مصر.. قصة شاب أنقذ 21 شخصًا من الغرق وقتلته صخرة

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

“إن كل شيء يتغير.. من خلاياك التي بداخلك تموت وتتجدد دون العودة لما قبل ذلك، للكون من حولك الذي يسبح في فلك بشكل مستمر ولا يعود لنفس النقطة مرتين، محاولة أن تكون ثابتًا دائمًا في أفكارك وشخصيتك وطباعك ستقوم بإهلاكك أنت قبل أي شيء”.. كانت هذه آخر كلمات البطل المصري أحمد شعبان الذي جرفته السيول بعد أن أنقذ 21 شخصًا من زملائه، الخميس الماضي.

رحل شعبان، في هدوء واختار نهاية حياته في نويبع، بعد أن أصر على الذهاب إلى جنوب سيناء، وسط تحذيرات بعدم السفر والمكوث في المنزل بسبب الطقس السيئ.

أحمد شعبان البالغ من العمر 31 عامًا، هو بطل لعبة التاي تشي وهي إحدى ألعاب الدفاع عن النفس، كان قد نظم رحلة برفقة 21 شخصًا إلى نويبع المطلة على البحر الأحمر بجنوب سيناء، وأقاموا في أحد مخيمات منطقة رأس الشيطان بالمدينة، إلا أن السيول التي اجتاحت مصر يومي الخميس والجمعة، وموجة الطقس السيئ، جرفت المخيم بسكانه، وعلى الفور سارع الشاب أحمد شعبان بالتطوع لإنقاذ السكان الذين كانوا يصارعون الموت.

ونجح الشاب المصري في إنقاذ 21 شخصا، كان آخرهم زوجته، وعاد مجددا ليواصل مهمته، وينقذ آخرين، لكن السيول زادت شدتها، وجرفت معها صخورا، ارتطمت إحداها برأسه وأفقدته الوعي، بعد أن نزف دماء كثيرة، ثم جرفته السيول بعيدًا بعد أن أصبح جثة هامدة.

وقال علي الشحات رئيس مدينة نويبع، إن ما قام به الشاب عمل بطولي، وعقب إعلان نبأ وفاته والعثور على جثته، ساد الحزن بالمدينة على شاب ضحى بنفسه من أجل إنقاذ الآخرين.

قبل عام، كتب الراحل على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، عن قصة حياته ونجاحه، قائلًا: “أول حلم لي في السفر كان سببه فيلم صيني شوفته، كنت خارج من تدريب الكاراتيه في مركز الشباب اللي جنبنا، وكانوا جايبين جهاز فيديو وبيعرضوا أفلام كونج فو على التلفزيون، ودي كانت حاجة مبهرة جدًا بالنسبة لي، ووسط الأكشن في الفيلم، لقيت البطلة بتقول “لقد تم تدريبك في جبل وودانج”، مكنتش أعرف المكان دا حقيقي أساسًا ولا لا، كان بالنسبة لي فيلم حلو ومليان أكشن ونينجا وخلاص، وقلت ياه لو الواحد يسافر يتمرن هناك”.

وتابع: “فضلت أتمرن بالمتاح ساعتها وأبذل أقصى جهد في التمرين، وبعدها بسنين طويلة اشتغلت عامل توصيل في صيدلية شيفت ليلي، فكنت بجيب فيديوهات كثير وأحطها على الموبايل النوكيا الـ6600 أتفرج عليها، عرفت ساعتها إن المكان حقيقي، وشوفت فيديو لماستر صيني مهارته عالية جدًا، بس ما أعرفش اسمه أو عنوانه، وعمري ما سافرت برا إسكندرية، ويوم ما اشتغلت كنت بقبض ٢٥٠ جنيه مصري بصرفهم عالجيم أو النادي”.

واستطرد: “نطلع لقدام نشوف دلوقتي في 2019، أنا سافرت بفضل الله المكان دا كثير جدًا وعشت فيه، واتمرنت عند أعلى المعلمين درجات فيه، مش بس كدا، بفضل الله أصبحت أول إنسان من مصر والشرق الأوسط وأفريقيا يرث العلوم الخاصة بالجبل دا بشكل رسمي من مصدرها، وأكون الجيل الـ١٦ من مؤسسها”.

ووجه نصائح لمتابعيه قائلًا: “كل دا بقوله ليه، أولًا علشان تحلم براحتك، مفيش قيود لحلمك، ومع الله مفيش قيود لتحقيقها، الحلم بيكون لحاجة لسة في المستقبل، فمتقيدهاش باللي في الحاضر، خليك حر في أحلامك، ثانيًا اسع بالمتاح، زي ما الحلم اللي في المستقبل مهم، السعي اللي في الحاضر أهم، لأنه حقيقي وموجود بالفعل، وهو اللي هيخلي حلمك يجيلك لحد عندك، لأن التجربة نفسها اللي هتعيشها والرحلة اللي هتمشيها، أهم بكثير من الوجهة أو تحقيق الحلم، ثالثًا لما تيجي تسافر هتحتاج تخرج برا حدود عقلك، هتقابل ناس مختلفة وظروف مختلفة، كل ما كان عقلك منفتح ومتقبل الاختلاف دا، كل ما هيكون سبب في إنك تكون أغني وأغني، الغني بيغتني بالاختلافات، والفقير بيعاني منها ويحاربها، والسفر أكبر الفرص علشان تشوف قد إيه الدنيا مختلفة حواليك، وتكتشف جوانب وإمكانيات مختلفة جواك”.

ولفت شعبان خلال حديثه إلى أنه يقوم بتدريب آخرين قائلًا: “الناس بتقول لي لازم تدرب وتعلم غيرك، أنا بالفعل بعمل دا في مصر بقالي سنين، وناس كثير بفضل الله بتتمرن وتحافظ علي صحتها الجسدية والنفسية”.

واحتفل شعبان قبل عام بزواجه أيضا عبر فيس بوك، ونشر صور زفافه ورسائل حب لزوجته: “أنا كنت دايمًا عايز أوصل الأول، وأكون الأسرع، وأشوف أي طريقة أجري بيها علشان أبقى الأحسن والأقوى، مكانش فارق معايا حد ولا فارق معايا حاجة، مكانش فيه حاجة حلوة لأن دايمًا فيه أفضل، أو حاجة ليها متعة لأن المفروض أكون أقوى من أي ضعف أسمح لنفسي فيه بالاستمتاع، مهما قربت من أي حد بعيد، ومهما عاشرت حد أو قعدت وسط ألف كنت ببقى وحيد وأفضل الوحدة، لأن كان يهمني نفسي وبس، معاكي بقى أدركت إن مفيش داعي أستعجل، معاكي عرفت متعة الطريق، قدرت أقف وأبطل جري وأرتاح، وأشوف حواليا حاجات مكنتش واخد بالي منها، معاكي عرفت إني كدا كدا بوصل، معاكي حبيت أمشي في الطريق أهدى واستمتع بيه أكثر”.

جدير بالذكر أن زوجته كانت آخر من أنقذها من الغرق، قبل أن ترتطم به صخرة وتجرفه السيول ويلقى مصرعه.

وصرحت النيابة العامة بنويبع بمحافظة جنوب سيناء، أمس الجمعة، بدفن جثمانه، واكتست مواقع التواصل الاجتماعي بالسواد حزنًا على فراقه.

ربما يعجبك أيضا