كاتب تركي: مقتل سليماني يقدم فرصة ثمينة لأردوغان مع ترامب

يوسف بنده

رؤية

بات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رجل كل المهام؛ الرجل الأوحد داخل النظام في تركيا، والرجل الأوحد للبدائل في منطقة الشرق الأوسط، هكذا يتصور أردوغان في مخيلته، فبعد مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سلسماني، كتب المحلل التركي المعارض، ياوز بيدر، على موقع تورك أحوالي: إن وتيرة الأحداث في الآونة الأخيرة لم تكن كافية لفضح الطبيعة الجامحة للسياسة الخارجية لتركيا في المنطقة، ليأتي مقتل سليماني، مع أبو مهدي المهندس مؤسس ميليشيا كتائب حزب الله ونائب قائد الحشد الشعبي في العراق ليزيد الارتباك في أنقرة.

غرقت وسائل الإعلام التركية مرة أخرى في نظرياتها المبهمة، حيث انضمت وسائل الإعلام الإسلامية واليسارية إلى إدانة الإمبريالية الأميركية وسط تجاهل الأنشطة العنيفة والتخريبية والمثيرة للشقاق التي قام بها سليماني في العراق وسوريا ولبنان من أجل توسيع النفوذ الإيراني.

حاولت وسائل الإعلام التابعة للمعارضة التركية أن تحدد ما الذي يمكن أن تستفيد به من عملية القتل وتبعاتها في حين تكهنت وسائل الإعلام الإسلامية الموالية للحكومة بما إذا كان مقتل سليماني سيعود بالنفع على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وهذا يفسر التأخير الملحوظ في رد فعل أنقرة على اندلاع التوتر بين إيران والولايات المتحدة. ففي بيان روتيني، استخدمت وزارة الخارجية التركية لغة حذرة، قائلة “كانت تركيا دائماً ضد التدخلات الأجنبية والاغتيالات والمواجهات الطائفية في المنطقة. ندعو جميع الأطراف إلى التحلي بضبط النفس والتصرف بمسؤولية وتجنب التحركات التي يمكن أن تهدد السلام والاستقرار في المنطقة”.

ومن خلال التصريحات المختلفة في أنقرة، كان من الواضح أن المصادر الرسمية كانت عيونها وآذانها ترصد ما سيقوله أردوغان. في نهاية المطاف، ركز كثيرون منهم على تلميحاته إلى أن تركيا تشارك في الحد من التوتر بين إيران والولايات المتحدة. يبدو أن هذه لحظة للإيحاء بأن أردوغان قد أدرك أن عودة تركيا إلى دور القوة الناعمة وتبني مهمة وساطة ستخرجه من الحفرة المظلمة التي وضع نفسه فيها.

وعلى الرغم من أن أردوغان ربما رأى حقاً فرصة في مقتل سليماني لكنها لم تتضمن إعادة تقويم حقيقية لمغامراته في المنطقة.

في ظاهر الأمر، ربما حقق مقتل سليماني والمهندس شعوراً بالارتياح لدى حكومة أردوغان. لقد مثلا التوسع الشيعي في المنطقة، لكن الأهم من ذلك، كانا حجر عثرة ثابت أمام سعي تركيا لتغيير النظام لصالح الجهاديين السنة في سوريا. التخلص من أي شيء يدعم دمشق أمر جيد، ما دام لا يهز القارب الضعيف الذي تقوده تركيا وروسيا.

رأى أردوغان على الأرجح فرصة تكتيكية لدور بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وطهران. وعلى الرغم من التنافس التاريخي بين تركيا وإيران وعلى الرغم من الانقسام السني الشيعي، فإن تركيا في ظل حكم أردوغان الإسلامي قد عمقت التجارة مع إيران منذ عام 2012 وغالباً ما كانت تتحدى الحظر الأميركي – وقد تجاوزت في عدة مناسبات. تسبب تحقيقان كبيران في مجال الكسب غير المشروع في تركيا عام 2013 في تهم خطيرة أمام محكمة اتحادية أميركية متخصصة في الجريمة المنظمة.

في قلب القضايا، كانت هناك شخصيات بارزة في إدارة أردوغان وبنك خلق. وقال خبراء إن النتائج غيض من فيض، إذ تتجاوز مبلغ 30 مليار دولار في مخطط النفط مقابل الذهب الذي يضم الحكومتين التركية والإيرانية.

ولا تزال المحاكمة في نيويورك هي المعيار الأساسي الذي يضع أردوغان من خلاله سياساته مع واشنطن. وقد تبدد هوسه المستمر بأن تُسقط المحاكم الأميركية القضايا. هذا هو أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل ترامب هو الشخصية الأميركية الوحيدة التي تدعمه في واشنطن.

إذا كانت أي الروايات التي تقول إن أردوغان قد يتبنى دوراً وسيطاً في المساعدة على خفض تصعيد التوترات بين إيران والولايات المتحدة صحيحة، فإن ذلك سيكون من خلال حسابات الرئيس التركي. فقد يكون صحيحاً أن ترامب سيحتاج إلى جهود للسيطرة على الأضرار والحوار بالوكالة مع طهران. إذا تواصل مع صديقه في أنقرة، فمن المحتمل جداً أن يواجه ترامب شرطاً مألوفاً: ساعدني حتى ننسى جميعاً خرق الحظر الإيراني الذي تورط فيه رجالي، خلص بنك خلق من التهم حتى نتمكن جميعاً من الانتقال إلى أوقات أفضل.

وفيما يبدأ موسم الانتخابات الأميركية لعام 2020، يعرف ترامب وأردوغان أنهما يحتاجان إلى بعضهما البعض بشدة. بالنسبة إلى الأول، فإن أي انتصار إقليمي يسوقه للجماهير سيضمن فترة ولاية ثانية. بالنسبة إلى الأخير، فإن مساعدة صديقه الوحيد في الفوز في الانتخابات ستمنح أردوغان تفويضاً مطلقاً من أجل مزيد من تعزيز السلطة المطلقة في الداخل.

قد يكون هذا بعيد الاحتمال، لكن مقتل سليماني ربما يقدم هذه اللحظة المذهلة لخدمة المصالح الشخصية للرجلين.

ربما يعجبك أيضا