الحرب الروسية الأوكرانية.. مراكز بحثية تناقش أيام الحسم ومواجهة نقص الطاقة والغذاء

آية سيد

كيف تؤثر حرب أوكرانيا في صادرات الحبوب إلى الدول الإفريقية؟ وهل توفر الطاقة النووية بديلًا للإمدادات الروسية؟ ولماذا الفترة القادمة حاسمة في حرب أوكرانيا؟ جولة في مراكز الأبحاث


لا تزال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مستمرة منذ انطلاقها في 24 فبراير الماضي، تاركة تداعياته السلببية تخيم على جميع أنحاء العالم.

وتناولت المراكز البحثية تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على إمدادات الحبوب إلى الدول الإفريقية ومحاولات الدول الأوروبية البحث عن بدائل لإمدادات الطاقة الروسية وكيف ستكون الفترة المقبلة حاسمة في الحرب.

10 أيام حاسمة في حرب أوكرانيا

نشر مركز تحليل السياسات الأوروبية تحليلًا للجنرال الأمريكي المتقاعد بن هودجز، في 15 مارس 2022، رأى فيه أن الـ10 أيام المقبلة ستحسم الحرب الروسية الأوكرانية.

ويعتقد هودجز أن الروس يواجهون مأزقًا في أوكرانيا، وينفد منهم الوقت والذخيرة والجنود، مفسرًا بذلك الأنباء التي تحدثت عن طلب روسيا المساعدة العسكرية من الصين وتجندين مقاتلين من سوريا للقتال في أوكرانيا.

تسريع دعم العسكري لأوكرانيا

أضاف هودجز أن الوقت ليس في صالح روسيا لأن تأثير العقوبات يزداد والاستياء الداخلي يزداد معه، لذلك “ينبغي علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لتغذية ذلك الاستياء وندع الروس الشجعان يعلمون أنهم يحظون بدعمنا”.

وطالب الغرب بقيادة الولايات المتحدة بتسريع وزيادة الدعم العسكري إلى أوكرانيا خلال هذه الفترة. مشددًا على أن الأوكرانيين يحتاجون إلى الأسلحة والذخيرة لتدمير الصواريخ والمدفعية الروسية التي تُسبب معظم الضرر للمدن الأوكرانية، وتمنحهم القدرة على استهداف سفن البحرية الروسية التي تقصف المدن بصواريخ كروز من البحر الأسود وبحر آزوف.

الطاقة النووية بديلا عن الإمدادات الروسية

أورد مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي تقريرًا في 15 مارس 2022، رأى فيه أن الطاقة النووية قد تلعب دورًا في تقليل اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية. وذكر أن الكثير من دول الاتحاد الأوروبي تعتمد على مصادر خارجية للطاقة واستوردت أكثر من 60% من طاقتها في 2019.

وبحسب التقرير، يأتي معظم هذه الطاقة من روسيا التي وفرت للاتحاد 47% من واردات الفحم والأنواع الأخرى من الوقود الصلب و41% من واردات الغاز الطبيعي و27% من واردات النفط الخام. وتُعد روسيا أيضًا مصدرًا ثانويًا للطاقة النووية التي يستخدمها الاتحاد الأوروبي.

التحول النووي الصعب

ذكّر التقرير بأن نصف دول الاتحاد الأوروبي توّلد الطاقة النووية، على رأسها فرنسا وبلجيكا وإسبانيا. موضحًا أن هذه الدول تستطيع رفع توليد الطاقة في المفاعلات الحالية نسبيًا لأن معظم المفاعلات لا تعمل بكامل طاقتها.

كان هذا أحد الحلول التي طرحتها الوكالة الدولية للطاقة لتقليل الاعتماد الأوروبي على الغاز الطبيعي الروسي. لكن بناء محطة طاقة نووية جديدة سيستغرق عقدًا على الأقل. وهنا يلفت التقرير إلى أنه إذا أرادت الدول الأوروبية التحول إلى الطاقة النووية سيكون الأمر صعبًا لأن روسيا قوة كبرى في سوق الطاقة النووية، وتوفر نحو 35% من اليورانيوم المخصب اللازم للمفاعلات حول العالم.

انقسام أوروبي حول الطاقة النووية

وفقًا للتقرير، تنقسم الدول الأوروبية بين مؤيد ومعارض للتحول إلى الطاقة النووية. وترى الدول المؤيدة مثل فرنسا وفنلندا وبولندا، أنها ضرورية للابتعاد عن الفحم والأنواع الأخرى من الوقود الأحفوري. مشيرة إلى التكنولوجيا المتقدمة، مثل مفاعلات الوحدات الصغيرة التي قد يكون تشغيلها أرخص وأسهل من المحطات التقليدية.

أما الدول المعارضة مثل النمسا وألمانيا ولوكسمبورج والبرتغال، فأعربت عن مخاوفها من آلية التخلص من النفايات النووية ومخاطر وقوع حوادث، وتُعد أيضًا التكاليف المرتفعة لتشييد محطات طاقة نووية وصيانتها والتوافر المتزايد لمصادر الطاقة النظيفة مثل الرياح والطاقة الشمسية من ضمن العوامل المساهمة في مواقف هذه الدول.

تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على إفريقيا

أفاد معهد كايل للاقتصاد العالمي، مركز أبحاث ألماني متخصص في الشؤون الاقتصادية، في تقرير نشر يوم 11 مارس، بأن الحرب في أوكرانيا سيكون لها تأثيرًا كبيرًا على إمدادات الحبوب المستخدمة في إنتاج الغذاء في الدول الإفريقية ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء.

واعتمد التقرير على نموذج أعده الباحثان هيندريك مالكو وتوبياس هايدلاند، لمحاكاة العواقب طويلة المدى على إفريقيا إذا توقفت صادرات الحبوب الأوكرانية المُستخدمة في إنتاج الغذاء. وأظهر هذا النموذج أن تونس ومصر بالتحديد ستكون الأكثر تأثرًا سلبيًا.

كيف تتأثر مصر وتونس؟

أوضح التقرير أن إجمالي واردات تونس من القمح سينخفض بأكثر من 15%، أما واردات الحبوب الأخرى فستنخفض 25% تقريبًا. وبالنسبة إلى مصر ستنخفض واردات القمح بأكثر من 17% وستنخفض واردات الحبوب الأخرى بنحو 19%.

أضاف أن واردات جنوب إفريقيا من القمح ستنخفض بنسبة 7% والحبوب الأخرى ستنخفض بأكثر من 16%. وبالنسبة إلى الدول الإفريقية الأخرى، ستنخفض واردات الحبوب في الكاميرون 14%, وفي الجزائر وليبيا 9%، في المقابل ستنخفض واردات القمح في إثيوبيا 9.6%، وفي كينيا 7.9%، وفي أوغندا 7.1%، وفي المغرب 6.2%، وموزمبيق 6%.

ارتفاع الأسعار

لفت التقرير إلى أن انخفاض توافر الحبوب سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وارتفاعًا كبيرًا في بعض الحالات. وبحسب نموذج المحاكاة، قد ترتفع أسعار الحبوب الأخرى 24% في المدى الطويل في تونس، وحوالي 9% في الجزائر وليبيا، وأكثر من 4% في مصر. أما سعر القمح فتوقع التقرير أن يرتفع على نحو دائم بحوالي 9% في كينيا، و8% في أوغندا، و5% في تونس، و4% في موزمبيق، و3% في مصر.

وقال توبياس هادلاند أعد معدي نموذج المحاكاة، إنه يتعين على المجتمع الدولي الآن تكثيف جهوده لمساعدة الدول الإفريقية على تحسين إنتاجها من الغذاء. وجعلها أكثر مرونة أمام صدمات الإمداد في المدى الطويل وهي أيضًا استراتيجية ذكية في ضوء تغير المناخ”. وأشار هيندريك مالكو إلى أن “إحدى الطرق لزيادة إمداد السوق العالمية من الحبوب بسرعة تقليل زراعة المحاصيل المُستخدمة في الوقود الحيوي واستخدام الأراضي لزراعة محاصيل الحبوب”.

ربما يعجبك أيضا