هجمات دموية بتوقيع داعشي.. ومفاوضات طالبان تترنح

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

شهدت العاصمة الأفغانية كابول حادثًا مأساويًا بالأمس، أسفر عن مقتل العشرات وإصابة نحو 200 آخرين جراء هجوم انتحاري استهدف حفل زفاف بأيادي داعشية، في حادث يعد الأكثر دموية منذ شهور، ليلقي بظلاله على المحادثات التي تجريها طالبان مع مسؤولين أمريكيين في قطر من أجل التوصل لاتفاق سلام قد ينهي أطول حرب أمريكية في أفغانستان.

رغم نفي طالبان تورطها عن الحادث وتبني تنظيم داعش للمسؤولية، فإن ذلك لا يستبعد مخاطر إبرام اتفاق بين واشنطن وطالبان دون اتفاق يلزم الحركة بتقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية، التي ترى في طالبان منبرًا للإرهابيين وعلى رأسهم تنظيم داعش الذي كان يمثل حاضنة لبعض مقاتلي طالبان.

مأساة الزفاف

تحول الفرح إلى مآتم جماعي، بعد مقتل 63 شخصًا وإصابة نحو 200 آخرين في هجوم انتحاري استهدف حفل زفاف في العاصمة الأفغانية كابول، كان من بينهم نساء وأطفال وفقًا لتصريحات الناطق باسم وزارة الداخلية الأفغانية نصرت رحيمي.

وبحسب المسؤول الأفغاني، فقد وقع الحادث في قاعة أفراح بغربي كابول في وقت متاخر من ليل السبت، على طريق دار الأمان، حيث تضاء الشوارع حاليًا خلال الليل بالأضواء الملونة استعدادًا للاحتفال بالذكرى المئة لاستقلال أفغانستان.

ووفقًا لشهود عيان، قالوا: إن انتحاريًا نفذ التفجير الذي وقع بقاعة مزدحمة بالرواد، في حوالي الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي مساء السبت في منطقة غالبية سكانها من الشيعة.

وسائل إعلام محلية، نشرت صور لأقارب يحفرون مقابر لأربعة عشر شخصًا من أفراد عائلة واحدة قتلوا جراء التفجير، وصور أخرى لصرخات النساء في القاعة مع تكاثف الدخان في تفجير استغرقت عمليات انتشال الجثث فيه قرابة الساعتين.

وقع التفجير عقب هجوم استهدف مسجد جنوب غرب باكستان، أسفر عن مقتل أربعة أحدهم شقيق زعيم حركة طالبان هيبة الله أخونزادة وأصيب حوالي 20 شخصًا، ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن ذلك التفجير.

طالبان تنفي وداعش تتبنى

الرئيس الأفغاني أشرف غني أكد أنه لا يمكن لحركة طالبان التنصل من المسؤولية عن الهجوم وقال في تغريدة على تويتر “لا يمكن لطالبان إعفاء نفسها من المسؤولية لأنها توفر منبرًا للإرهابيين”.

وسبق أن استهدفت طالبان وتنظيم داعش حفلات زفاف، كونها تعتبر أهدافًا سهلة بسبب الحد الأدنى من الاحتياطات الأمنية التي تتخذ خلالها، كان آخرها مقتل 14 شخصًا إصابة 145 أخرين في تفجير ضخم أمام مركز للشرطة في كابول في وقت سابق من الشهر الحالي، وأعلنت حركة طالبان حينها مسؤوليتها عن التفجير.

من جهتها، سارعت حركة طالبان على لسان المتحدث باسمها، ذبيح الله مجاهد، نفي تورطها في التفجير عبر التطبيق الفوري “واتس آب”، حيث أدان الحادث الهجومي.

وبعد نفي طالبان، تبني تنظيم داعش التفجير الانتحاري الذي وقع بإحدى قاعات الأفراح في العاصمة الأفغانية كابول، في وقت حذر فيه البعض من التوصل لأي اتفاق بين طالبان وواشنطن لإنه قد يعزز صفوف داعش، لاسيما وأن التنظيم يستهدف تجنيد مقاتلين لها من طالبان بعد أن أبدى بعض مقاتليها في السابق إمكانية انضمامهم لداعش، بحسب المحللين.

وأعلن التنظيم أن منفذ العملية هو أبو عاصم الباكستاني ونشر صورة له في مواقع تابعة للتنظيم الإرهابي.

الجولة الثامنة

لا شك أن الحادث الأخير الذي شهدته أفغانستان سيلقي بظلاله على المفاوضات التي تجريها حركة طالبان مع مسؤوليين أمريكيين من أجل التوصل لاتفاق سلام دون إشراك الحكومة الأفغانية، حيث أنهى الطرفان مفاوضات الجولة الثامنة الأسبوع الماضي دون الإفصاح عن نتائجها.

كان البيت الأبيض قد أعلن، يوم الجمعة، عن إحراز تقدم في التحضيرات للتوصل لاتفاق سلام  مع حركة طالبان في أفغانستان، لافتًا إلى أن المباحثات بين الرئيس دونالد ترامب وكبار مستشاريه حول الاتفاق تجري “بشكل جيد جدًا”.

من جهة أخرى، حذّر الجنرال ديفيد بتريوس الذي قاد القوات الأمريكية في العراق في مقال في صحيفة “ذا وول ستريت جورنال” أنّه “تحت أي ظرف لا ينبغي أن تكرر إدارة أمريكية الخطأ الذي ارتكبته الإدارة السابقة لها في العراق والموافقة على سحب كامل للقوات القتالية من أفغانستان”.

بينما قالت حركة طالبان: إن الجولة الثامنة من المحادثات الرامية من أجل التوصل لاتفاق سلام، والذي يتيح للولايات المتحدة إنهاء أطول حرب خاضتها وسحب قواتها من أفغانستان انتهت، وإن كلا الجانبين سيتشاور مع زعمائه بشأن الخطوات التالية.

حرب بلا نهاية

تعقد هذه المحادثات في قطر منذ أواخر العام الماضي بين مسؤولين من طالبان والولايات المتحدة، وقد أثارت أمالا بالتوصل لاتفاق يسمح للقوات الأمريكية بالانسحاب مقابل وعد من طالبان بألا تُستخدم أفغانستان قاعدة من قبل المتشددين للتخطيط لشن هجمات منها في الخارج.

ومن المفترض أن يسمح الاتفاق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتحقيق هدفه بإنهاء حرب شكلت مأزقًا بسبب عدم قدرة أي جانب على هزيمة الأخر، بالإضافة إلى تزايد عدد الضحايا في صفوف المدنيين إلى جانب المقاتلين.

كانت حصيلة الأمم المتحدة للعام الماضي، قد أظهرت مقتل 3804 مدنيين على الأقل، بينهم 927 طفلا، جراء الحرب في أفغانستان، فضلًا عن فرار أكثر من 217 ألف شخص من ديارهم بسبب القتال خلال الأشهر السبعة الأولى من 2019، ما زاد الحاجة إلى المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد.

ورغم مؤشرات احتمالية التوصل لاتفاق مع حركة طالبان، هناك مخاوف من التوصل لاتفاق دون التزام الحركة بعدم عقد محادثات لتقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية ووقف إطلاق النار، ما يعني استمرار المتمردين في قتالهم ومن ثم استمرار الحرب وانتشار الفوضى، وهوالأمر الذي قد يستغله تنظيم داعش لتجنيد بعض مقاتلي طالبان وتعزيز صفوفه مرة أخرى.
   

ربما يعجبك أيضا