كيف استغل “السلطان” ضحايا نيوزيلندا سياسيًا؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

كما يطلق على نفسه خليفة المسلمين في الوقت الحاضر، يحاول أردوغان استغلال الأزمات السياسية لدعم شعبيته واستغلالها لصالح رصيده الانتخابي.

أضحت مذبحة المسجدين في نيوزيلندا، التي خلّفت 50 شهيدا وعشرات المصابين خلال صلاة الجمعة، حديث العالم، وبالتوازي معها كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يملأ الدنيا ضجيجا بتصريحات تهدف لاستغلال الحادث في الدعاية الانتخابية الداخلية، إذ يقترب موعد إجراء الانتخابات البلدية نهاية الشهر الحالي.

فقد قام أردوغان بقطع خطابه في ولاية تكيرداغ غربي البلاد، وطلب من الحشود مشاهدة الفيديو عبر شاشة كبيرة تم وضعها في مكان بارز بعد إخفاء بعض معالم الفيديو.

وبعد انتهاء العرض قال: “كل زعماء العالم حتى الأمم المتحدة قالوا إن هذا اعتداء على الإسلام والمسلمين، لكن لم يقولوا إن المهاجم إرهابي مسيحي”، وأضاف “لو كان المهاجم مسلمًا لكانوا وصفوه فوراً بأنه إرهابي مسلم”.

يذكر أن عرض أردوغان لهذا الفيديو يأتي قبل أيام قليلة من الانتخابات المحلية التي تشهدها تركيا في أواخر الشهر الجاري.

الحماقة السياسية

وصرح أردوغان في كلمته أنه تم توجيه الاتهام إلى المهاجم اليميني المتشدد برنتون تارانت الذي نشر بياناً على الإنترنت من 70 صفحة يتحدث فيه عن توجهاته ودوافعه، وذكر فيه مراراً اسم تركيا وأحد أبرز معالم إسطنبول، آية وصوفيا والذي كان كنيسة قبل عدة قرون وجرى تحويلها إلى مسجد خلال المرحلة العثمانية، لكنها حاليًا متحف منذ أواسط ثلاثينيات القرن الماضي.

كما أشار أردوغان إلى أن المهاجم زار تركيا مرتين خلال عام 2016 ومكث فيها نحو 40 يوماً خلال الزيارتين وأنه يتم الآن التدقيق في ما قام به خلال مكوثه في تركيا وبمن اتصل.

وأكد أردوغان: “لو كان المسلمون متضامنين لما كانوا شنوا علينا مثل هذه الهجمات، لكن لو ظل المسلمون مشتتين يمكنهم القيام بمثل هذه الهجمات علينا. لذلك سنبقى متحدين ومتضامنين ونرعى بعضنا”.

كما شن أردوغان هجوماً لاذعاً على زعيم المعارضة، كمال كليجدار اوغلو، متهما إياه بالوقوف في صف من وصفهم بكارهي الإسلام.

واتهم ناطق باسم حزب الشعب الجمهوري المعارض أردوغان باستغلال الفيديو لتحقيق مكاسب سياسية.

وأعلن وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بترز أنه تحدث إلى المسؤولين الأتراك معرباً لهم عن شعوره بالصدمة من استغلال الفيديو لأغراض سياسية.

استياء سياسي

أستراليا، التي يحمل جنسيتها منفذ المذبحة، استدعت السفير التركي لديها على خلفية تصريحات رجب طيب أردوغان بشأن مجزرة كرايست تشيرش.

رئيس الوزراء الأسترالي، قال إنّه سيستدعي السفير التركي في كانبيرا، لشرح التصريحات “المسيئة للغاية” التي أدلى بها الرئيس التركي.

وكان أردوغان الذي بدأ حملة للانتخابات المحلية هذا الشهر، قدّم الاعتداء الذي وقع في كرايست تشيرش بنيوزيلندا بوصفه جزءًا من هجوم أكبر على تركيا والإسلام.

وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون لـ”إيه بي سي” الأمريكية: “أجد هذا تعليقًا مسيئًا للغاية، بالطبع أجده كذلك، وسأستدعي السفير التركي اليوم لمناقشة هذه القضايا”.

واحتج نائب رئيسة الوزراء النيوزيلندي وينستون بيترز، أمس الأول، على تصرفات الرئيس التركي، محذّرا من أنّ تسييس المجزرة “يعرض مستقبل وسلامة الشعب في نيوزيلندا والخارج للخطر، وهو غير منصف إطلاقا”.

وأعلن بيترز أمس كذلك، أنّه سيتجه إلى تركيا هذا الأسبوع بدعوة من إسطنبول، لحضور اجتماع خاص لمنظمة التعاون الإسلامي.

وأُصيب 3 أتراك في المجزرة، وصرّح أردوغان بأنّ تركيا ستجعل المهاجم يدفع ثمن جريمته إنّ لم تفعل نيوزيلندا، وجاءت هذه التصريحات خلال حملة انتخابية.

من جانبها، أوضحت رئيسة وزراء نيوزلندا جاسيندا أرديرن، أنّ “بيترز” سيطلب توضيحًا عاجلًا، وقالت للصحفيين في كرايست تشيرش: “سيواجه نائب رئيس الوزراء هذه التصريحات في تركيا.. سيذهب إلى هناك لاستجلاء الحقائق وجها لوجه”.

استغلال أردوغان لحادث المسجدين أمام شعبه أثار غضب المسؤولين بدولة نيوزيلندا والذين احتجوا على قيام أردوغان بعرض لقطات لفيديو الحادث أمام أنصاره خلال لقاء حاشد في إسطنبول نظمه “حزب العدالة والتنمية” وهو ما يؤكد أن أردوغان، يسعى لاستغلال أزمة نيوزيلندا في تصدير مشهد أنه حامي الحمى، وأن الوضع الدولي يعاني اضطرابًا.
   

ربما يعجبك أيضا