كاتب إيراني: سياسة إيران أضرت بالقضية الفلسطينية وحان الوقت للتغيير

يوسف بنده

إيران تواجه ظروفاً خطيرة على الساحة الدولية، والمحور الكامن وراء هذه الأزمة هو عداوتها لإسرائيل


طالب كاتب إيراني بإعادة النظر في سياسة بلاده الخارجيّة، خصوصًا تجاه إسرائيل،  مشيرا إلى أنها تسببت في إلحاق أضرار جسيمة بالمصالح الوطنية للبلاد.

وقال سعيد برزين في تقرير نشرته مؤسسة “زيتون” الإيرانية المستقلة، إن إيران تواجه ظروفاً خطيرة على الساحة الدولية، والمحور الكامن وراء هذه الأزمة هو عداوتها لإسرائيل، داعيًا للحوار حول التعايش مع إسرائيل.

عداء متجذر ضد إسرائيل

منذ ثورة عام 1979، قطعت إيران علاقاتها مع إسرائيل، ولم تعترف حكومتها الإسلامية بشرعية قيام إسرائيل كدولة، وانتقلت العلاقة بين البلدين نحو العداء. وخسرت طهران علاقاتها مع دول الجوار العربي ومنها مصر باسم رفضها للسلام والتطبيع مع إسرائيل، في عهد الرئيس المصري السابق، أنور السادات.

ورفعتْ إيران منذ نشأة جمهوريتها الإسلامية شعار “الموت لإسرائيل”، الأمر الذي جعلها متهمة بتمويل الحركات المسلحة في المنطقة باسم محاربة إسرائيل. في المقابل، مارستْ “تل أبيب” الضغوط من أجل منع طهران من امتلاك السلاح النووي.

ما هي مؤسسة “زيتون”؟

تتبنى مؤسسة “زيتون” أفكار الزعيم الراحل للحركة الوطنية في إيران، المهندس”مهدي بازركان، الذي أطاحت بحكومته رغبة مؤسس الجمهورية الإسلامية، الخميني، في إقامة جمهورية على مبدأ ولاية الفقيه والحكم الديني، ما رفضه بازركان الذي كان يتبنى أفكارًا ليبرالية تجمع بين قيم الإسلام ومتطلبات الحياة الجديدة.

1024px thumbnail

الحاجة لتغيير الخارجية السياسية الإيرانية

أشار تقرير المؤسسة إلى أن السياسة الخارجية لإيران بعد الثورة تسببت في إلحاق أضرار جسيمة بالمصالح الوطنية للبلاد، وتغييرها بات مطلب لجزء كبير من أبناء إيران. فالسياسة الحالية حوّلت ميزان القوى في المنطقة سياسيًّا على حساب إيران، وفرضت اقتصاديًّا العزلة وعقوبات بمليارات الدولارات. كما أنها فرضتْ صراعات غير ضرورية على إيران عسكريًّا.

وأوضح أن النضال العنيف ضد إسرائل هو حجر الزاوية في سياسة إيران الخارجية، وعلى أساسه تتشكل جميع الجوانب الأخرى لسياستها الخارجية، مشددًا على أن مطالبة النخب بوقف التصعيد في المنطقة منذ الدخول في المحادثات النووية، دليل على وجود رغبة داخلية بضرورة التغيير، ومطالبًا القوى الإصلاحية بتفعيل دورها، لأن القوى المحافظة ستُبقي على نفس سياستها التخريبية.

“إيران فوبيا”

استطرد الكاتب أن إسرائيل عجزت عن توفير حكومة صديقة لها داخل طهران، لكنها استطاعت أن تجد حكومة متطرفة تعمل على نحو مفيد لصالح تل أبيب التي تروج لـ “إيران فوبيا”. وهذا ما أدى إلى تحول الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع عربي إيراني. ويصب في مصلحة إسرائيل. فواقعيًّا تمكنت تل أبيب من إقامة علاقات مع السعودية والإمارات والبحرين.

فلسطين تخسر

أوضح التقرير أن السياسة الإيرانية أضرت بالقضية الفلسطينية، فأمام انشغال العالم بالتهديدات الإقليمية لإيران، كانت إسرائيل تعمل على بناء المستوطنات في الضفة الغربية. كذلك فإن الدعم الذي قدمته طهران للجماعات المسلحة أدى إلى ضعف موقف الجماعات السياسية في فلسطين، في إبرام صفقة سياسية قوية مع إسرائيل، بل حتى أصوات الفلسطينيين خضعت لصوت البنادق.

ويصل الكاتب إلى نتيجة مفادها إلى أن سلوك إيران الخارجي تجاه إسرائيل أدى إلى دعم تل أبيب في تنفيذ مخططاتها داخليًّا وإقليميًّا.

استراتيجية “ألف طعنة”

تنتهج إسرائيل استراتيجية حرب عسكرية شاملة ضد إيران، تجلت هذه الحرب في الهجمات التخريبية ضد المنشآت النووية لإيران، واغتيال علمائها، واستهداف مصافي النفط ومحطات الطاقة، واستهداف السفن العسكرية وسفن الشحن الإيرانية. بل وصل الأمر إلى الحرب الشاملة على الأراضي السورية.

وامتد الاختراق الإسرائيلي إلى داخل المؤسسات السياسية والسيادية والأمنية داخل إيران، ما أطلقوا عليه “التلوث الأمني”، إلى جانب الدور الاسرائيلي في توجية الرأي العام الإيراني واختراق النشطاء السياسيين والحقوقيين. وهذا يشير إلى مدى الحرب التي تسعى إسرائيل إلى تنظيمها بنشاط في إطار أهدافها ضد إيران.

يستطرد التقرير أن إسرائيل لعبت دورًا ومازالت عبر اللوبي اليهودي، في إفشال الاتفاق النووي عام 2015، بل حتى موافقة الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، على العودة للاتفاق النووي. وأن طهران يجب عليها أن تدرك أنها لن تستطيع جني ثمار هذا الاتفاق، خصوصًا تطبيع العلاقات المصرفية والتجارية، قبل طمأنة إسرائيل.

إسرائيل تعارض الإصلاحات

يبرهن الكاتب على صدق رؤيته من خلال الإشارة إلى أن إسرائيل لم تدعم يومًا التغييرات الإصلاحية والتدريجية في إيران، بل حتى لا تدعم إلا الجماعات المتطرفة داخل وخارج إيران أمثال جماعة “مجاهدي خلق”، والحزب الكردستاني المسلح، وجماعات متطرفة أخرى.

وهذا يعني أن تل أبيب على مدار سنوات كانت تسعى إلى تأزم الوضع الداخلي في إيران، لأن هذا يفيد إستراتيجتها داخليًّا وإقليميًّا. إضافة إلى تفكيك إيران على شكل إثنيات لغوية وعرقية ودينية.

القضية الأخلاقية

تناول الكاتب أيضًا قضية حساسة وهي أخلاقية التعامل مع إسرائيل، فيقول أن إسرائيل مثلها مثل تركيا وروسيا، لا يعد الارتباط معها أمرًا غير أخلاقي، لأن العلاقات والمصالح وكيفية إدارتها هو ما يحدد هذه العلاقة. وأن استمرار السياسة العدائية بتبريرات أخلاقية لا يحقق الهدف الأساسي وهو مساعدة الفلسطينيين.

وأوضح أن الفلسطينيين في حاجة إلى بناء ديمقراطية داخلية من أجل توحيد موقفهم تجاه إسرائيل، وهذا لن يتحقق في ظل حالة الانقسام والاستقطاب داخل فلسطين. وإن توحيد 5 ملايين فلسطيني تحت راية ديمقراطية واحدة يمكن أن يقويهم ضد 9 ملايين إسرائيلي.

ربما يعجبك أيضا