في عالم “السوشيال ميديا”.. المصداقية لا وجود لها

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

تغريدة بسيطة وهمية على موقع التدوين المصغر “تويتر” في مصر، من حساب شخص غير مشهور، استطاعت أن تخدع العديد من المواقع الإخبارية وبعض القنوات المصرية، بتناقلها للخبر الوهمي، وكانت التغريدة الخادعة تحمل أنباء عن “أن الدكتور مهندس محمد وجيه عبدالعزيز، مرشح قوي لوزارة النقل و المواصلات”، وأنه “عالم كبير في هذا المجال منذ 18 عاما، في أوروبا وخاصة فرنسا والسويد”، ليتضح فيما بعد، أن هذه الشائعة صاحبها يدعى “خالد وجيه”، ووضح فيما بعد غرضه من التغريدات، قائلًا: “الكارثة فين، إن تلك التغريدة من تأليفي وأن محمد وجيه عبدالعزيز هو والدي ومتوفي منذ 11 عاما، وليس له علاقة بالهندسة أو بسكك الحديد”، وبفعلته هذه سلط الضوء على استغلال العديد من الأشخاص، لمنصات مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الترويج للشائعات الهدامة، والتى تؤدي إلى إثارة البلبلة بين المواطنين، إضافة إلى تحذير وسائل الإعلام من الانسياق وراء المعلومات غير الموثوقة المتداولة عبر مواقع السوشيال ميديا.

لم تكن هذه الخدعة الأولى من نوعها على مواقع التواصل الاجتماعي، في مصر أو في العالم أجمع، فعلى الرغم من شعبية مواقع التواصل في هذا العصر، وأنها تعتبر في أحيان كثيرة مصدرًا لتبادل القصص الملهمة والمفجعة أيضًا، إلا أنها أصبحت مؤخرًا مشاعًا للجميع يستطيع أي شخص فيها مشاركة قصته مع الآخرين لإلهامهم أو حتى لتضليلهم.

وفي هذا التقرير نرصد لكم أبرز القصص التي خدعت رواد “السوشيال ميديا”:

أكذوبة “انتحار طفل التنمر”

في فبراير الماضي، انتشر منشور بشكل كبير على موقع “فيس بوك”، ونال اهتمام الكثير من قبل الرواد، والإعلاميين والصحفيين، زعم فيه صاحبه، محاولة انتحار طفل عمره 12 سنة، بإحدى محطات السكك الحديدية الداخلية، في الإسكندرية، بسبب تنمر أصدقائه بالمدرسة به، وبشكل أسنانه.

وعلى الرغم من حسن نية الناشر وتسليطه الضوء على قضية هامة للغاية، إلا أننا أولًا وأخيرًا ننكر مثل تلك الروايات الوهمية، وإظهارها على أنها واقعية، فقط لإثبات قضية ما، حيث تحرت جريدة مصرية عن الواقعة، ونجحت في الحصول على مقطع فيديو من كاميرا مراقبة في ذات المكان، واتضح أن القصة كلها من خيال الناشر، وأن كل الأحداث التي سردها في المنشور لم تحدث، فقط نجح في التقاط صورة، وبنى عليها قصة مؤثرة وهمية.

“سموليت” يزيف حادثة اعتداء

زعم “جوسي سموليت”، الممثل الأمريكي، وهو أسود ومثلي الجنس أنه في ليلة متجمدة من يناير بشيكاغو، في ذروة العاصفة القطبية التي ضربت الولاية، ذهب إلى مطعم محلي تابع لسلسة مطاعم Subway، لشراء سندوتش، وفي طريق عودته اعترضه رجلان يرتديان قبعات حمراء، قاما بشتمه بعبارات جنسية وعنصرية نابية، ثم رميا بحبل حول عنقه، وسكبا مادة سائلة عليه، وصرخا “هذه الولاية تؤيد ترامب”.

وحازت القصة على انتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية، حتى إن الرئيس دونالد ترامب علق على الحادث ووصفه بـ”المخيف”، بينما اتهمته الشرطة الأمريكية بـ”الكذب” بعد البلاغ الذي تقدم به في شيكاغو، وتبين لاحقاً أن سموليت كان قد دفع 3500 دولار أمريكي لشقيقين بغرض افتعال هجوم ضده، ليتمكن من استثماره لاحقاً لزيادة نجوميته باللعب على وتر العنصرية.

المشرد والمرأة الأمريكية.. عملية نصب كبيرة

في عام 2017، انتشر بشكل هائل على كل مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام في أمريكا، قصة الرجل المتشرد بسبب موقفه الإنساني، مع امرأة من نيوجيرسي ضلت طريقها، ونفد منها الوقود، بينما ساعدها المتشرد وأعطاها آخر 20 دولارا كان يمتلكها، بعدها أطلقت المرأة حملة للتبرع له، نظرًا لنبله ومساعدته، وبالفعل استطاعوا أن يجمعوا أكثر من 400 ألف دولار، ليتضح فيما بعد، أن كل تلك القصة ليست إلا أكذوبة كبيرة.

وأعلن المدعي العام في المنطقة عن توجيه اتهامات جنائية، إلى الزوجين اللذين رويا قصتهما للصحف والمحطات التلفزيونية، وإلى الرجل المشرد الذي تآمر معهما في رواية تلك القصة، وقال المدعي: إن الأموال التي تم التبرع بها للمشرد جوني بوبيت سترد للأشخاص الذين شاهدوا تلك القصة وتبرعوا له على الإنترنت، التي أنشأها الزوجان مارك داميكو وكيتلين ماكلير.

إذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي قد قدمت لنا الكثير من الإيجابيات ومهدت الطريق نحو عالم سريع، إلا أنها تبقى سلاحًا ذا حدين فسلبياتها لم تعد قابلة للتجاهل، كونها رمز للخداع والوهم، وأنه لم يعد ممكنا أن نميز بين الصادق والكاذب، لا نعلم ما إذا كانت كل تلك المنشورات تمثل أصحابها أم أنها قصص مفبركة، ولكن ما يجب أن نعلمه، أنه يجب على وسائل الإعلام التحقق من المصداقية أولًا، وأن تلتزم بتحري الدقة والبحث عن الحقائق.

ربما يعجبك أيضا