عنوانها العريض «البروتوكولات الصحية».. أزمة جديدة تضرب العلاقات الإسبانية المغربية!

حسام السبكي

حسام السبكي

بخلفيات سابقة، ولأسباب مختلفة هذه المرة، دخلت العلاقات الإسبانية المغربية، فصلًا جديدًا من فصول الأزمات السياسية أو الدبلوماسية، عنوانه العريض هذه المرة “عدم احترام البروتوكولات الصحية”، يأتي ذلك، بينما يئن العالم تحت وطأة المتحور الجديد من فيروس كورونا، الأوسع انتشارًا، والذي تسبب مؤخرًا في وفاة العديد من الحالات حول العالم، رغم التقليل في البداية من مخاطره.

العلاقات الإسبانية المغربية.. أزمة جديدة

شهدت العلاقات بين مدريد والرباط، في الساعات القليلة الماضية، أزمة جديدة، إثر اختيار المغرب إعادة رعاياه العالقين في أوروبا، بسبب إغلاق الحدود المغربية، انطلاقا من البرتغال بدلا من إسبانيا خلافا جديدا بين البلدين، أمس (الثلاثاء)، على خلفية انتقاد المغرب إجراءات المراقبة “غير الصارمة” للحالة الصحية للمسافرين في إسبانيا.

وعزت وزارة الصحة المغربية هذا القرار إلى “غياب احترام البروتوكولات الصحية المرتبطة بكوفيد-19 من قبل السلطات الإسبانية، وغياب ضمانات ملموسة على احترامها… بطريقة حازمة وسليمة طبقا للتوصيات والإجراءات الصحية المتعارف عليها دوليا”.

وأوضحت في بيان، ليل أول أمس (الإثنين)، أنها رصدت “عدة حالات وإصابات بفيروس كوفيد-19، عند وصولها أو عبورها من المغرب، قادمة من إسبانيا في إطار رحلات خاصة”، منتقدة “عدم وجود المراقبة المتعينة لجوزات التلقيح بالنسبة للمسافرين”.

على الجانب المقابل، رد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل الباريس، في مؤتمر صحفي بمدريد، أمس (الثلاثاء)، بشدة على هذه الانتقادات، معتبرا بيان وزارة الصحة المغربية “غير مقبول من وجهة نظر إسبانيا ولا يطابق الواقع”.

وأضاف أن “إسبانيا تحترم كل المعايير الدولية المتعلقة بمكافحة وباء كوفيد، والحكومة تعمل على ذلك دون هوادة”.

يُشار إلى أن المغرب قد أعلن، الأسبوع الماضي، تنظيم رحلات استثنائية لإعادة الآلاف من رعاياه العالقين في الخارج انطلاقا من البرتغال وتركيا والإمارات، وذلك بعد إغلاق الحدود حتى 31 ديسمبر بسبب الانتقال السريع لأوميكرون وتجدد تفشي الجائحة في أوروبا، لكن السلطات عادت لتعلن تعليق هذه الرحلات الاستثنائية ابتداء من الخميس.

ويعد المغرب من الدول القليلة في العالم التي أغلقت حدودها بشكل تام إن لم تكن الدولة الوحيدة التي أغلقتها حتى في وجه المغاربة الذين سافروا لأغراض طبية أو عائلية ووجدوا أنفسهم ممنوعين من العودة إلى وطنهم، وذلك بعد ظهور النسخة المتحورة من فيروس كورونا “أوميكرون”. وقررت الحكومة تنظيم عودة مشروطة منها ضرورة الإقامة في فندق لمدة تفوق الأسبوع حتى يتم التأكد من خلو العائد من أوميكرون. واختارت ثلاث دول ليعود منها المغاربة وهي البرتغال وتركيا ودبي.

وتتعرض السلطات المغربية للكثير من الانتقادات، بسبب إغلاق الحدود في وجه مواطنيها، ثم اختيار ثلاثة مطارات للعودة، علما أن المغاربة الموجودين في عشرات الدول ينتظرون والبعض منهم يقترب من حالة التشرد كما هو الشأن في تركيا. وتساءل عدد من نواب البرلمان لماذا لم يتم اختيار مطارات بلاد مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبروكسل.

تحرك عاجل

في جانب ردود الأفعال، قررت إسبانيا استدعاء القائم بالأعمال في السفارة المغربية في مدريد لتقديم مذكرة احتجاج شفوية على بيان وزارة الصحة المغربية. وهذه هي المرة الثانية التي تقدم فيها مدريد على استدعاء المسؤول المغربي لتقديم احتجاج، وكانت الأولى بسبب إنشاء المغرب مزارع لتربية الأسماك بالقرب من الجزر الجعفرية في البحر المتوسط.

وقبل ساعات، نقلت تقارير إسبانية، أن السفينة التابعة للبحرية الإسبانية، التي تحمل اسم “مار كاريبي” عادت إلى قاعدتها “بونتاليس” بمنطقة “قاديس”، بعد استكمال دعمها اللوجستيكي الرابع في عام 2021 للجزر المغربية المحتلة من قبل إسبانيا والواقعة في حوض البحر الأبيض المتوسط تفاديا لتأزيم جديد يطال العلاقات بين الرباط ومدريد.

واستنادا لما أوردته، وسائل إعلام إسبانية أن مدريد سحبت السفينة من الجزر المغربية، التي ما زالت تستعمرها، تفاديا لأزمة دبلوماسية جديدة مع الرباط، مثل أزمة جزيرة “ليلى”، والذي يأتي أياما بعد احتجاج مدريد، على المغرب بسبب إقامته مزرعة لتربية الأسماك، قبالة الجزر الجعفرية المحتلة.

وردًا على أنباء حول قيام المغرب بخطوة دبلوماسية مماثلة، نفى مصدر دبلوماسي مغربي، اليوم الثلاثاء، صحة التقارير التي تحدثت عن استدعاء وزارة الخارجية الإسبانية للقائم بالأعمال المغربي في العاصمة مدريد.

وقال المصدر في تصريحات أوردتها “سبوتنيك” إن المعلومات التي تداولتها الصحافة الإسبانية حول استدعاء القائم بالأعمال المغربي لدى مدريد غير صحيحة.

وأوضح المصدر أن التواصل الذي جرى مع القائم بالأعمال، حدث في إطار “عادي” دون الاستدعاء الذي تحدثت عنه الصحف الإسبانية نقلا عن وزير الخارجية الإسباني في ندوة صحافية اليوم.

خلفيات سابقة

الخلاف الدبلوماسي الجديد بين المغرب وإسبانيا، لم يكن الأول من نوعه بين البلدين فقط في عام 2021، حيث شهدت علاقات الجارين أزمة حادة في أبريل بسبب استضافة إسبانيا زعيم جبهة بوليساريو المطالبة باستقلال الصحراء الغربية، إبراهيم غالي، للعلاج “لأسباب إنسانية”، الأمر الذي اعتبرته الرباط “مخالفا لحسن الجوار”، مؤكدة أن غالي دخل إسبانيا من الجزائر “بوثائق مزورة وهوية منتحلة“.

وتفاقمت الأزمة منتصف مايو حين تدفق نحو 10 آلاف مهاجر معظمهم مغاربة على جيب سبتة الإسباني شمال المملكة.

وتبادل البلدان تصريحات حادة، حيث اتهمت مدريد خصوصا المغرب بارتكاب “عدوان” و”بالابتزاز”. ونددت الرباط من جهتها بـ”اللغة المزدوجة” و”الترهيب”، واستدعت للتشاور سفيرتها في إسبانيا التي لم تعد بعد إلى مدريد.

ربما يعجبك أيضا