قنبلة قضائية.. القاضي العدلي يبدأ معركة كبرى ضد الحصانات في لبنان

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

قبل شهر واحد من مرور الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، يفجر القاضي العدلي قنبلة قضائية بإعلانه بدء ملاحقة كبار الأمنيين والمسؤولين والوزراء والقضاة تمهيدا لاستجوابهم والادعاء عليهم، ومن بينهم رئيس الحكومة حسان دياب وقائدَ الجيش السابق، العماد جان قهوجي .

القاضي طارق بيطار طالب برفع الحصانة عن وزراء سابقين متهما إياهم بالإهمال والتقصير، كما طلب إذنا لاستجواب قادة آخرين في أجهزة أمنية وعسكرية، فالمحقق العدلي وبعد أشهر من التمعن في الملف ومن التحقيقات والاستماع لمئات الشهود والتدقيق في أدق تفاصيلها أعلن عن هذه الملاحقات في خطوة يتوقع الكثيرون أن تهز الرأي العام مجددا.

بيطار

معركة كبرى ضد الحصانات

الطلبات الأخيرة للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار برفع الحصانة عن عدد من النواب فضلا عن طلب الإذن بملاحقة أكثر من شخصية أمنية، تؤشر أنه جدي في تعامله مع ملف التحقيق، والمطلوب الآن تأمين المظلة الشعبية له حتى لا تتم تنحيته أيضا بذريعة الارتياب المشروع وفق ناشطين.

هي معركة إذن ضد الحصانات التي اختبأت وراءها الطبقة السياسية في لبنان، فـ«جريمة العصر» كما يحلو للبنانيين تسميتها لا يمكن أن تحدث إلا بفعل فاعل سياسي كبير تابع على مستوى الصف الأول في السلطة السياسية والأمنية.

فيما اعتبرها البعض «بشرى» قضائية سارة لأهالي الضحايا ونقلة نوعية في المسار القضائي وتضع المجلس النيابي ومصداقيته على المحك لكي تأخذ العدالة مجراها، شكك آخرون بشأن ترجمته ومآلاته في لعبة التوازانات المعقدة في لبنان.

أسماء بأوزان ثقيلة

شملت قائمة الملاحقات مدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، والعميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، والعميد السابق في المخابرات جودت عويدات. وحدد المحقق العدلي مواعيد لاستجواب هؤلاء بشكل دوري.

وفيما قالت مصادر في البرلمان اللبناني بحسب صحيفة «الشرق الأوسط» إن طلب الملاحقة لم يكن قد وصل البرلمان حتى بعد ظهر أمس، مشيرة إلى أن الطلب سوف تتم دراسته في هيئة مكتب البرلمان ولجنة الإدارة والعدل لتحديد إحالته أو عدم إحالته للهيئة العامة التي يفترض أن تصوت عليه.

وقالت المصادر ، إنها تتوقع «ملفاً متكاملاً» هذه المرة لا مجرد ورقة خالية من الحيثيات، كما فعل القاضي صوان. وأبدى الوزيران حسن خليل وغازي زعيتر استعدادهما للمثول أمام المحقق فوراً، وقبل صدور الإذن المطلوب للحضور أمامه لإجراء اللازم للمساعدة للوصول إلى الحقيقة وتحديد المسؤوليات في هذه الجريمة.

وأشار المدعي العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي، إلى أن ما أقدم عليه القاضي البيطار هو قانوني، وأن الأمر يتوقف حالياً عند المجلس النيابي فيما خص النواب، فإذا وافق المجلس على رفع الحصانة يتمكن البيطار من التحقيق مع النواب المذكورين وملاحقتهم، في حال تطلب الأمر ذلك، أما في حال رفض المجلس رفع الحصانة فستتوقف الأمور عند هذا الحد، مع الإشارة إلى أنه يحق للقاضي البيطار التقدم بطلب آخر لرفع الحصانة في حال تبين أي مستجد في القضية.

مسار القضية وتردداتها السياسية

أحد عشر شهرا مرت على انفجار شحنة نترات الأمونيوم وتدمير العاصمة بيروت، واللبنانيون يترقبون مسار العدالة ومحاسبة المتورطين. يقول مراقبون إن طريقة تعاطي مجلس النواب والجهات الأمنية مع رفع الحصانة وملاحقة المسؤولين السياسيين التابعين لجهات عدة، عوامل من شأنها أن تحدد مسار القضية وتردداتها السياسية والأمنية.

رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، من جانبه، أكد أن القرارات التي أصدرها القاضي طارق البيطار أمس هي نقطة بداية جدية للكشف عن ملابسات جريمة انفجار مرفأ بيروت وتوقيف المجرمين وإحقاق الحق. مضيفا «نحن من جانبنا سنضع كل جهودنا لعدم ترك أي أحد أو جهة تعرقل مسار العدالة».

تنتظر المدينة المدمرة العدالة للضحايا والمحاسبة للمسؤولين المقصرين في انفجار المرفأ، وفيما يشدد أهالي الضحايا على أنهم سيصعدون من تحركاتهم الأسبوع المقبل لمواكبة جهود المحق العدلي، يتوقع كثيرون استمرار الحملات السياسية لعرقلة مسار التحقيقات.

ويتساءل اللبنانيون: بذريعة الارتياب المشروع، هل سيتم تنحية المحقق العدلي القاضي بيطار ؟! خصوصا أن طلباته الأخيرة « المحقة » برفع الحصانات عن سياسيين وأمنيين بأسماء وأوزان ثقيلة تجاوزت الخطوط الحمر لدى من يعنيهم الأمر في البلاد، سؤال ستجيب عنه قادم الأيام في لبنان.

ربما يعجبك أيضا