شعائر بيت الله الحرام.. أعداد محدودة وتأييد واسع لقرار السعودية

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

معادلة صعبة، وقرارات هامة حسمتها المملكة العربية السعودية بشأن موسم الحج هذا العام، ذلك الموسم الذي تتزامن شعائره مع انتشار وباءً عالميًا أزهق آلاف الأرواح وخلف ملايين الإصابات.

ولحل تلك المعادلة الصعبة، بما يتوافق مع الحفاظ على النفس البشرية وإقامة شعائر بيت الله الحرام، اتخذت السلطات السعودية قرارها بإقامة الحج لهذا العام 1441هـ بأعداد محدودة “جدًا” للراغبين لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة.

حفاظًا على النفس البشرية

في ظل استمرار جائحة كورونا، وخطورة تفشي العدوى في التجمعات والحشود البشرية، والتنقلات بين الدول، فضلًا عن ازدياد معدلات الإصابة عالميًا، أعلنت وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية، أمس الإثنين، في بيان لها القرار الصادر بشأن شعيرة الحج هذا العام، مؤكدة على أن القرار جاء حفاظًا على النفس البشرية.

وقالت وزارة الحج والعمرة، في بيانها: “ستقام شعيرة الحج هذا العام بأعداد محدودة من جنسيات مختلفة من داخل المملكة العربية السعودية مع إجراءات احترازية دقيقة حفاظًا على أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام، حمانا الله وإياكم من هذه الجائحة وتقبل من الحجيج حجهم”.

وتابع البيان بأن القرار جاء “حرصًا على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحيًا وبما يحقق متطلبات الوقاية، والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، وتحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية”.

واختتم البيان: “إن حكومة خادم الحرمين الشريفين، وهي تتشرف بخدمة ملايين الحجاج والمعتمرين في كل عام، لتؤكد أن هذا القرار يأتي من حرصها الدائم على أمن قاصدي الحرمين الشريفين وسلامتهم حتى عودتهم إلى بلدانهم”.

خطة صحية وإجراءات مشددة

ووفقًا لما يتعلق بقرار المملكة بشأن شعائر بيت الله الحرام، استعرض وزيرا الصحة والحج والعمرة، الدكتور توفيق الربيعة، والدكتور محمد صالح، الخطة الصحية لحجاج هذا العام، إذ أعلنا في المؤتمر الصحفي المشترك الخاص بموسم حج 1441، صباح اليوم، أن الحج هذا العام سيكون لمن هم أقل من 65 عامًا ولا يعانون من أي أمراض مزمنة.

وأوضح وزير الصحة أن الحجاج سيخضعون لفحوص كورونا قبل الفريضة، وبعد الحج سيلتزمون بحجر صحي منزلي لمدة 14 يومًا، مشددًا على وضع “خطة صحية وإجراءات مشددة لحجاج هذا العام”.

وأفاد أن العاملين بالحج سيخضعون أيضًا لفحوص كورونا، وستجري متابعتهم خلال المناسك.

وكشف وزير الصحة السعودي عن “تجهيز مستشفى متكامل لأي طارئ في الحج”، مشيرًا إلى تطوير “بروتوكولات طبية مخصصة لموسم الحج”.

ومن جانبه، قال وزير الحج والعمرة السعودي: “لدينا خطط تنفيذية استثنائية لحج هذا العام”، موضحًا أن “فريضة الحج ستكون آمنة وصحية وتحافظ على السلامة”.

ونفى الدكتور محمد صالح أي احتمال لمشاركة حجاج من الخارج حتى لو أجروا فحوص كورونا، مؤكدًا على رفض أي استثناءات.

وأشار إلى أن أعداد الحجاج ستكون محدودة جدًا، وقدر أنها قد لا تتجاوز عشرة آلاف.

وأشار وزير الحج السعودي إلى “تنفيذ إجراءات التباعد الاجتماعي خلال الحج، وتجنب الحشود الكبيرة”.

السديس: القرار يحفظ للمسلمين أراوحهم

من جانبه أشاد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، بقرار وزارة الحج والعمرة المتعلق بحج هذا العام 1441هـ.

وفي هذا الصدد قال السديس -وفقًا لوكالة الأنباء السعودية- أنه “من منطلق حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، على سلامة عامة الناس، وسلامة مواطني السعودية والمقيمين على أرضها، وبذلهما الغالي والنفيس في المحافظة على صحة وسلامة البلاد والعباد من أي أخطار، خاصة تفشي الأمراض، وفي ظل هذه الجائحة التي يشهدها العالم المتعلقة بفيروس كورونا المستجد، وما بذلته السعودية من جهود لمكافحة هذا الفيروس، جاء قرار وزارة الحج الذي لاقى مباركة إسلامية ودولية حرصًا على سلامة المسلمين، ومجنبًا إياهم الأخطار وما هذه القرارات إلا قرارات مباركة وواجب شرعي”.

وأكد الشيخ السديس على دور السعودية الرائد منذ تأسيسها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود إلى هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وما تقدمه من خدمات جليلة للحرمين الشريفين، ولضيوف الرحمن كل عام.

هيئة كبار العلماء: “دفع الضرر قبل وقوعه”

وثمنت هيئة كبار العلماء في السعودية القرار، موضحة أن “الشريعة الإسلامية دعت إلى بذل الأسباب التي تؤدي إلى عدم انتقال الأوبئة والأمراض من بلد إلى آخر أو التقليل من ذلك، وعلى دفع الضرر قبل وقوعه، ورفعه بعد وقوعه أو التخفيف منه”، منوهة بـ”أهمية إقامة شعيرة الحج من دون أن يلحق ضرر بأرواح الحجاج”.

وتابعت الهيئة في بيانها، الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية “واس”، أنها “نظرت في قوله سبحانه: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود)”، موضحة أنه من جملة ما ترشد إليه الآية الكريمة في أمن البيت الحرام وتطهيره اتخاذ الأسباب لمنع انتشار الأمراض والأسقام كالعدوى التي تفتك بالأرواح في زمن الأوبئة.

كذلك، أيدت رابطة العالم الإسلامي”، من مقرها في مكة المكرمة، في بيان لها عن العلماء المنضوين تحت مظلة “المجلس الأعلى للرابطة” و”المجمع الفقهي الإسلامي” و”المجلس الأعلى العالمي للمساجد”، قرار السعودية بشأن الحج.

وأوضح البيان أن “الظرف الطارئ للجائحة يُمثل حالة استثنائية يتعين شرعًا أخذُها ببالغ الاهتمام والاعتبار، حفاظًا على سلامة حجاج بيت الله الحرام”.

“التعاون الإسلامي” والأزهر الشريف: قرار حكيم

ومن جانبه رحب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، بما أُعلنته وزارة الحج في المملكة.

ودعم الأمين العام، قرار حكومة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي يأتي اتساقًا مع جميع الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي اتخذتها المملكة، منذ بداية ظهور الجائحة والتي ساهمت على نحو فاعل بتقليل الآثار السلبية للجائحة، والحيلولة دون انتشارها. 

كما ثمّن الأمين العام العناية القصوى التي توليها المملكة العربية السعودية لصحة ضيوف الرحمن وسلامتهم، وبذل العناية اللازمة لهم، مؤكداً على أن ذلك هو النهج الذي عكفت حكومة خادم الحرمين الشريفين على اتباعه منذ منحها الله شرف خدمة الحرمين الشريفين، ومنوهًا بالتوسيعات العملاقة للمشاعر المقدسة، والقدرات الكبيرة التي تملكها المملكة العربية السعودية لتنظيم الحج في أشد الظروف قسوة.

كذلك أكد الأزهر الشريف، برئاسة الدكتور أحمد الطيب، على قرار المملكة، منوهًا بأنه قرار حكيم يحقق مقاصد الشريعة ويحافظ على سلامة ضيوف الرحمن.

وجاء في بيان الأزهر، أن القرار مأجور شرعًا ويراعي عدم تعطيل فريضة الحج والحرص على سلامة حجاج بيت الله الحرام، وإعلاء حفظ النفس أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، كما يدل على وعي قيادة المملكة بخطورة فيروس كورونا، خاصة في ظل الانتشار المتسارع لهذا الوباء الذي يهدد أرواح الناس في كل مكان.

مصر.. تأييد “الإفتاء والأوقاف”

بجانب تأييد الأزهر الشريف، رحبت أيضًا وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية بقرار المملكة، حفاظًا على النفس البشرية.

وقالت دار الإفتاء، في بيان لها: “”نؤيد وندعم بكل قوة مواقف المملكة وحرصها الشديد على أمن واستقرار المشاعر الدينية، وكل ما تتخذه من إجراءات لضمان تحقيق ذلك، وسعيها الدءوب للحفاظ على أرواح الحجاج والمعتمرين وضيوف الرحمن”، ولفتت النظر إلى أن قرار سلطات المملكة العربية السعودية بإقامة الحج بأعداد محدودة يأتي استنادًا للقاعدة الفقهية “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”.

وشددت دار الإفتاء على أن “اتخاذ سلطات المملكة لهذا القرار جاء باعتباره ضرورة ملحة في ظل الظروف الراهنة وما يعانيه العالم من انتشار جائحة كورونا”، داعية جميع دول العالم إلى “التعاون والتكاتف التام لمواجهة هذا الوباء الخطير، والعمل على مواجهته في أسرع وقت ممكن”.

ومن جانبه قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة: إن قرار المملكة “يتسق مع مقصد الشرع الشريف في الحفاظ على النفس”.

المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة

أكد الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، دعم المجلس لقرار المملكة، مشيرًا إلى أهمية القرار في الوقت الراهن والحساس، بغية الحفاظ على النفس البشرية، وتحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية، وقيام مصالح الدين والدنيا، وعدم اختلال نظام الحياة، وبالتالي إقامة هذه الشعيرة امتثالاً للإجراءات الاحترازية والتوجيهات والإرشادات الرسمية.

وأوضح أن المملكة تؤكد دائمًا حرصها على راحة وسلامة ضيوف بيت الله الحرام وزوار المسجد النبوي، وكذلك تأمين عودتهم بسلامة إلى بلدانهم.

الإمارات تُشيد بقرار المملكة

تأييدًا لقرار المملكة، أعلن مكتب شؤون الحجاج بدولة الإمارات العربية المتحدة عدم المشاركة في موسم حج هذا العام 1441 هـ الموافق 2020م، وذلك بعد قرار المملكة اقتصار حج هذا الموسم على عدد محدود جدًا من حجاج الداخل بسبب الظروف الراهنة التي رافقت انتشار فيروس كوفيد – 19.

وأشادت دولة الإمارات بالجهود المخلصة التي تبذلها المملكة العربية السعودية الشقيقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، في خدمة الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله الحرام، وزوار المسجد النبوي الشريف.

وأكد مكتب شؤون الحجاج أن قرار المملكة يأتي في إطار الإجراءات الوقائية والاحترازية للحد من انتشار المرض، والمحافظة على صحة النَّاس وحياتهم والتي تعدَّ من أهم مقاصد شرعنا الحنيف.

البحرين: القرار ملبيًا لمقتضيات الضرورة الشرعية

وفي البحرين أكد الشيخ خالد بن علي آل خليفة، وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، تأييد مملكة البحرين التام لقرار المملكة السعودية، لافتًا النظر إلى أن هذا القرار المبارك جاء حافظًا لشعيرة الحج، وملبيًا لمقتضيات الضرورة الشرعية التي تحفظ النفس البشرية، ومتمشيًا مع المتطلبات والمعايير الدولية لمكافحة هذا الوباء العالمي.

وقال الوزير -وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء البحرينية- إن “مملكة البحرين إذ تؤكد وقوفها ودعمها للمملكة العربية السعودية الشقيقة في كل ما من قرارات وإجراءات تضمن سلامة وأمن الجميع بشكل عام وحجاج بيت الله الحرام على وجه الخصوص، فإنها تقدر عاليًا هذا القرار الذي يأتي متوافقًا مع جوهر الدين الإسلامي الحنيف الذي جاء بحفظ الضرورات الخمس وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال”.

وأشار إلى أن الحفاظ على تلك الضرورات من أسباب استقامة المصالح، ويتم ذلك بإقامة أركانها ودفع أي ضرر يمسها أو أي خلل يطالها، ليعيش المسلم آمنا مطمئنا، وتعيش المجتمعات المسلمة أمة واحدة متماسكة كالبنيان يشد بعضه بعضا وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.


الأردن يُثمن جهود المملكة

ومن جانبه قال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بالأدرن، الدكتور محمد الخلايلة، بأنه لن يكون هناك بعثات حج أردنية لهذا العام نتيجة قرار وزارة الحج والعمرة السعودية، باقتصار إقامة الحج هذا العام 1441هـ على أعداد محدودة من الحجاج.

وأضاف الخلايلة: “الوزارة تتفهم الظروف التي أتى بها القرار، والذي كان متوقعًا في ظل تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) في العالم، واستمرار وجود خطر الإصابة به. 

باكستان 

وفي إسلام آباد، رحب مجلس علماء باكستان بقرار الرياض، وذلك حرصًا على صحة الحجاج وسلامتهم في ظل ما يشهده العالم من خطر جائحة كورونا.

وأكد المجلس تأييده لهذا القرار الحكيم الذي يؤكد ضرورة إقامة شعيرة الحج دون إلحاق الضرر بأرواح الحجاج، ودون أن تكون هذه الشعيرة العظيمة سببًا في زيادة انتشار هذا الوباء الخطير، خاصة أن الشريعة الإسلامية تحث الجميع على تحقيق وتحصيل المصالح ودرء المفاسد.

ربما يعجبك أيضا