ندوة رؤية: ندوة محكمة العدل الدولية والقضية الفلسطينية (2)

اعتبارات سياسية.. دفعت المحكمة الدولية نحو التدابير الوقائية وليس وقف إطلاق النار

يوسف بنده

مسألة حل الدولتين أو حتى الدولة الواحدة، مسألة غير مطروحة في الأوساط السياسية الحالية داخل إسرائيل، في ظل سيطرة اليمين وغياب اليسار عن الحياة السياسية.


لم تتوصل محكمة العدل الدولية إلى قرار نهائي يُلزم إسرائيل بالتوقف عن أعمال الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة، لكن محاكمتها قد زادت من أزماتها السياسية في الداخل.

وقد استضافت “شبكة رؤية الإخبارية” في ندوةٍ، الدكتورة ريهام عبدالخالق، مدرس قانون المرافعات بجامعة المنصورة، والدكتور أحمد شمس الدين، خبير الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس، لإيضاح مآلات محاكمة إسرائيل القانونية والسياسية.

ندوة رؤية: محكمة العدل الدولية والقضية الفلسطينية (1)

حكم مُلزم للدول

أجابت الدكتورة ريهام عبدالخالق، ردًا على تساؤل: “حكم المحكمة الدولية مُلزم لمَن؟”، بأن القضية والحكم الصادر فيها ملزم لأطراف الدعوى، أي إسرائيل وجنوب إفريقيا.

وأوضحت عبدالخالق، أن تطبيق القرار الذي سيصدر عن محكمة العدل الدولية، سيتم من خلال دولة جنوب إفريقيا التي رفعت الدعوى، بأن تذهب بالحكم إلى مجلس الأمن الدولي، الذي يمكن أن يحيل الأمر بشأن مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأضافت الأكاديمية القانونية، أن الجنائية الدولية تحاكم الأفراد مرتكبي جرائم الحرب، أو الإبادة أو العدوان أو الجرائم اللاإنسانية، إذا كانت الدولة غير قادرة على محاكمة الأشخاص مرتكبي تلك الجرائم.

التركيبة السياسية في إسرائيل

وعن تأثير قرارات المحكمة الدولية على التركيبة السياسية في إسرائيل، أجاب الدكتور أحمد شمس الدين، أنه إذا التزمت إسرائيل بالتدابير المؤقتة التي فرضتها محكمة العدل الدولية، فلذلك تأثير على تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة. ولذلك يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بإطالة أمد الحرب ليظل في أمان سياسي وقانوني، وكذلك يسعى لتحقيق مكاسب عسكرية قدر الإمكان، خاصة أن حكومته قد فشلت في التنبؤ بعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.

وأضاف الأكاديمي السياسي، أن المحاكمة الدولية قد تحرق شخصيات من المشهد السياسي، خاصة أن الديمقراطية في إسرائيل قد واجهت أزمات قبل اندلاع الحرب، وبعدها هناك فرصة للتخلص من نتنياهو وفريق حكومته، مشيرًا إلى أن إسرائيل ستعود مرة أخرى إلى دوامة الحكومات الائتلافية.

وبشأن استغلال إسرائيل للمحاكمة الدولية، أوضح شمس الدين، أن قادة إسرائيل عملوا على الترويج لصورة الضحية التي لطالما تم الترويج لها منذ فترة النازي، ولكن القضاة الإسرائيليون لديهم مخاوف من المحاكمة الدولية التي اعتبروها بمثابة “كرت أحمر” لإسرائيل في المرحلة القادمة.

اعتبارات سياسية

ردًا على تساؤل: “هل إلزامية التدابير المؤقتة تشمل الدولة الداعمة؟”، أجابت الأكاديمية عبدالخالق، بأن ذلك يأتي في إطار أثر غير مباشر، وإن كانت التدابير التي فرضتها محكمة العدل الدولية هي تدابير مهمة، لكنها لا تحقق حالة الاستعجال التي قصدتها الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا، وهي منع وقوع مزيد من الخسائر البشرية، وهو أهم مطلب، وإن كانت التدابير الوقائية قد نصت على ذلك، لكنها لم تستطع منع وقوع الجرائم أو منع الدعم أو المساعدة على وقوعها.

وأضافت عبدالخالق، أنها تعتقد أن المحكمة الدولية قد لجأت إلى فرض التدابير الوقائية وليس فرض إجراء عاجل وهو وقف إطلاق النار، حتى ترفع الحرج عن الولايات المتحدة الأمريكية ولا تضعها في مأزق قانوني حقيقي، إذا ما أصرت على دعمها العسكري لإسرائيل، وبذلك تتداخل اعتبارات السياسية مع اعتبارات العدالة التي كان على المحكمة أن تضعها نصب عينيها أولًا.

حل الدولتين

عن التساؤل: “هل تدعم المُحاكمة الدولية مسألة حل الدولتين للقضية الفلسطينية؟”، أجاب الأكاديمي، شمس الدين، بأن السلطة الفلسطينية قد بدأت للتحضير لهذا الحل من خلال إعادة هيكلة الوضع الفلسطيني من أجل المبادرة بحل الدولتين، خاصة أن إسرائيل تعمل على تصفية حركة حماس سياسيًا وعسكريًا، وهو ما سيضع السلطة الفلسطينية في المواجهة في أي مبادرة قادمة.

وأوضح شمس الدين، أن حماس في إطار هذه التحركات تحاول ملازمة حركة فتح، وإثبات أن لديها مرونة في المفاوضات، من أجل المشاركة في المشهد السياسي.

واستبعد الأكاديمي بجامعة عين شمس، أن يكون نموذج جنوب إفريقيا نحو حل الدولة الواحدة، له وجود في الفكر الإسرائيلي، وإنما فقط حل الدولتين موجود لدى اليسار الإسرائيلي، بينما هذا الاتجاه يعاني في الوقت الحالي من تآكل قاعدته الشعبية والسياسية، وهو ما يبرر غياب الأحزاب اليسارية عن الكنيست الإسرائيلي، وعلى لذلك فإن مسألة حل الدولتين أو الدولة الواحدة حتى مسألة غير مطروحة في الأوساط السياسية الحالية داخل إسرائيل.

ربما يعجبك أيضا