لماذا تحذر المفوضية الأوروبية من خطورة طائرات “درون”على أمنها القومي؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

حذرت المفوضية الأوروبية مجددا اليوم، من مغبة استخدام تلك الطائرات المسيرة “درون” Drone من قبل جماعات إرهابية لشنّ اعتداءات دموية في ظل التطور التقني السريع لتكنولوجيا الطائرات المسيرة. ويقول مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الأمنية، جوليان كينغ: “الطائرات المسيرة تصير أكثر كفاءة وذكاءً، ما يجعلها أكثر جاذبية للاستخدامات المشروعة، وكذلك أيضًا للأفعال العدائية”.

لقد أصبحت الطائرات المسيّرة عن بعد Drone، خاصة تلك التي تستخدم للأغراض العسكرية، تشكل خطرا داهما بالنسبة لكثير من دول العالم؛ أبرزها نوع “Switchblade”، فإلى جانب استغلالها في جمع المعلومات من وراء حدود الدول، فهي قادرة أيضا على شنّ “هجمات انتحارية”.  ويكمن الخطر أيضا في صعوبة اكتشافها من قبل الرادارات التقليدية، خاصة الطائرات المسيرة الحديثة التي تتمتع بقدرات التخفي.

وكانت أول غارة جوية أمريكية لهذا النوع من الطائرات من طراز بريديتور أو “المفترس” تابعة لوكالة المخابرات الأمريكية CIA سبق أن حلّقت فوق مجمع في 7 أكتوبر 2001 في أفغانستان، استهدفت قيادات طالبان. ويصف كريستوف هاينز -مُقرِّر الأمم المتحدة الخاص- أنها “حالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا”، وأنّ سياسة الإدارة الأمريكية في استخدام الطائرات بلا طيّار لتنفيذ “قتل مُسْتهْدَف” تُهدِّد أسس القانون الدولي، كان ذلك خلال مؤتمر دولي في جنيف عام 2012.

استخدم تنظيم داعش هذه الطائرات في ساحات القتال في العراق وسوريا. وتستخدم  الجماعة المتمردة في اليمن -جماعة الحوثي- طائرات مسيرة متطورة لمهاجمة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.

الطائرات المسيرة “الانتحارية”

بدأت الطائرات المسيرة “الانتحارية”، المجهزة برؤوس حربية مدمجة في الطائرة مؤخرا بالانتشار في مختلف دول العالم. ويعود تطوير مثل هذا النوع من الأسلحة إلى التطور السريع للعمليات العسكرية في الصراعات المعاصرة، الذي يزيد من دور الأنظمة القادرة على تقليل دورة مهام الكشف والتدمير، إذ تؤدي تلك الطائرات دور الاستطلاع والمراقبة والتدمير.

وتعمل شركة “MBDA” -في أوروبا الغربية، منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي- على تطوير الطائرة المسيرة الانتحارية “FireShadow” لاحتياجات وزارة الدفاع البريطانية. ويبلغ وزن الطائرة نحو 200 كجم. وتحتوي الطائرة على جهاز قابل للطي. وتتمكن الطائرة من التحليق لمدة 6 ساعات. وتم تجريب “FireShadow” للمرة الأولى في ربيع عام 2008، وتجري أعمال مشابهة في أوروبا الشرقية أيضا، فعلى سبيل المثال، تقدم الشركة البولندية “WB Electronics” الطائرة المسيرة الانتحارية “Warmate”.

ويقول “غييوم دي مارليافي” -خبير طائرات من دون طيار- اليوم هناك العديد من الطائرات من دون طيار بأحجام وأوزان وأجهزة استشعار مختلفة، يجب تمييز صنفين رئيسيين من هذه الطائرات من دون طيار هما: الترفيهية والمحترفة. القواعد العالمية الرئيسية هي: عدم التحليق فوق المناطق المأهولة بالسكان وعدم تحليقها ليلًا، ويجب احترام ارتفاع الحد الأقصى للتحليق وهو 150 مترا.

إن تحليق طائرات من دون طيار مسيرة عن بعد “عن قصد” قرب أحد أكثر مطارات بريطانيا سبب -عدة مرات- ازدحاما وتعطيل حركة الطيران، وفوضى في حركة المسافرين.

معالجات طائرات “درون” Drone

يمكن استهداف هذه الطائرات Drone بقاذفات (بازوكا)، ويمكن رصد الطائرات من دون طيار باستخدام الكاميرات أو الرادار أو أجهزة تحسس تعتمد على تردد الموجات الراديوية. وتطبق بريطانيا قانونا يحظر طيران الطائرات من دون طيار في مساحة كيلومتر واحد في محيط حدود المطارات أو أي موقع للطيران، بيد أن التشريعات تختلف في بلدان أخرى.

وقد أنتج عدد من الشركات أجهزة تحمل باليد أو على الكتف يمكن استخدامها لإطلاق شبكات على الطائرات المارقة من دون طيار، تُحيط بالطائرة وتمنع مراوحها من الدوران ما يتسبب في إسقاطها.  وطورت شركة “أوبن ورك” الهندسية البريطانية قاذفة بازوكا كبيرة يمكن أن تطلق شبكة ومظلة على الهدف، مستخدمة منظارا لتحقيق دقة الإصابة. وسميت هذه القاذفة “سكاي وول 100”.

واكتشفت هولندا حلا بلا تعقيد تكنولوجي لقضية تكنولوجية شائكة.  وقد دربت الشرطة هناك نسورا على إسقاط الطائرات من دون طيار “المعادية” عن طريق الإمساك بمخالبها بمراوح هذه الطائرات وتعطيلها في النهاية. ويقول المدربون: إن النسور تنظر إلى الطائرات من دون طيار كفرائس، ولا تميل إلى مهاجمة أي شيء آخر عند إطلاقها. ويعتقد أن الشرطة الهولندية هي الأولى في العالم التي طبقت هذه الطريقة.

يجمع الخبراء في مكافحة الإرهاب، على أن انتشار تقنية هذه الطائرات ووصولها إلى المسلحين يمثل التطور المقبل للحرب عن طريق التحكم عن بعد، حيث يمكن للجماعات الإرهابية بناء قوات جوية فعلية. رغم ذلك تبقى طائرات درون مصدر قلق وتهديد لأمن أوروبا خاصة في المناسبات العامة والأماكن المفتوحة.

ما تحتاجه الآن هذه الدول هو إقامة شبكة لتبادل المعلومات، على المستوى الدولي، وتطوير الخطط الفنية الدفاعية  لمواجهة خطر الطائرات المسيرة، خاصة أن بعض هذه الطائرات يمكن أن تحمل رؤوسا بيولوجية أو غيرها من الأسلحة ذات الدمار الشامل.

ربما يعجبك أيضا