سياحة الشيعة الإيرانيين في الأردن.. حديث قديم متجدد يسمو عليه الرفض الشعبي ‎‎

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق  

عمّان – تتسع دائرة التحذير الشعبي في الأردن، من السماح للشيعة الإيرانيين بالقدوم إلى المملكة من أجل السياحة الدينية فيها، في ظل عودة الأصوات المنادية بذلك، ولكل فريق منهما أسبابه ومبرراته سواء بالتأييد أو المعارضة.  

والحديث عن سياحة الشيعة في الأردن، أمر قديم متجدد لكنه يلقى رفضا شعبيا بالدرجة الأولى سيما من أهل الجنوب الذين تزخر منطقتهم بعشرات المزارات الدينية التي يرى فيها الشيعة من كل أنحاء العالم سيما إيران حاجة ماسة لزيارتها. 

وتصاعد الحديث في هذا الملف، في أعقاب زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لعدد من المزارات الدينية في الجنوب الأردني والتي جاءت قبل أيام من توجهه للعراق.  

واعتبر مراقبون أن الزيارة الملكية لأضرحة الصحابة الشهداء في الكرك، رسالة بهذا الخصوص.  

وكان أول من تحدث في هذا السياق الكاتب المحامي زيد النابلسي، الذي نادى بفتح الأبواب أمام السياحة الدينية الشيعية في الأردن، على اعتبار أنها ستدر المليارات على خزينة الدولة ناهيك عما ستحدثه من فارق في الجنوب الفقير.  

والنابلسي عضو في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن.  

وتساءل النابلسي في منشور له عبر صفحته على فيسبوك ”  هل يمكنكم أن تتخيلوا مستوى الانتعاش الاقتصادي الفوري الذي يمكن أن يتحقق لو أصبح هذا الجنوب الحزين مزاراً لملايين السياح الذين يجلبون معهم العملة الصعبة والحركة الاقتصادية ويبعثون الحياة في مدنٍ قست عليها سنوات التهميش والإهمال؟”. 

ولفت إلى أن “الإيرانيين أعلنوا مراراً وتكراراً أن أي سياحة دينية ستكون على الشروط الأردنية الصارمة، وأكدوا في كل مناسبة أنه لن يتم المساس بأي حساسية دينية أو الإساءة لأي من الثوابت العقائدية لأهلنا في الجنوب، وهذا أمر لا يطلب أحد من الأردنيين أن يساوموا عليه أو أن يتساهلوا به”. 

وكانت أول الردود على ما أثاره النابلسي، من السفير الأردني السابق في إيران، بسام العموش، الذي أكد أن السماح أو عدم السماح للإيرانيين بالقدوم إلى الأردن، قضية امنية بالدرجة الأولى، لاعتبارات مختلفة”. 

وبعد ذلك تشعبت ردود الأردنيين في هذا الإطار بالرغم من أن السمة العامة رافضة لقدوم الإيرانيين، فيما انتقد المؤيدون لقدومهم السماح للسياح الإسرائيليين بعبور الأردن، إن كانت أسباب منع الإيرانيين أمنية بالدرجة الأولى.  

تحشيد شعبي رافض  

من جانبه، لا يتوقع الكاتب الأردني ماهر أبو طير، أن يفتح الأردن، أبوابه لسياحة الإيرانيين، لاعتبارات سياسية وامنية، خصوصا، ان هناك حالة تحشيد شعبي ضد هذا التوجه، خصوصا، ان هناك ربطا شعبيا بين ملف ايران والدول العربية التي دخلتها، وملف دخولهم الى الأردن. 

يقول أبو طير ” وكأن هذا الربط يقول ان السماح للإيرانيين سيؤدي الى تداعيات أمنية خطيرة، وقد يؤدي الى نشوء حالة تشيع تدريجية، على المستوى المذهبي، بعد حالة التشيع السياسية التي شهدناها عند البعض في الأردن إثر حروب حزب الله ضد اسرائيل، لولا ان جاء الربيع العربي، وأعاد خلط الأوراق”. 

وفقا لمعلومات يطرحها أبو طير في مقالة له وقال إنها مؤكدة، فإن الإيرانيين قدموا عروضا كثيرة خلال العقود الماضية، ومنذ نهاية الثمانينيات، من بناء مطار، وصولا الى دعم الأردن بالنفط منخفض الثمن، إلا إن الرفض السياسي الأمني، كان حاضرا كل مرة، فيما ينتقد المؤيدون لدخول الإيرانيين المنع الرسمي، باعتبار ان الإيرانيين قدموا ضمانات سياسية وامنية، لن يتم تجاوزها خلال الزيارات، التي ستؤدي برأيهم الى انعاش الاقتصاد، وستؤكد أن لا فروقات بين المسلمين، سنة وشيعة. 

ويرى الكاتب أن ملف السياحة الدينية للإيرانيين “قصة يختلط فيها السياسي، بالديني والمذهبي، والأمني بالاقتصادي، لكن الانقسام حولها يعبر أيضا عن استقطاب مذهبي حاد في الأساس، وبلغة واضحة تعكس حالة المنطقة أيضا”. 

لا شيعة في الأردن          

ومن ضمن المؤيدين لقدوم الشيعة الإيرانيين للأردن، أستاذ العلوم السياسية جمال الشلبي، الذي يرى أن المصلحة الاردنية تقتضي أن يقدم الشيعة إليها من أي مكان في العالم. 

وقال الشلبي، إنه لا وجود للشيعة في الأردن، حتى يتأثروا بشيعة إيران وطقوسهم في المزارات الدينية، معتبرا أن الأردن يتعرض لضغوط على أكثر من جبهة في رسم علاقته مع إيران بدءا من السعودية وحتى بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. 

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أنه بالإمكان إيجاد آلية صارمة عند السماح بدخول الإيرانيين للسياحة في الأردن مشددا على أن قدومهم يشكل “دخلا قوميا للبلد أشبه بدخل النفط والطاقة”.  

من جابنه، يرى الصحفي أكرم الطراونة، أن “المجتمع الأردني ليس معنيا بدخول معركة ضد التشيع في حال تم السماح للإيرانيين بالقيام بزيارات سياحية في محافظات المملكة، فهذا الأمر قد يشكل عبئا جديدا ليس آوانه الآن، ولسنا معنيين به لا من قريب ولا من بعيد، ناهيك عن ضرورة الحفاظ على بعد الاستقرار الاجتماعي الذي يمكن أن يهتز من خلال خطوة كهذه”. 

ويؤكد الطراونة، أن “عمان التي حملت رسالة التسامح الديني، وكانت شريكا استراتيجيا في محاربة الإرهاب والإرهابيين، لا يمكن لها أن تنقل الصراع الديني في المنطقة إلى داخل حدودها، أو أن تسمح له بالتغلغل التدريجي”. 

ربما يعجبك أيضا