ما هي انعكاسات حظر ألمانيا لحزب الله؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

بعد جدل دام بضعة أشهر، نجح الائتلاف الحاكم في ألمانيا، في أن يحسم أمره، بالتصويت داخل البرلمان، لوضع حزب الله الجناح السياسي، على القائمة السوداء، التقديرات كانت تشير إلى إمكانية ذلك، بعد أن سبقت مشروع القرار، ترتيبات واجتماعات ما بين وزارة الداخلية والخارجية والعدل ووزراء داخلية الولايات الألمانية والاستخبارات الداخلية الألمانية، سبق لها أن حذرت من أنشطة حزب الله، وكشفت تقاريرها أنشطة وشبكة الحزب في ألمانيا، خاصة تلك المتعلقة بغسيل الأموال، وهذا يعني أن الحكومة، جاهزة لتنفيذ قرار البرلمان الألماني.

أقر البرلمان يوم أمس 19 ديسمبر 2019 مذكرة تطالب بذلك، وافقت عليها الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم في ألمانيا وهي حزب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل المسيحي الديمقراطي وشقيقه الحزب المسيحي الاجتماعي بولاية بافاريا، وكذلك الحزب الاشتراكي الديمقراطي. يذكر أن الاتحاد الأوروبي أدرج الجناح العسكري للحزب على قائمة الإرهاب في عام 2013، بيد أن بريطانيا صنفت التنظيم برمته على أنه تنظيم إرهابي في مارس الماضي 2019، وتبعت ذلك هولندا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

وهذا يجعل موقف “حزب الله” أكثر تعقيداً، بعد  تحوله من مجرد حركة مقاومة إلى حركة مسلحة على قائمة الإرهاب ومحظورة دوليًا يذكر أنه في الوقت الحالي، يدرج الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لحزب الله المدعوم من إيران في قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة، ولكن هذا لا ينطبق على جناح حزب الله السياسي، الذي كان جزءًا من الحكومات اللبنانية في السنوات الأخيرة.

وقال ماتياس ميدلبرغ، المتحدث باسم حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الفصل بين الذراع السياسي والعسكري ينبغي التخلي عنه، ويجب إدراج حزب الله ككل على قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية”. كما أضاف “هذا من شأنه أن يجمد أموال وأصول حزب الله في أوروبا على نطاق أوسع من ذي قبل”. أما وزير الخارجية الألماني هايكو ماس فقال إنه في ظل علاقات حزب الله بالحكومة اللبنانية فإن “الواقع السياسي في لبنان يبدو معقدا، هذا لا ينبغي أن يمنعنا من استنفاد كافة الإمكانيات القانونية في ألمانيا للتعامل مع أنشطة حزب الله الإجرامية والإرهابية.”

وقد فشل فرض حظر شامل على مستوى الاتحاد الأوروبي لا سيما بمقاومة فرنسا، ولذلك ضغط وزير الخارجية الألماني هايكو ماس منذ الصيف لمنع حزب الله طبقا لقانون الجمعيات. وقبلها بسنوات تم في ألمانيا حظر مؤسسة خيرية تابعة لحزب الله.

الاستخبارات الألمانية الداخلية، سبق أن حذرت مرارًا من تهديدات “حزب الله” داخل ألمانيا، وأبرز هذه التقارير كانت خلال عام 2018، حيث حذرت من تنامي أنشطة “حزب الله”. ويذكر أن الاستخبارات الألمانية الداخلية، رغم أنها جهة تنفيذية، لكنها تنظر إلى “حزب الله” بجناحيه السياسي والعسكري بوصفه منظمة إرهابية. وتقدر وكالة المخابرات الفيدرالية الألمانية عناصر الحزب النشطين في الجمهورية الاتحادية بـأكثر من (1050) شخصا.

نتائج الحظر

حظر أنشطة ودعاية حزب الله في ألمانيا ومنها عدم السماح برفع راياته

إضعاف معنويات مؤيدي حزب الله في ألمانيا وأوروبا، لتجنب أي متابعة قانونية.

خسارة حزب الله لمصدر كبير من مصادر تمويله، كون ألمانيا تعتبر قاعدة أساسية وملاذ آمن لإدارة اعماله التجارية في شراء العقارات والتبادلات التجارية ومنها “غسيل الأموال”.

تراجع  مصادرتجنيد أعضاء جدد  للحزب من داخل ألمانيا وأوروبا

تعتبر الإستخبارات الألمانية، عراب المفاوضات ما بين حزب الله وإسرائيل في إدارة عمليات تبادل الأسرى وتبادل جثامين الضحايا، وهنا يخسر حزب الله قوة سياسية أوروبية، وهي ألمانيا، يفقد الحزب الكثير من الثقل السياسي والاستخباراتي.

القرار الألماني ممكن وصفه بأنه قرار غير نمطي وربما “سابقة” في سياسة ألمانيا  يأتي ربما محاولة من الائتلاف الحاكم لاستعادة مصداقيته أو شعبيته التي تراجعت كثيرا، منها بسبب تراخي الائتلاف الحاكم في مواجهة التطرف محليا، وممكن أن يكون مؤشر إلى أن ألمانيا ترغب أن تلعب دورا سياسيا دوليا يتوازى مع حجمها الاقتصادي. الضغوطات الأميركية هي الأخرى، ربما تكون وراء اتخاذ الائتلاف الحاكم هذه القرار.

إضعاف دور حزب الله داخل لبنان سياسيا، وإضعاف موارده، وممكن أن يؤثر عملياتيا على أنشطته داخل لبنان.

إن وضع ألمانيا حزب الله على قائمة الإرهاب أو حظره في نفس الوقت يبعث رسالة مباشرة لإيران، والمرتبط بعلاقات ألمانيا مع إيران والملف النووي الإيراني.

إن حظر حزب الله من قبل البرلمان الألماني، من شأنه أن يشجع دول أوروبية أخرى للحاق بألمانيا وكذلك بريطانيا، لوضع حزب الله ، الجناح السياسي على قائمة الإرهاب، وفي السياسة الألمانية، تعتبر خطوة البرلمان هذه بحظر الحزب سابقة، أو خطوة غير تقليدية، من شأنها أن تنعكس على وجود حزب الله في ألمانيا وأنشطته في أوروبا. بدون شك الوضع القانوني لحزب الله في ألماني سيختلف كثيرا، وسيخضع للمراقبة .

ما تحتاجه ألمانيا في الوقت الحاضر اتخاذ إجراءات أكثر حزما واتخاذ مواقف سياسية، غير نمطية من أجل مواجهة التطرف، بكل أنواعه محليا، وذلك من خلال تعزيز أجهزة استخباراتها، ودعم ذلك بالمواقف السياسية، وشرعنة القوانين والإجراءات.

ربما يعجبك أيضا