كورونا ونقص الغذاء يشعلان أكبر مظاهرات في تاريخ كوبا

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

في ثوران بركان لم تشهده كوبا منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، خرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد، ونظموا احتجاجًا نادرًا ضد الحكومة الشيوعية بسبب نقص الغذاء وارتفاع الأسعار وسط جائحة فيروس كورونا.

وبدأت الاحتجاجات في الصباح في بلدة سان أنطونيو دي لوس بانيوس غربي الجزيرة، وفي مدينة بالما سوريانو شرقي البلاد، في كلتا الحالتين كان عدد المتظاهرين بالمئات.

مع امتلاك ملايين الكوبيين للإنترنت، انتشرت أخبار الاحتجاجات بسرعة إلى هافانا، وبحلول وقت مبكر من بعد الظهر، سار الآلاف في وسط هافانا، مرددين «الوطن والحياة» و«الحرية»، وصولا إلى سانتياغو، في الوقت الذي تواجه فيه الدولة أسوأ أزمة اقتصادية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي ، حسبما ذكرت «رويترز».

دعا العديد من المتظاهرين إلى «الحرية» و«الديمقراطية» حيث أعربوا عن غضبهم من نقص العديد من السلع الأساسية، بما في ذلك اللقاحات، لمواجهة جائحة فيروس كورونا.

تم كبح محاولات تحميل الصور ومقاطع الفيديو للاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل السلطات الكوبية التي أغلقت فيما بعد خدمات الإنترنت طوال فترة ما بعد الظهر في هافانا.

قال رجل في الأربعينيات من عمره: «أنا هنا بسبب الجوع، لأنه لا يوجد دواء، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وبسبب نقص كل شيء، أريد تغييرًا كليًا: تغيير في الحكومة، وانتخابات متعددة الأحزاب، ونهاية للشيوعية»، بحسب «أسوشيتد برس».

قمع الاحتجاجات

بعد حوالي ساعتين ونصف الساعة من الاحتجاج في هافانا، بدأ بعض المتظاهرين في نزع الأحجار المرصوفة بالحصى ورميها على الشرطة، وبعد ذلك بدأت في اعتقال الناس.

تم اعتقال حوالي 20 شخصًا في سيارات الشرطة أو على أيدي أفراد يرتدون ملابس مدنية، كما استخدمت الشرطة رذاذ الفلفل على عدد قليل من المتظاهرين ووجهت الاتهام إلى بعضهم بالهراوات، لكنها لم تواجه بشكل مباشر الآلاف ممن هتفوا «الحرية».

وأصيب أحد رجال الشرطة، في رأسه بعد أن ألقى أحد المتظاهرين بحجر مرصوف بالحصى عليهم.

قال يوسنيل بيريز، 17 عامًا، مع وجود حجر في كل يد: «نحن هنا لأننا جائعون وفقراء، ليس لدينا طعام، ليس لدينا أي شيء».

بعد فترة وجيزة ، وصل حوالي 300 من أنصار الحكومة إلى مواقع الاحتجاج وبدأوا يرددون شعارات مؤيدة للرئيس السابق فيدل كاسترو والثورة الكوبية.

في خطاب متلفز على المستوى الوطني، ألقى الرئيس ميغيل دياز كانيل باللوم على الولايات المتحدة في الاضطرابات ودعا أنصار الحكومة لمواجهة «الاستفزازات».

قال الرئيس دياز كانيل: « إن زعزعة الاستقرار في بلدنا  سيقابل برد فعل ثوري ندعو جميع ثوار البلاد، كل الشيوعيين، إلى النزول إلى الشوارع حيث تحدث هذه الاستفزازات ومواجهتها بطريقة حاسمة وحازمة وشجاعة».

تلا ذلك لعبة القط والفأر، حيث حاول المتظاهرون الشباب المناهضون للحكومة احتلال أجزاء مميزة من العاصمة، لكنهم منعوا من قبل مؤيدي الحكومة الأكبر سنا وأمن الدولة والجيش.

كانت أيلين غيريرو، 52 سنة، واحدة من آلاف الذين خرجوا لدعم الحكومة في وسط هافانا، وقالت وهي محاطة بالآلاف من أنصار الحكومة بعضهم يحمل هراوات خشبية «نحن الشعب وخرجنا لنؤيد حكومتنا، حتى لو لم نكن شيوعيين، فنحن وطنيون»، وفقا لصحيفة «الجارديان» البريطانية.

اتهم أنصار الحكومة المتظاهرين المناهضين للحكومة بأنهم مرتزقة تدفع لهم الولايات المتحدة، التي تنفق ما يقرب من 20 مليون دولار سنويًا على «تعزيز الديمقراطية» في الجزيرة.

مع حلول المساء، استعادت قوات الدولة وأنصارها السيطرة على الشوارع، وتركزت الاحتجاجات في بلديات هافانا الأكثر فقرا، كانت الشكوى الأساسية لمن تمت مقابلتهم هي الندرة الطويلة الأمد والحرمان.

أزمة اقتصادية حادة

يعيش الكوبيون في أخطر أزمة اقتصادية شهدتها البلاد منذ 30 عامًا، حيث ضربت إدارة ترامب الجزيرة بأكثر من 200 عقوبة جديدة تهدف إلى تخريب اقتصاد الجزيرة وإثارة السخط، وهي إجراءات لم تمسها إدارة بايدن حتى الآن.

منذ الوباء، الذي أدى إلى تدمير عائدات السياحة، اعتاد الكوبيون على الانتظار في الطابور لساعات لشراء السلع الأساسية مثل الدجاج والمنظفات، وأصبحت أرفف الصيدليات قاحلة، وهو ما يتسبب في اضطرابات اجتماعية شديدة.

وسجلت كوبا رقما قياسيا جديدا يوميا من الإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا، إذ أحصت 6923 حالة ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 238.491، فضلا عن 47 وفاة ليرتفع إجمالي الوفيات إلى 1537 حالة.

وتتكاثر عبر شبكات التواصل الاجتماعي الدعوات والنداءات الموجهة إلى الحكومة لتسهيل إرسال التبرعات من الخارج، فيما دعت مجموعة من المعارضين السبت إلى إقامة «ممر إنساني» وهي مبادرة رفضتها الحكومة.

كانت الاحتجاجات هي الأكبر منذ عام 1994، عندما تظاهر عشرات الآلاف في ممشى ماليكون في هافانا وسط أزمة اقتصادية حادة نجمت عن سقوط الاتحاد السوفيتي.

حصل المتظاهرون على دعم من مسؤول في إدارة بايدن، حيث غردت جولي تشونغ، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون نصف الكرة الغربي: «تتزايد الاحتجاجات السلمية في كوبا حيث يمارس الشعب الكوبي حقه في التجمع السلمي للتعبير عن قلقه بشأن ارتفاع حالات الإصابة، الوفيات ونقص الأدوية، ونشيد بالجهود العديدة التي يبذلها الشعب الكوبي في حشد التبرعات لمساعدة الجيران المحتاجين»، وفقا لصحيفة «الإندبندنت» البريطانية.

ربما يعجبك أيضا