في أبريل.. الكذب ملح الشعوب ورجال السياسة

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

إذا كان الكذب ينجي فالصدق أنجى.. هكذا يخبرنا التاريخ وأحداثه المختلفة فقد يلجأ البعض سواء كانو أفرادًا أو حكومات أو دولًا، لاصطناع أكاذيب، سواء لخدمة بلدهم أو لتحقيق مصالح شخصية أو للتغطية على فضائح إلا أنه مع مرور الوقت تظهر الحقيقة بكل تفاصيها.

على الرغم من انتشار مناسبة “كذبة أبريل” في أغلب دول العالم منذ القرن التاسع عشر، إلا أنها لم تصبح احتفالا رسميا في أي منها، إذ ظلت فقط مرتبطة بالدعابات حتى لو كانت مؤلمة أحيانا، ويشهد التاريخ العديد من الأكاذيب بعضها سياسي واقتصادي ومنها ما هو أسطوري.

الوقوع في الفخ

في عام 1983 نشرت وكالة “أسوشيتد برس” تقريرًا نقلته كثير من وسائل الإعلام عن أصل “كذبة نيسان” قدمه أستاذ التاريخ في جامعة بوسطن “جوزيف بوسكن”، تقول النظرية إن تلك العادة بدأت مطلع القرن الرابع الميلادي في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين.

فقد كان هناك مهرج للقصر يدعى كوغل قال أمام الإمبراطور أن المهرجين يمكن أن يحكموا بشكل أفضل من الامبراطور، ومن باب التسلية نصب الإمبراطور مهرجه إمبراطورا ليوم واحد في 1 أبريل حيث قرر كوغل نشر السخرية والمتعة في ذلك اليوم في أنحاء الإمبراطورية، وأعجب الإمبراطور بالفكرة وتسلى بها فصارت تقليدًا كل عام في ذات اليوم.

وبعد أسابيع، اكتشفت “الأسوشيتد برس” أنها وقعت في فخ “كذبة نيسان” وأن البروفيسور بوسكن اخترع القصة.

سوني تصطاد الأشباح

يبدو أن عشاق “جوست باسترز” نالوا نصيبهم من كذبة أبريل عندما قالت شركة سوني إنها “نجحت في تصنيع “البروتون باك” وهو منتج مصمم لاصطياد مخلوقات من أبعاد أخرى”، وفي بيان صدر في الأول من أبريل قالت سوني إنها عملت على تصنيع آلة اصطياد الأشباح – التي عرفها الجمهور من خلال الفيلم الكوميدي الشهير الذي عرض عام 1984 – لأكثر من 30 عامًا وإنها “مضادة للماء”، ويأتي بيان كذبة أبريل قبل عرض الجزء الجديد من الفيلم في فصل الصيف.

إنسان بلتداون

كذبة إنسان “بلتداون” ربما تعد الكذبة الأشهر في مجال الحفريات والآثار وحتى على الصعيد العلمي، وذلك لسبب رئيسي مهم وهو طول المدة التي مضت حتى كشفت الحقيقة.

كانت “بلتداون” خدعة كبيرة قدمت فيها بقايا عظام متحجرة على أنها تعود للإنسان الأول، هذه البقايا تتألف من عظام فك وأجزاء من جمجمة جمعت في عام 1912 م من منجم حصى في بلتداون شرق ساسكس في إنجلترا، أعطي لهذه العينة اسم الانسان الفجري وظلت أهمية هذه القطع المتحجرة موضع جدل حتى سطعت الحقيقة في عام 1953 م وهي أن هذه القطع ما هي إلا قطع مزورة تم تركيبها عمدًا – فالفك السفلي هو لقرد الغاب وبقايا الجمجمة تعود لجمجمة إنسان حديثة.

الملك في القمر

حفل تاريخ المغرب السياسي والاجتماعي بتقليد عالمي منتشر في غالبية دول العالم باختلاف معتقداتها وثقافاتها، فالمغاربة، منذ عهد الاستقلال، ألفوا الاحتفال بالكذب والإيقاع بضحاياهم ، يروي أحد السياسيين قصة رؤية الملك محمد الخامس في القمر قائلا: “كنت من بين الآلاف الذين أجزموا على أنهم رأوا محمد الخامس في القمر، نعم رأيت محمدا الخامس في القمر بلباسه التقليدي، على غرار كل المغاربة آنذاك، كنت أرفع رأسي نحو السماء عند مغرب كل يوم، باحثًا في بياض القمر عن صورة الملك الذي افتقده المغاربة منذ أن نفاه المستعمر  إلى جزيرة مدغشقر”.

كذبة النكسة

أذاع  “أحمد سعيد” مذيع محطة صوت العرب أن مصر حققت انتصارات كبيرة خلال حربها مع اسرائيل في عام 1967، حيث أذاع  فى مساء 5 يونيو 1967 أن مصر أسقطت 50 طائرة من طائرات العدو الإسرائيلي وبعدها بنصف ساعة، قال إن مصر اسقطت 80 طائرة من طائرات العدو، وبعدها 100، حتى وصل إجمالي عدد الطائرات التي أسقطتها مصر في ليلة واحدة 1000 طائرة للعدو الإسرائيلي.

وادعى “سعيد” أن القوات المصرية توغلت داخل إسرائيل ودخلت إلى تل أبيب، وكان المصريين البسطاء يرقصون فرحا مع الأنباء بإسقاط طائرات العدو الإسرائيلي، ولكن الصدمة كانت قاسية للغاية, حيث استيقظ المصريون على كابوس كبير، وهو احتلال إسرائيل سيناء بالكامل واستشهاد العديد من الجنود المصريين.

الكذب ملح الرجال

الكذب ملح الرجال“، عبارة منتشرة بكثافة في المجتمع تتّهم فيها النساء الرجالَ بالكذب عليهنّ دائماً، فيما يَعتبر عدد كبير من الرجال أنّ المرأة تكذب أكثر و”أنّ الصِيت للرَجل أمّا الفعل فلها”.

الباحث الإنجليزي “جون شيمل” الذي اهتمّ باكتشاف أصول الكذب ودوافعه ‏ومسبّباته، يؤكّد فكرةَ عدد كبير من الرجال الذين يصوّرون أنفسَهم دائماً ضحايا كذب حوّاء ومكرِها: “إذا كان الكذب صفةً يتميّز بها البشر عن سائر المخلوقات، فإنّ كلّ الأدلّة تثبت ‏أنّ المرأة أكثر استخداماً للكذب من الرجل”.

يوضح “شيمل” سببَين لكذب المرأة، أوّلهما أنّها “أكثر ‏عاطفية من الرَجل، ولأنّ الكذب حالة نفسية ترتبط بالجانب العاطفي أكثر من العقلاني، تكون المرأة أكثرَ كذباً من الرجل”، أمّا العامل الثاني الذي يَجعلها أكثرَ كذباً فهو أنّ “الكذب بصفة عامّة سِمة المستضعَفين، وغالباً ‏ما يلجَأ إليه الإنسان لإحساسه بالضعف والمعاناة وللهروب من واقع ‏أليم يعيشه، ولأنّ المرأة خُلِقت أضعفَ من الرجل وعاشت على مرّ العصور وفي مختلف ‏المجتمعات البشرية تعاني الاضطهاد والقهر، فكان لا بدّ أن تلجأ إلى الكذب”.

نَعم، الكذب ملح الرجال، تأتي دراسة بريطانيّة لتحسمَ النتيجة بالأرقام، وتؤكّد بعد إجراء استطلاع رأي على أكثر من 2000 شخص أنّ الرَجل يكذب مرّتين أكثر من المرأة، وذلك على شريكته أو مدرائه في العمل أو زملائه أو أصدقائه، ويوضح الاستفتاء أنّ الرَجل يكذب بمعدّل ستّ مرّات عن قصد في اليوم الواحد، أي ما يعادل الـ 42 كذبة في الأسبوع و 2184 كذبة في السنة، بينما لا تكذب المرأة سوى ثلاث مرّات يومياً.

ربما يعجبك أيضا