شرخ جديد في العلاقات المغربية الإسبانية.. فتش عن «المهاجرين»!

حسام السبكي

حسام السبكي

مجددًا عاد ملف المهاجرين، يلقي بظلاله على العلاقات المغربية الإسبانية، الآخذ في التصعيد باتجاه أزمة جديدة بين الجارين الأطلسيين، وتعد الهجرة أحد الملفات الشائكة، ليس على الصعيد الثنائي بين مدريد والرباط، وإنما على المستوى الأوروبي، الذي يئن تحت وطأة الآلاف بل الملايين من المهاجرين على أراضيه، وهو ما سبب وفق مراقبين، موجة الهجمات الإرهابية في السنوات الأخيرة.

وقد خيم الملف ذاته سلبيًا على العلاقات بين إسبانيا والمغرب، وسادت حالة من التراشق الدبلوماسي بين البلدين، ما ينذر بحالة عدائية أخرى، ما لم تنجح الأطراف الإقليمية والدولية في احتواء التوتر الحالي.

هجوم إسباني حاد

15022019 pedro sanchez

قبل ساعات، وجهت إسبانيا، على لسان رئيس وزرائها، سهام هجومها العنيف، صوب المغرب، حيث اعتبر رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانتشيز، أن تصرفات المغرب خلال أزمة عبور المهاجرين إلى أراضي إسبانيا تمثل هجوما على الحدود الوطنية لبلاده.

وقال سانتشيز، في تصريح صحفي أدلى به، الإثنين، إنه “من غير المقبول أن تهاجم حكومة ما الحدود بسبب خلاف في السياسة الخارجية”.

وشدد سانتشز على أن سماح سلطات المغرب للمهاجرين بالعبور إلى مدينة سبتة “هجوم على الحدود الإسبانية“.

وأشار رئيس وزراء إسبانيا إلى أنه يرفض موقف الحكومة المغربية إزاء أزمة المهاجرين بين الطرفين.

وتكمن خلفيات الأزمة الأخيرة، في تمكن حوالي 10 آلاف شخص راغبين في الهجرة إلى أوروبا قبل أسبوعين من اقتحام مدينة سبتة شمال إفريقيا والخاضعة لسيطرة إسبانيا، قادمين من المغرب على مدى يومين حيث خففت قوات الأمن المغربية، حسب بعض التقارير، القيود الحدودية، الأمر الذي أثار استياء حادا لدى السلطات في مدريد.

كما واجتاز 86 مهاجرا قادمين من المغرب الثلاثاء قبل الماضي، السياج الحدودي لجيب مليلة الإسباني، وفق ما أعلنت الشرطة الإسبانية في بيان قالت فيه إن “أكثر من 300 شخص” ينحدرون من أفريقيا جنوب الصحراء حاولوا الثلاثاء اجتياز السياج “قرابة الساعة 4,45” (2,45 ت غ)، ونجح “85 رجلا وامرأة” منهم، بالدخول، موضحة أن امرأة احتاجت إلى مساعدة الصليب الأحمر.

استهجان مغربي

60b52a7242360449b601f07a

على الجانب المقابل، وفي بيان شديد اللهجة رد المغرب، الإثنين، على تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية في البرلمان بشأن الأزمة مع الرباط.

ولفت بيان للخارجية المغربية إلى أن المغرب غير معتاد على الانخراط في جدل حول تصريحات كبار المسؤولين في دول أجنبية.

وفي الوقت الذي تقول الرباط إن السبب الحقيقي هو “طعنة إسبانية في الظهر” باستقبال زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي والسماح له بالدخول بوثائق مزورة، حاول رئيس الحكومة الإسبانية تحوير المشكلة إلى ملف الهجرة، وخاصة ما وقع مؤخرا من أحداث هجرة غير شرعية نحو مدينة سبتة المغربية التي تحتلها إسبانيا.

وأعربت الدبلوماسية المغربية عن استغرابها بشأن تعليق رئيس الحكومة الإسبانية  والربط بين أزمة زعيم البوليساريو وموضوع الهجرة.

وفي هذا الصدد، أوضح البيان، أن جميع التصريحات الأخيرة من المسؤولين الدبلوماسيين المغاربة ، بمن فيهم وزير الخارجية ناصر بوريطة، وسفيرة المملكة لدى مدريد، لم تشر إلى الهجرة بأي شكل من الأشكال.

وأوضح أن بيان وزارة الخارجية المغربية الصادر الإثنين، لا يتناول إلا بإيجاز قضية الهجرة ، ويذكر بالتحديد التعاون الجيد.

 وأضاف البيان المغربي: “لذلك من المشروع أن نتساءل عما إذا كان رئيس الحكومة الإسبانية قد قرأ بشكل صحيح البيانات المختلفة المتأصلة في هذه الأزمة ولا سيما بيانات اليوم”.

وفي نفس السياق، نبه البيان إلى أنه ليس من مسؤولية الأجانب تحديد الوزير المغربي الذي ينبغي أن يتحدث في موضوعات معينة.

وقالت الخارجية المغربية: “يجري إدارة الأزمة على مستوى العديد من مؤسسات الدولة وإداراتها، بما في ذلك وزارة الشؤون الخارجية التي لا تحمل إلا في إطار صلاحياتها الموقف الوطني على المستويين الدبلوماسي والإعلامي”.

وختم البيان بالتشديد على أن المغرب أكد مرارا أن الأزمة الثنائية ليست مرتبطة بمسألة الهجرة، موضحا نشأة الأزمة والأسباب الكامنة وراءها معروفة الآن، لا سيما في الرأي العام الإسباني.

وقال: “لا ينبغي أن يكون ذكر الهجرة ذريعة لصرف الانتباه عن الأسباب الحقيقية للأزمة الثنائية”.

قلق وترقب أوروبي

160f9f33b7c09e910e02148cf023365626f1e0d8

في سياقٍ متصل، اعتبرت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون، مؤخرًا، أن تدفّق نحو ستة آلاف مهاجر إلى جيب سبتة الإسباني أمر “مقلق” داعيةً المغرب إلى مواصلة منع العبور “غير القانوني” للمهاجرين من أراضيه.

وقالت جوهانسون أمام البرلمان الأوروبي “الأهم الآن هو أن يواصل المغرب التزام منع العبور غير القانوني (للمهاجرين) وأن تتمّ إعادة الأشخاص الذين لا يحقّ لهم البقاء، بشكل منظّم وفعال. الحدود الإسبانية هي حدود أوروبا”.

تأثيرات متوقعة

تأثيرات متوقعة للعلاقات المغربية الإسبانية

على قدر نجاح إسبانيا لسنوات عديدة في الحفاظ على مركزها كأول شريك تجاري للمغرب بعدما كان ذلك من نصيب فرنسا، لكن هذا الترتيب أصبح اليوم مهدداً بعدما توترت العلاقات بين البلدين بسبب استقبال المملكة الإسبانية زعيم جبهة البوليساريو بهوية مزورة.

وبفضل القرب الجغرافي بين البلدين واستقرار أكثر من ألف شركة إسبانية في المغرب، مع وجود جالية مغربية مهمة في إسبانيا، إلى جانب دينامية في التدفقات والمبادلات التجارية الثنائية، توطدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين سنة بعد أخرى.

ولا تؤشر التصريحات الصادرة عن مدريد والرباط على قرب التوصل إلى حل ينهي صراعاً كبيراً امتزجت فيه قضية زعيم البوليساريو والهجرة إلى سبتة والمواقف من قضية الصحراء، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذا التوتر على العلاقات التجارية المتميزة بين البلدين!

ربما يعجبك أيضا