في عصر كورونا.. صناعة ألعاب الفيديو تزدهر

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

فيما عانت الكثير من القطاعات حول العالم من تداعيات انتشار فيروس “كورونا” الاقتصادية، نجحت أخرى في استغلال قرارات الإغلاق والبقاء بالمنزل لصالحها، بل وجنت أرباحًا ملحوظة حسبما أفادت الكثير من التقارير.

من بين تلك القطاعات كانت صناعة ألعاب الفيديو، حيث اتجه الكثيرون حول العالم إلى ألعاب الفيديو ليس من أجل تزجية الوقت أثناء البقاء في المنازل ولكن للبقاء على تواصل مع العائلة والأصدقاء أيضًا، فأصبحت ألعاب الفيديو بمثابة “سبيل جديد للتواصل الاجتماعي” في عصر الوباء.

في غضون ذلك، يتوقع الخبراء أن يصل عدد مستخدمي ألعاب الفيديو حول العالم إلى 2.7 مليار شخص بنهاية العام الجاري، ما يعادل زيادة 135 مليون مستخدم مقارنة بالعام الماضي.

كما تشير التوقعات إلى أن الاتجاه السائد حالياً يتمثل في ألعاب الفيديو عبر الجوال، والتي شهدت ارتفاعاَ في عمليات التحميل في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 44% على أساس سنوي لتتجاوز 15 مليون عملية تحميل، حيث أن ألعاب الهاتف الجوال سوف تحقق إيرادات تبلغ 77.2 مليار دولار العام الحالي، ما يعادل ارتفاعاً 13.3% عن العام الماضي، وفقًا لموقع “أرقام”.

كما يتوقع خبراء بالصناعة أن المستهلكين سوف يقضون إجمالي 670 مليار ساعة في ألعاب الفيديو عبر هواتفهم الجوالة، مقارنة بـ558 مليار ساعة في عام 2019.

وفي الولايات المتحدة، تسبب الوباء والبقاء في المنازل والتباعد الاجتماعي في قفزة قياسية للإنفاق على ألعاب الفيديو إلى 11.6 مليار دولار في الربع الثاني من العام الجاري وبزيادة 30% على أساس سنوي.
 

 الشركات تجني الثمار

بحسب تقارير إعلامية، تسيطر شركة “تيسنت” الصينية على صدارة الشركات العاملة في قطاع ألعاب الفيديو حول العالم من حيث الإيرادات بنهاية العام الماضي بعوائد 20.5 مليار دولار، بدعم لعبتها الشهيرة “بابجي”.

وتأتي في المرتبة الثانية “سوني” بإيرادات 13.1 مليار دولار، ثم آبل ومايكروسوفت الأمريكيتان بـ 10.8 مليار و9.2 مليار دولار على الترتيب.

لكن فيما يخص سوق أجهزة الألعاب، تذهب الهيمنة لشركات “سوني” و”مايكروسوفت” و”نينيتدو” على هذا القطاع عالمياً بأجهزتها المعدة لإصدارات خاصة تشمل مئات الألعاب.

ومع انتشار وباء كورونا ودعوات البقاء في المنزل انعكس الطلب المتزايد على الألعاب على نتائج أعمال الشركات العاملة في القطاع من خلال قفزة للمبيعات والأرباح.

كما أعلنت شركة “نينيتدو” اليابانية ارتفاع أرباحها التشغيلية بنسبة 428% في الربع المالي الأول والمنتهي في يونيو الماضي لتسجل 144.7 مليار ين “1.4 مليار دولار أمريكي” مقابل 27.4 مليار ين في نفس الفترة قبل عام واحد.

وحققت الشركة اليابانية زيادة في صافي المبيعات بنسبة 108% عند 358.1 مليار ين، مع ارتفاع ملحوظ لمبيعات الألعاب الرقمية.

 ولفتت التقارير إلى أنه رغم هبوط الأرباح التشغيلية في شركة سوني بنسبة 1.1% في الربع المالي الأول، إلا أن قطاع الألعاب شهد صعوداً قوياً ليمنح الشركة أداءً تفوق بسهولة على توقعات المحللين.

وسجلت الشركة اليابانية العاملة في قطاع الترفيه والإلكترونيات أرباحاً بقيمة 228.4 مليار ين (2.15 مليار دولار)، مقابل توقعات كانت تشير إلى 143.2 مليار ين فحسب.

وجاءت إيرادات وحدة الألعاب وخدمات الشبكات لتشهد صعوداً من 457 مليار ين في الربع المالي الأول من العام الماضي إلى 606 مليار ين في نفس الفترة من هذا العام، لتعوض تراجع عوائد معظم القطاعات الأخرى للشركة.

وباعت “سوني” 91 مليون وحدة ألعاب في الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو الماضي، بزيادة 82% مقارنة بالفترة المقارنة من العام السابق، 74% منها تمثلت في تحميلات رقمية وهو أعلى مستوى على الإطلاق.

وتلقى سهم “سوني” الدعم من هذه التطورات ليرتفع في وقت سابق من هذا الشهر لأعلى مستوى في 19 عاماً، وسط توقعات بمزيد من الصعود مع الإصدار المتوقع لـ”بلايستيشن 5″.

نفس الأمر تكرر مع “تيك تو” الأمريكية والتي حققت أرباحاً معدلة تقارب مليار دولار في الربع المالي الأول متجاوزة توقعات المحللين، بفضل قفزة مبيعات الألعاب الرقمية.

كما أعلنت أيضا شركة “أكتيفيجن بليزارد” الأمريكية ارتفاع الإيرادات بنسبة قياسية بلغت 270% في الربع الثاني من العام الجاري على أساس سنوي بفضل ألعاب مثل “كول فور دوتي، ورزون” وغيرهما.

العودة للطبيعي مجدداً

توقع الخبراء أنه من المنطقي عدم إمكانية استمرار هذا الصعود الحاد لمبيعات ألعاب الفيديو، بالنظر إلى السعي المستمر للتوصل للقاح ضد فيروس “كوفيد-19″، لا سيما بعد أن أعلنت روسيا بالفعل على تطوير أول لقاح عالمي ضد الوباء، رغم تشكيك الكثير من محللي الغرب في فعالية اللقاح.

وعلى المدى القريب، لا تزال الشركات تبدي توقعات متفائلة بشأن مبيعات ألعاب الفيديو بل وتخطط لإصدارات جديدة سواء بالنسبة لمايكروسوفت التي ستطلق “إكس بوكس سيريس إكس” في نوفمبر أو سوني بجهازها الشهير “بلايستيشن 5” في نفس الوقت تقريباً.

وتتوقع “نيو زو” ارتفاع إيرادات سوق الألعاب حول العالم إلى 159.3 مليار دولار في عام 2020، بزيادة 9.3% مقارنة بالعام الماضي.

لكن في حال اكتشاف علاج أو لقاح ضد الفيروس وعودة الحياة لطبيعتها تدريجياً، فإن الطلب المتسارع على الألعاب قد يتباطأ مع انتهاء أحد أبرز أسبابه.

من جانبه، يقول “مات بيسكاتيلا” محلل قطاع الألعاب في “إن بي دي” إنه لا يفضل وصف الهبوط المتوقع للصناعة بـ”الانهيار” وإنما “العودة إلى الطلب الأساسي”، وهو ما ظهر بالفعل في بيانات شهر يونيو والتي انخفضت عن الفترة بين مارس وحتى مايو.

وكان أحد أسباب الاتجاه إلى ألعاب الفيديو هو البقاء على اتصال مع الآخرين، ما دفع صوب إبراز أهمية تفاعل اللاعبين سوياً وهو التوجه الذي لا تظهر إشارات على تباطؤه.

ويتوقف مستقبل صناعة ألعاب الفيديو في عصر ما بعد الوباء على تطوير التفاعل الاجتماعي بين المشاركين في الألعاب، وهو العامل الذي سيتحكم في وضع القطاع بعد انتهاء “كورونا”.

ربما يعجبك أيضا