ما الذي ينتظر تركيا بعد اعترافها بالذنب؟

مجدي سمير

رؤية – مجدي سمير

بعد أكثر من 21 شهرًا من اعتقال رجال الأعمال التركي رضا ضراب بالولايات المتحدة بتهم اختراق العقوبات الدولية ضد إيران وعمليات غسيل أموال دولية، والتي طالما أنكرتها تركيا واعتبرتها نوعًا من الافتراء والانتقام من السلطة التركية، طالعنا المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين، بالأمس الأربعاء معلنًا اعتراف بلاده بالذنب والمشاركة في هذه الجريمة، وذلك لأول مرة منذ إثارة القضية.

وسيتم اختيار لجنة محاكمة قضية خرق العقوبات على إيران في 27 من الشهر الجاري على أن تُعقد المحاكمة في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول القادم. فماذا ينتظر تركيا حكومةً وشعبًا وفي المقدمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي ينتظره مصير سيئ في حال أدانته محكمة نيويورك خلال القضية المعروفة إعلاميًا بـ”قضية القرن”؟.

اعتراف تركي

قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية قالين -خلال تصريح أدلى به إلى قناة (24) الفرنسية- “نحن مرتبطين باحتياجاتنا من الطاقة من الخارج، وهو ما اضطرنا إلى التجارة مع إيران خلال فترة العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها”.

وواصل قالين اعترافه قائلًا: “احتياجنا للطاقة دفعنا لاستمرار علاقاتنا التجارية والاقتصادية مع إيران عبر بنوكنا ووزير اقتصادنا آنذاك، وكانت الإدارة الأمريكية السابقة على علم بذلك”. إلا أنه نفى أي علاقة بين أردوغان وضراب، مؤكدًا أن القضية برمتها “سياسية”.

كما أن قبول ضراب الاتهامات الواردة في مذكرة الادعاء وتفاوضه مع السلطات الأمريكية لخفض العقوبات حسبما يتداول الإعلام الدولي، سيدفع القضاء الأمريكي إلى توجيه اتهامات جديدة تتجاوز مذكرة الادعاء وطرح أسماء وعلاقات جديدة في مقدمتها الرئيس التركي ووزير الاقتصاد السابق ظافر تشاغيلان ورئيس بنك الشعب ونائبه السابقين وغيرهم.

ويوجه القضاء الأمريكي إلى ضراب أربع تهم هي “الاحتيال ضد المصالح الأمريكية، وانتهاك العقوبات الاقتصادية الدولية، والاحتيال على الأنظمة المصرفية، وارتكاب جرائم غسيل أموال”.

عقوبات متوقعة

لا زال الكثير من التكهنات حول العقوبات المنتظرة ضد تركيا ورئيسها متداولة إعلاميًا، إلا أنها لا تخلو من الواقعية في مجملها، ويمكن تقسيم هذه العقوبات إلى سياسية واقتصادية.

عقوبات سياسية

من العقوبات المتوقعة إزاء اعترافات ضراب أمام القضاء الأمريكي أن تصدر السلطات الأمريكية مذكرة اعتقال ضد الرئيس التركي وعدد من قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم بتهمة المشاركة في اختراق العقوبات الدولية المفروضة ضد إيران.

وقد تمتد العقوبات المتوقعة لتتضمن قرارًا بالحجز على كافة ممتلكات أردوغان وعائلته وتجميد أرصدتهم داخل الولايات المتحدة وأوروبا. فضلًا عن قرارات بالحظر الدولي لبيع الأسلحة إلى تركيا.

إلا أن السيناريو الأسوأ لهذه العقوبات ذكره مسؤول البنتاجون السابق مايكل روبن، إذ شبه مصير أردوغان بمصير رئيس بنما السابق مانويل نورييغا الذي تورط في عمليات غسيل الأموال ونقلها إلى أوروبا وتجارة المواد المخدرة وتمت محاكمته في الولايات المتحدة وحبسه نحو 20 عامًا قبل الإفراج عنه لأسباب صحية.

ولكن هذا السيناريو قد يبدو بعيدًا بفضل الظهير الشعبي لأردوغان داخل تركيا وقوة تحالفاته في الخارج.

عقوبات اقتصادية

ويراود مسؤولو تركيا كذلك مخاوف من العقوبات الاقتصادية المحتمل فرضها والتي بدأت تداعياتها تضرب استقرار سعر صرف العملة المحلية (الليرة) مقابل العملات الأجنبية خلال الأيام الماضية، إذا تراجعت الليرة مقابل الدولار إلى رقم قياسي 3.98 ليرة للدولار.

كما أن بعض البنوك الرئيسية في تركيا مثل بنك الشعب وبنك آسيا وغيرهما مهددة بالإفلاس وإغلاقها بعد فرض عقوبات مالية تُقدر بالمليارات على غرار العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على بنك (بي ان بي باريبا) الفرنسي عام2015 بقيمة 9مليار دولار، وكذلك (البنك التجاري الألماني) في مارس/ آذار عام 2015 بقيمة 1.45مليار دولار. وأعلنت وكالة التصنيف الائتماني الدولية “فيتش” خفض توقعاتها للنمو الاقتصادي لتركيا من 4.1% إلى 3.9% لعام 2018.

ومن المحتمل فرض عقوبات اقتصادية جزئية أو كلية على حركة التجارة الدولية لتركيا، وتعليق بعض الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التجارية من جهة الولايات المتحدة ودول أوروبا ضد تركيا على غرار العقوبات الاقتصادية الأوروبية ضد روسيا.

ربما يعجبك أيضا