في آسيا.. تواصل مع الأموات في شهر الأشباح

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل 

لا تنقطع علاقة الأحياء بالموتي بمجرد أن تغادر الروح الجسد بل هناك تواصل من نوع آخر بالقلب والدعاء وغيرها الكثير ، ولكن في قارة آسيا الأمر مختلف تماما فعلاقة من هم على قيد الحياة بأمواتهم تدوم خلال “شهر الأشباح”.

في الأسطورة الشعبية الصينية فإن الشهر القمري السابع هو شهر الأشباح، حيث يقال أنه كل عام في اليوم الأول من الشهر القمري السابع، ستكون بوابة الجحيم مفتوحة على مصراعيها وستخرج الأشباح حتى تغلق البوابة في اليوم الثلاثين من الشهر، من أجل سلامة كل من الأشباح والبشر.

وفي الأسطورة نجد أن أي شخص يموت بشكل طبيعي يمكن أن يتجسد في حين أن أولئك المذنبين أو الذين يموتون عن طريق الخطأ سيصبحون أشباح يتجولون في عالم البشر، حتى أن بعض الأرواح الشريرة تنتهز الفرصة لإزعاج النفوس الحية، مسببة وفاتها في الكوارث والحوادث، نتيجة لذلك، يُنظر إلى الأشخاص الذين يموتون بشكل غير متوقع خلال هذه الفترة على يد الأشباح.

التضحية بالأشباح

يعتقد الصينيون القدماء أن الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الإنسان كانت متكررة في الشهر القمري السابع، حيث كان لديهم مخاوف، وبالتالي، يتم تشكيل العادات الثقافية لتجنب أي شيء في هذا الشهر، ففي المجتمع الحديث، تفشل العديد من المحرمات في الصمود أمام اختبار الزمن، لكن البعض الآخر لا يزال يتعذر تفسيره بالعلم.

والاعتقاد السائد أن إجراء مراسم التضحية بهذه الأرواح سيساعدهم على الهروب من الجحيم في وقت مبكر ويمنعهم من إزعاج الكائنات الحية، لذلك يعقد الشعب الصيني مراسم التضحية ويحرق المال على جانب الطريق في الشهر لعبادة الأشباح، والتي أصبحت عادات مثل “وضع الفوانيس” و”عبادة الإخوة الطيبين”.

بما أن حفل التضحية له معنى الصلاة من أجل السلامة، فإن الشعب الصيني يدعو أيضًا الفرق المسرحية للعب من أجل الآلهة وترفيه الضيوف في المآدب في الهواء الطلق بالإضافة إلى عبادة “الإخوة الطيبين” مع عروض كبيرة في مهرجان الشبح.

مهرجان تشونغ يوان

يصادف مهرجان “تشونغ يوان”، وهو أيضا مهرجان الشبح، في اليوم الخامس عشر من الشهر القمري السابع، حيث تتجمع الأشباح في الصباح الباكر وفي وقت متأخر من الليل وتصل الأرواح الشريرة إلى الذروة في هذا اليوم بالذات وكان الناس يحرقون المال ويستدعون الأجداد والأشباح بالتضحيات وبالمثل ، تضحي الأماكن العامة في اليوم التالي ، أي اليوم السادس عشر من الشهر القمري السابع.

كبش الفداء

وفقًا لأسطورة “كبش الفداء” تصل الأرواح لذروتها لذا يجب ألا يخرج الأطفال وكبار السن والأشخاص الضعفاء أو الحساسون في الليل حتى لا يتعرضوا للهجوم من قبل الأرواح الشريرة، أيضا يجب أن تبتعد عن البحر، والابتعاد عن المخاطر والألعاب الخارقة للطبيعة ، وعدم ارتداء ملابس تحمل اسم الشخص ، الامتناع عن التصفير خاصة في ليلة مهرجان الشبح.

غالبًا ما يأخذ بعض الأشخاص أشياء لتجنب الأرواح الشريرة معهم ، مثل التميمة وحبات الصلاة والملح الخشن والأرز الدبق والصليب والحجر مع طاقة خاصة.

بوابة الجحيم مغلقة

في اليوم الأخير من الشهر القمري السابع، تكون بوابة الجحيم مغلقة ويعود الأشباح إلى الجحيم بعد قضاء إجازتهم، ويقوم الناس بالتضحية في هذا اليوم من أجل السلامة في بقية الأيام.

الحيوانات المدفونة

وفي فيتنام هناك بعض الأختلاف حيث يتم تكريم الحيوانات أيضا “الكلاب – القطط – السلاحف” وغيرها من الحيوانات المدفونة في مقبرة مخصصة لها في “هانوي” مع وضع نقانق وعنب وحليب وحلوى على شواهد قبورها ، وشارك عشرات من أصحاب حيوانات منزلية في مراسم رسمية في معبد “تي دونغ فات نغا”

هذه المراسم تقام عادة للأجداد في فيتنام إذ ثمة اعتقاد بأن أرواحها تجوب في الأرض خلال شهر الأشباح وتكرم من خلال مأدبة كبيرة قبل أن ينتهي الشهر.

يرى مدير مقبرة الحيوانات المنزلية أن رفاق الإنسان تستحق أن تعامل بالاحترام نفسه.

يقول “نغوين باو سين” -الذي فتح هذه المقبرة قبل خمسين عاما- “نحب الكلاب والقطط ليس خلال هذه الحياة بل أيضا بعد نفوقها”.

ويؤكد أنه أحرق أو دفن أكثر من عشرة آلاف حيوان من بينها سلاحف وطيور وأسماك، وعلى صاحب الحيوان أن يدفع 45 إلى 65 دولارا إن أراد وضع شاهدة لرفيقه النافق.

ويأمل سين المحارب السابق في حرب فيتنام والذي رافقه كلبه في ساحات المعركة، أن تسمح مبادرته بالنظر إلى الحيوانات المنزلية من زاوية جديدة وتساهم في نشر رسالة محبة حيالها.

تقول “نغوين تي كسوان” -التي تعتبر كلبها “كوك” بمثابة ابن لها- إن إقامة مراسم دفن لحيوانها شكل مصدر راحة لها، وتوضح: وسط المقبرة “أجلب له الحلوى والفول السوداني، هذا طعامه المفضل”.

ربما يعجبك أيضا