لـ”تخويف” المواطنين وإخفاء الأزمات.. موجة اعتقالات واسعة في الأحواز

محمد عبدالله

رؤية

موجة اعتقالات واسعة في صفوف عرب الأحواز، وبحملات الترهيب المعهودة. هكذا اختار نظام الملالي الرد على الضربة الموجعة، التي تلقاها السبت الماضي في الهجوم على عرض عسكري أودى بحياة العشرات.

 السلطات الإيرانية، وفي محاولة لتخويف الناس وإخفاء الأزمات، أعلنت اعتقال من أسمتهم أفراد شبكة كبيرة من المشتبه في صلتهم بالهجوم الذي استهدف عرضاً عسكرياً في مدينة الأحواز جنوب غربي البلاد، وأودى بحياة تسعة وعشرين شخصاً.

نظام الملالي.. المتهم الأول

رغم محاولات تصدير أزماته الداخلية المستفحلة ولعب دور الضحية لاستجلاب تعاطف المجتمع الدولي مع نظام طهران، يبقى نظام الملالي، المتهم الأول، بدعم الإرهاب في المنطقة، عبر ميليشياته الطائفية في كل من العراق وسوريا واليمن .

نظام الملالي سارع إلى إلقاء الاتهامات يميناً وشمالاً ، إلا أنها لن تنجح في حجب واقع القهر والاستبداد الذي يرزح تحته عرب الأحواز منذ عقود.

الحرس الثوري سعى من خلال الهجوم الإرهابي “المزعوم” لجذب أنظار المواطنين إلى الأخطار الأمنية التي تواجهها إيران.

فبركة مخابراتية

وزير الاستخبارات الإيراني كشف عن القبض على شبكة كبيرة من المشتبه بصلتهم في الهجوم على العرض العسكري بالأحواز قبل أيام، إلا أنه كشف “فبركة” نظام الملالي .

فالصور التي نشرتها الوزارة لمنفذي الهجوم وقالت إنهم 5 أشخاص ينتمون إلى “مجموعة انفصالية” تناقض كلياً مع ما أعلنه قادة الحرس الثوري والمسؤولون الإيرانيون خلال الأيام الماضية، حيث كانوا قد ذكروا أن المهاجمين 4 أشخاص فقط.

كما لاحظ الموقع ووسائل إعلام أخرى أن الأسماء المنشورة من قبل وزارة الاستخبارات تختلف مع تلك التي نشرتها “حركة النضال العربي لتحرير الأحواز”، والتي قالت إن إحدى مجموعات ” المقاومة الوطنية الأحوازية” نفذت الهجوم دون إيضاح من هي المجموعة، حيث إن “المقاومة الأحوازية” تسمية عامة وليست تسمية لتنظيم بعينه.

كما هناك تناقض آخر فادح وهو أن وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية نشرت في اليوم الأول قائمة بأسماء القتلى، من بينهم شخص يدعى “عادل بدوي” وأمام اسمه إشارة “تروريست” أي “إرهابي”، لكن هذا الاسم لم يرد في بيان وزارة الاستخبارات، إلا أنه ورد في تصريحات أعضاء “حركة النضال العربي لتحرير الأحواز” كأحد المنفذين، بينما لم يذكر أعضاء الحركة 3 أسماء أخرى جاءت في قائمة الوزارة، مثل إياد منصوري وفؤاد منصوري وحسن درويشي.

اعتقالات عشوائية

في سياق متصل، شنّت قوات الأمن والشرطة والحرس الثوري حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في الأحواز ومناطق مختلفة في الإقليم، حيث يتحدث ناشطون عن حوالي 300 معتقل خلال الأيام القليلة الماضية، شملت ناشطين ومثقفين ومواطنين عاديين بتهم صلتهم بجماعات سياسية في الخارج.

ويقول ناشطون أحوازيون إن النظام كما في السابق يريد من خلال تدبير هذا الهجوم عسكرة الإقليم والبدء بتنفيذ الإعدامات ضد السجناء السياسيين، وقمع الحراك السلمي والمظاهرات التي تخرج بين الفينة والأخرى ضد النظام وسياسات الحكومة.

بدورها، ربطت جهات وشخصيات إيرانية معارضة بين هجوم الأحواز وهجوم مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني في 7 يونيو/حزيران 2017، حيث اتهم النائب الإيراني محمد دهقان، حينها، عناصر متنفذة في أجهزة الاستخبارات الإيرانية بالتورط بهجمات طهران الدامية، من خلال تسهيل مهمة عناصر تنظيم “داعش” الذين اقتحموا البرلمان الإيراني وقبر الخميني، وتبين فيما بعد أن عدداً من أعضاء المجموعة المنفذة كانوا أعضاء في داعش ثم عادوا إلى إيران واعتقلتهم أجهزة استخبارات الحرس الثوري، ثم أطلقت سراحهم، ما عزز الشكوك حول تدبير كل العملية من قبل النظام.

كذلك تم ربط هجوم الأحواز بهجمات بالصواريخ شنها الحرس الثوري قبل أسبوعين على مقرات الأحزاب الكردية والإعدامات التي نفذت ضد نشطاء أكراد في السجون بتهمة “زعزعة الأمن القومي”، فضلا عن عمليات الاغتيال للنشطاء السياسيين التي قام بها النظام في أوروبا ومحاولة تفجير مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس خلال الأشهر الماضية.

اقتصاد منهار

يأتي هذا التصعيد في وقت تنهار فيه الأوضاع الاقتصادية في البلاد على وقع انسحاب مزيد من الشركات العالمية من مشاريعها في إيران.

شركة “فولفو” السويدية للشاحنات قالت إنها أوقفت مشروع تجميع في إيران بسبب العقوبات الأمريكية، كما تخلى بنك “بي بي فرانس” المملوك للدولة عن خططه بتأسيس آلية لمساعدة الشركات الفرنسية في التجارة مع إيران.

ثمة عشرات الشركات التي تنسحب يومياً من بلد ينهار تحت وطأة العقوبات وينخر فيه الفساد تحت حكم الملالي الذي بات يواجه اليوم اتساعاً في دائرة المنتقدين حتى من بين من كانوا يحسبون من أنصاره بالأمس القريب وعلى رأسهم جماعة هاشمي رفسنجاني وأحمدي نجاد وآخرون .

يبدو أن النظام الإيراني لم يجد أفضل من الهجوم علي العرض العسكري للتغطية على فشله السياسي والاقتصادي بحملة اعتقالات عشوائية في الاحواز ، ولعله بهذه التصرفات القمعية يعيد تجميع شيء من قواه تحت عناوين التهديدات الخارجية لإيران والتي استخدمها ملهاة للناس على مدارعقود من تصرفاته العداونية على دول الجوار.

ربما يعجبك أيضا