على طريقة “الزعيم”.. “نكاز 2” يترشح لرئاسة الجزائر

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

كان المتابع للمشهد الجزائري، مساء أمس الأحد، على موعد مع عرض مسرحي من الدرجة الأولى، فبينما يتأهب لمشاهدة المعارض الجزائري ورجل الأعمال الفرنسي رشيد نكاز يعلن من قلب المجلس الدستوري، تقديم أوراق ترشحه لرئاسيات 2019 رسميا، فوجئ الجميع بأن المرشح هو ابن عمه الذي يحمل الاسم نفسه “رشيد نكاز 2″، وكأننا أمام مسرحية “الزعيم” للفنان المصري عادل أمام، مع بعض التغييرات الدرامية.

 نكاز 2 قال للصحفيين -أمس، وسط حالة من الفوضى بالقاعة المخصصة للمؤتمرات الصحفية بـ”الدستوري”- إنه استوفى شروط الترشح وقدم ملفه كاملا للمجلس واستلم وصل الإيداع، موضحا أن قريبه السياسي رشيد نكاز لا يستطيع الترشح بسبب شرط الإقامة لمدة 10 سنوات دون انقطاع عن الجزائر، كما ينص الدستور في شروط الترشح لانتخابات الرئاسة.

وأضاف، إن ابن عمي رشيد نكاز “السياسي” 47 عاما، والذي يحمل نفس اسمه ولقبه وينحدران من نفس البلدة وهي عين مران بمحافظة الشلف، سيتكفل بتنظيم حملته الانتخابية.

من جانبه قال نكاز -عبر صفحته على “فيسبوك” اليوم- بعد رفض المجلس الدستوري قبول ملفي بعد ظهر أمس، كنت مجبرا بالخروج بـ”الخطة ب” للبقاء ضمن المعترك للضغط على دكتاتورية بوتفليقة، وهذا هو السيناريو السياسي المتوقع:

1- إن قبل المجلس الدستوري ترشح ابن عمي في 13 مارس، سأكون مدير الحملة.

2- إن تم انتخاب ابن عمي، سنستحدث منصب نائب الرئيس عن طريق البرلمان.

3- الرئيس المنتخب يستقيل في أقرب وقت.

4- تلقائيا سأشغل بصفتي “نائب الرئيس” منصب رئيس الجمهورية.

وفي فيديو بثه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكد نكاز أنه أراد بهذه الخطة السخرية من المجلس الدستوري، وأنه يعلم جيدا أن ترشح ابن عمه “رمزي” تماما كما ترشح بوتفليقة.

هذا الإخراج المسرحي للسياسي نكاز، كان صادما إلى حد كبير للشارع الجزائري، الذي انقسم إلى فريقين، فريق يرى أن نكاز خدعه، عندما قام بجمع التوقيعات اللازمة لترشحه لا لابن عمله “الميكانيكي”، وسط دفعة أمل في التغيير تسللت إلى قلوب الشباب، وفريق آخر يرى أنه سياسي من طراز رفيع استطاع أن يسخر من مؤسسات الدولة، بل قد يصل إلى الحكم فعليا بمقتضى تلك الخطة، كما فعلها أردوغان وبوتين من قبل.

على الشاطئ الآخر للبحر الأبيض المتوسط، ولد رشيد نكاز عام 1972 في فرنسا لأبوين جزائريين، ودرس التاريخ والفلسفة في أعرق جامعاتها “السوربون”، وفي 2006 أعلن ترشحه لرئاسة فرنسا، لكنه انسحب من السباق لعدم تمكنه من جمع التوقيعات المطلوبة، وفي 2012 أعاد الكرة، ولم يتجاوز الانتخابات التمهيدية.

مع صدور قانون حظر “النقاب” في الأماكن العامة بفرنسا، تصدر نكاز المشهد كمناهض لهذا القانون، بل إنه تطوع لدفع الغرامات التي تفرضها الشرطة على المنتقبات، وأوضح في وقت سابق، أنه دفع خلال عشر سنوات نحو 315 ألف يورو قيمة غرمات لـ 1552 سيدة داخل وخارج فرنسا، ويقول دائما: “أنا ضد ارتداء النقاب لأنني لا أعتبره أفضل طريقة للاندماج بالمجتمع الأوروبي، لكنني في العموم أحارب من أجل الحرية”.

 في 2013 تغيرت وجهت نكاز إلى الجزائر وتخلى عن جنسيته الفرنسية، من أجل الترشح لرئاسيات 2014، لكنه لم يتمكن من جمع التوقيعات المطلوبة لإتمام ملف ترشحه، وهذا العام وبعد أن انضم إلى الحراك الشعبي الرافض للعهدة الخامسة لبوتفليقة، قدم نفسه كمرشح للشباب والتغيير في انتخابات الرئاسة، رغم أنه يعني تماما أن التعدي الدستوري الذي أدخل عام 2016 والخاص بإثبات إقامة دائمة في الجزائر لمدة لا تقل عن 10 سنوات للمرشح الرئاسي، سيحول دون ترشحه.

الكاتب الجزائري كامل داود، اعتبر في مقاله الأسبوعي في صحيفة “لوبوان” الفرنسية، أن نكاز تحول إلى ظاهرة في الجزائر، وقال: نكاز الطامح للرئاسة، بات بطل الشباب الجزائري وأصبح المنافس غير المتوقع لبوتفليقة، على الرغم من أنه لا يملك أدني فرصة للفوز، لكن شعبيته تمثل “مفارقة مثيرة”، فهو مجرد شخص آتٍ من العالم الافتراضي، لكنه تمكن من أن يتحول إلى واقع، فيما بوتفليقة وهو الرئيس الحقيقي تحول إلى مجرد صورة.

يرى بعض الخبراء، أن نكاز قد يواجه خلال الأيام المقبلة اتهامات قد تصل إلى حد السجن، في حال قرر أحد المواطنين الذين منحوه التوقيعات رفع دعوى قضائية ضده، يتهمه فيها بالتلاعب والاحتيال, باعتبار أن المواطنين حينما منحوا نكاز توقيعاتهم، لم يفعلوا ذلك إلا لشخصه هو، وليس لشخص آخر يحمل نفس الأسم.

وربما كان من الأفضل أن يحافظ نكاز على صورة البطل الشعبي، ويكتفي بإعلان رفض “الدستوري” لترشحه، عوضا عن مسرحية أمس التي جعلته محلا للشكوك، حتى إن البعض ذهب بعيدا واعتبر أن ما حدث ربما هو جزء من خطة لذر الرماد في العيون والتمويه على ترشح بوتفليقة.

ربما يعجبك أيضا