يحصل اليوم في روسيا والذي لا يمت بصلة إلى دولة القانون». لكنها كررت رغم الانتقادات تمسكها بمشروع نورد ستريم 2 لنقل الغاز بين روسيا وألمانيا، وقالت «من الضروري التحدث إلى روسيا».

بدوره قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان إن «قرار روسيا بطرد العديد من دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي بينهم موظف في السفارة (الألمانية) في موسكو ليس مبررا في أي حال من الأحوال ويلحق مزيدا من الضرر بالعلاقات مع أوروبا».

مضيفا «الدبلوماسي الألماني المعني كان يقوم بواجبه فقط بموجب اتفاق فيينا حول العلاقات الدبلوماسية، ما يعني الحصول على معلومات بوسائل قانونية حول تطور الوضع على الأرض». وتابع «ما لم تعد روسيا الاتحادية النظر بهذا الإجراء، فهو لن يمرّ دون ردّ».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

تنديد أوروبي

الخطوة الروسية قوبلت بتنديد أوروبي واسع، حيث أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام اجتماع لمجلس الدفاع الفرنسي الألماني بمشاركة ميركل «في قضية نافالني، أدين بأشد العبارات ما حصل من البداية حتى النهاية من التسميم إلى الإدانة واليوم طرد الدبلوماسيين الألماني والبولندي والسويدي، الذي قررته روسيا».

واعتبرت السويد أن قرار موسكو طرد أحد دبلوماسييها «لا أساس له على الإطلاق»، رافضةً الاتهامات الروسية له بـ«المشاركة» في تظاهرة داعمة للمعارض أليكسي نافالني.وقالت الخارجية السويدية في تصريح مكتوب «تعتبر الوزارة أن ذلك لا أساس له على الإطلاق»، مضيفةً أنها «تحتفظ بحق الرد بشكل متناسب».

وأفاد السفير الروسي لدى وارسو، سيرغي أندرييف، باستدعائه من قبل الخارجية البولندية بعد إعلان روسيا طرد دبلوماسي من بولندا إثر مشاركته في مظاهرات غير مرخصة. وقال أندرييف، في تصريحات صحفية، إنه استدعي إلى نائب وزير الخارجية البولندي، مارتين بشيداتش، الذي أعرب عن رفض واحتجاج بولندا ردا على قرار السلطات الروسية إعلان دبلوماسي بولندي شخصية غير مرغوب فيها.

بوتين

شبح السوفيت يرعب الأوروبيين

ظل الاتحاد السوفييتي منذ قيامه عام 1922 كابوس أوروبا وأمريكا المقيم إذ شكّلت موسكو رعبًا لا متناهيًا للغرب استمر حتى العام 1990 وبرغم سقوط الاتحاد السوفييتي وتفكّك دوله في ذلك العام لكن ظلت روحه حاضرة تحوم فوق أوروبا .

باستلام ضابط المخابرات السابق فلاديمير بوتين الحكم ومع تعافي الاقتصاد الروسي بدأت القوة الروسية تعود من جديد وصار شبح السوفييت يظهر للأوربيين أكثر قوة ورعبًا. خبراء الأمن يرون أن التجسس والتضليل هي أساليب قديمة للاتحاد السوفيتي السابق والذي كان يتبعها في الخلافات السياسية مع الغرب .

نبدأ عام 2015 عندما تم قرصنة وثائق سرية من البرلمان الألماني وأكد موقع شبيغل الإلكتروني أن الهجمة مصدرها جهاز استخبارات عسكري روسي. وفي أغسطس 2019 قُتل المواطن الجورجي تورنيكي كي في حديقة ببرلين تؤكد ألمانيا أن المتهم تلقى أمرًا من السلطات الروسية بتصفية المواطن الجورجي لأن اسمه كان مدرجًا ضمن قائمة ممن تعتبرهم روسيا إرهابيين لكن موسكو رفضت تلك الاتهامات واعتبرتها «غير مبررة ولا أساس لها».

في أغسطس 2020 سمحت روسيا بسفر المعارض أليكسي نافالني إلى ألمانيا لتلقى العلاج بعد اشتباه بتعرضه للتسميم وبعد أيام أعلنت ميركل تعرضه للتسميم بـ«غاز الأعصاب نوفيتشوك» وأكدت أنه ضحية جريمة والهدف منها كان إسكاته.

ربما يعجبك أيضا